حبيب غلوم لـ"العين الإخبارية": "218 خلف جدار الصمت" فيلم من الشباب للشباب
يدرك الفنان الإماراتي حبيب غلوم أن أرشيف المبدع يضمن له الخلود في ذاكرة المشاهد، لذا ينتقي أعماله بعناية شديدة، ويتعامل مع الشخصيات التي يقدمها للناس بمنطق الجراح الماهر.
وعندما نتأمل السجل الفني لهذا الرجل نكتشف أنه متعدد المواهب؛ تأليف وإخراج وتمثيل، والفن بالنسبة له رسالة ومسؤولية لا مهنة فقط، لذا أحب الجمهور تجاربه المسرحية والتلفزيونية لأنها من "لحم ودم".
"العين الإخبارية" التقت بالفنان حبيب غلوم الذي انتزع صيحات الإعجاب كثيرا، للحديث عن فيلم "218 خلف جدار الصمت"، وعن المشهد السينمائي في الإمارات.
كيف ترى مشاركتك في فيلم "218 خلف جدار الصمت"، الذي يعد أول فيلم إماراتي من صناعة الجمهور، ضمن مبادرة "التجربة الفنية الإماراتية"؟
التجربة الفنية الإماراتية عرفتنا على الكثير من الطاقات الشبابية في جميع المجالات؛ مثل التصوير والإخراج والتأليف والتمثيل وغيرها، ومن ضمن الأشياء المهمة إسناد العمل للمخرجة نهلة الفهد، الذي حمل الفيلم رؤيتها الفنية.
عن نفسي كممثل أدعم الطاقات الشبابية الإبداعية، وقد يكون هذا السبب الجوهري وراء مشاركتي في الفيلم.
ولكن في البداية دعني أشرح لك مبادرة التجربة الفنية الإماراتية، التي تأتي دعماً للمواهب الصاعدة في الفن السابع، فهي مبادرة عالمية تم تنفيذها في مختلف البلدان حول العالم، وحصلت مدينة الشارقة للإعلام "شمس"، بالتعاون مع شركة "آراب فورمات لاب" الاسم القديم للشركة، على الحقوق الفكرية للمبادرة بغية تنفيذها في الإمارات، لتصبح الدولة الأولى عربياً في تطبيق مشروع يدعم المواهب محلياً وإقليمياً، ويشمل تدريب الأكاديميين أو الهواة على إنتاج فيلم طويل أبطاله من الجمهور، وقصته يكتبها ويخرِجها المشاركون.
ويعتبر فيلم "218 خلف جدار الصمت" أولى التجارب التي خرجت من رحم المبادرة، إذ يتمحور حول العلاقة بين العنف الأسري والسوشال ميديا، وعمل عليه 29 شخصا، كل منهم يكون فريقا يتراوح عدده من 20 : 25 شخصا يعملون في مجال الإخراج والتمثيل والكتابة.
هذه الفرق لا بد من خضوعها للورش التدريبية، وبصفتي عضو اللجنة، تم اختياري كممثل للإشراف على دورة التمثيل، في حين تم اختيار الكاتب محمد حسن أحمد مشرفا على ورش الكتابة، والمخرجة نهلة الفهد على ورش الإخراج، وأعضاء اللجنة الآخرين يتابعون القدرات الفنية المختلفة وأعمالهم.
تضع اللجنة فكرة العمل، التي لا بد أن تمس الشباب، لذلك ركزنا على السوشيال ميديا في الفيلم، ويتم إعطاء الفكرة للمنتسبين للأكاديمية لتنفيذها، وتم تقسيم الفيلم على 7 مراحل، تمتد كل مرحلة منها 10 دقائق، وفي المرحلة السابعة والأخيرة يختار كل فريق نهاية خاصة بفيلمه على أن تكون مختلفة عن الفرق الأخرى.
ثم جرى بعد ذلك توزيع جوائز "الأفضل" على غرار المهرجانات السينمائية الكبرى، كجائزة أفضل مخرج، وأفضل ممثل، وأفضل كاتب، وكل من شارك في بطولة الفيلم.
من ثوابتك الفنية التي صرحت بها أن "المسرح والتلفزيون والسينما هي عين المجتمع ولسان حاله"، فهل كان هذا سببا جوهريا وراء مشاركتك في فيلم من صنع الجمهور؟
نحن في النهاية نقدم أفلاما للناس وللمجتمع وليس لنا أو لأهالينا فقط، فهي مسؤولية مجتمعية قمت بتبنيها منذ أن وطأت قدماي مجال الفن، وبحكم تدرجي في وزارة الثقافة والإعلام سابقا والمسؤولية التي حملتها على عاتقي طوال فترة عملي بالوزارة تحتم عليّ ذلك في مجال عملي كممثل، لأن المسؤولية المجتمعية مهمة للفنان، ونحن في دولة الإمارات حريصون على إظهار هذا المجتمع بشكل طيب، لأن بلدنا يدعو إلى تمكين الشباب وإتاحة الفرصة لهم.
حبيب غلوم اسم كبير ولامع في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي، ولك إسهامات ملموسة في المسرح والتلفزيون، فما الانطباع الأول الذي شعرت به فور قراءة السيناريو؟
انطباعي الأول وصلني قبل قراءة السيناريو بعام كامل، منذ وافقت على المشاركة في المبادرة، لأنها تمس الشباب، ولا ننسى أنه يخص جهة حكومية في الشارقة تعتبر منارة الثقافة والفنون والآداب في الامارات والوطن العربي كله.
فعندما علمت أن إدارة ثقافية مثل الشارقة للإعلام "شمس" تيقنت أننا سنصنع عملا فنيا رائعا، فالتجربة هنا لا تتوقف على صناعة فيلم وتنتهي، إذ نشارك في التوابع لهذه التجربة، لأن الجهة المعنية المعنية بالتجربة مجبرة أن تتابع الطاقات الإبداعية وتقدم لهم سبل الدعم على مدار السنوات المقبلة، خاصة في مجال السينما الذي ينبض بالحيوية وهو الأكثر حظا للشباب لأنه يستوعب طاقات شبابية كبيرة.
الفيلم يطرح قضية العنف الأسري، فهل ترى أن السينما الإماراتية تأخرت في التطرق لهذه النوعية من القضايا مقارنة بنظرائها العربية؟
قضية العنف الأسري فكرة محمد حسن أحمد، ولاقت إعجابنا كثيرا لأننا نبحث عن قضية للسوشيال ميديا، وهذه النوعية من القضايا تجذب الشباب.
وفي الفيلم يتم طرح القضية من خلال سيدتين واحدة تشارك متابعيها على السوشيال ذكرياتها الجميلة مع والدتها، والأخرى تسخر الوسيلة نفسها للعنف، وهذا يظهر أهمية استيعاب الطريقة المثلى لاستخدام السوشيال ميديا في الجانب الإيجابي عن السلبي.
ما القضايا المهموم بها حبيب غلوم؟
أرى ضرورة للاهتمام بقضايانا الاجتماعية الخاصة، وهي قضايا متعددة وكثيرة، والأهم أن نقدمها بأفكار جديدة ورؤى مختلفة.
الفيلم يركز على ظاهرة العنف الأسري وعلاقته بالسوشيال ميديا.. هل سنرى دورا ملموسا للمنصات الاجتماعية في هذه النوعية من القضايا؟
يجب على المنصات الاجتماعية المختلفة التركيز على هذه النوعية من القضايا، وأتصور أنهم شغوفون بذلك، ولكن قبل أن نوصي المنصات المختلفة، يجب أن نوصي أولا القنوات التلفزيونية لإجراء تغيير جذري في طرح القضايا بشكل أعمق وأكبر من السابق.
هل أثرت تجربة التصوير في ظل الإجراءات الاحترازية المشددة لمواجهة كورونا على الفيلم، خاصة أنه يضم مشاهد تتطلب تجمعات؟
تصوير الفيلم تأثر كثيرا بتفشي كورونا، لأن انتشار الفيروس ترك أثره على نفسيتنا أثناء التصوير، وفي النهاية نرجو من الله أن يرفع البلاء.
الفيلم بطولة نسائية، فهل يكون هذا نقطة تحول في مسيرة السينما الإماراتية؟
أي جهد مبذول يشكل تحولا كبيرا في مسيرة السينما الإماراتية، وأعتقد أنه فرصة كبيرة لزميلتي الفنانة أمل محمد، وأتصور أن الفيلم تجربة تُحسب ضمن التجارب المهمة في الإمارات، لأن تنفيذه تم على أسس صحيحة، وكل من حضر الفيلم أشاد بالتجربة.
حققت السينما الإماراتية قفزة واضحة في السنوات الأخيرة بفضل جهود صناع السينما الإماراتيين والجهات والمؤسسات الثقافية المعنية.. هل ترى أن السينما الإماراتية استطاعت أن تحقق الانتشار المطلوب في الساحة المحلية والخليجية والعربية؟
الموضوع ليس بكثرة الأفلام، وإنما بجديتها ونوعيتها وجودتها من حيث التصوير والإخراج والإنتاج والتأليف، السينما الإماراتية لا تنافس، لا نزال في البدايات، نحن نعتمد على التصوير الفيديو أكثر من التصوير السينمائي، وأتصور أنه إشكالية، خاصة إذا كنا نتحدث عن صناعة سينمائية حقيقية.
حدثنا عن تأثير كورونا على المشهد الفني بشكل عام؟
الجائحة تؤثر بشكل سلبي على الإبداع بشكل عام، خاصة الأعمال التي تستوجب تجمعات، نتمني من الله أن يرفع البلاء لاستئناف نشاطنا الفني.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuNDcg جزيرة ام اند امز