بالصور.. إنعام كجه جي تجمع الكتاب العرب في لقاء وديع
فيلم "هدية وديع إلى سلمى" يتناول قصة إهداء الأديب والصحفي والمترجم المصري القدير وديع فلسطين لمكتبته كاملة إلى تلميذته سلمى مرشاق.
تحوّل عرض الفيلم التسجيلي "هدية وديع إلى سلمى" في بيت السناري الأثري بالعاصمة المصرية القاهرة، الإثنين، إلى ملتقى جمع بين كبار أدباء ومثقفي العالم العربي.
الفيلم من إعداد وإخراج الكاتبة والأديبة العراقية إنعام كجه جي، التي حضرت إلى القاهرة لعرضه للمرة الأولى، وهو عن قصة إهداء الأديب والصحفي والمترجم المصري القدير وديع فلسطين لمكتبته كاملة إلى تلميذته سلمى مرشاق، في مرور على التفاصيل الإنسانية لقصة انتقال تلك المكتبة العامرة من القاهرة إلى بيروت.
عبرت كجه جي بالكاميرا بين بيتي وديع فلسطين وسلمى مرشاق، لتسجل على لسان كل منهما أطراف قصة هذا الإهداء، ورصد امتداد حالة المحبة والصداقة التي كانت ثمرتها انتقال مكتبة تضم مُراسلات وديع فلسطين القيّمة وكتبه.
وحرص العديد من المثقفين من العالم العربي على حضور عرض الفيلم، وكان من اللافت اجتماع 3 من المرشحين لجائزة البوكر لعام 2019، وهما إنعام كجه جي المرشحة عن روايتها "النبيذة"، واللبنانية هدى بركات، المرشحة عن روايتها "بريد الليل"، والمصري الدكتور إيمان يحيى، المرشح عن روايته "الزوجة المكسيكية".
كان من بين الحضور الكاتبة والناشرة اللبنانية رشا الأمير، وهي ابنة سلمى مرشاق بطلة الفيلم، والكاتبة السورية مها حسن، والكاتب السعودي يحيي امقاسم، والكاتبة العراقية بثينة الناصري، والكاتب السوداني حمور زيادة، ومن مصر حضر من الكُتاب والروائيين نعيم صبري، والدكتور محمد المخزنجي، وعزت القمحاوي ومنتصر القفاش ومحمود الورداني، كما حضر المخرج المصري يسري نصر الله، والمخرجة الفلسطينية ليالي بدر، بالإضافة لعدد من النقاد والكُتاب الصحفيين منهم الدكتور صبري حافظ، والدكتورة فريال غزول، ومحمد ماهر بسيوني ومنى أنيس، والناشرة كرم يوسف، والكاتبة سمر نور، ومنحة بطراوي وسهير فهمي وجيهان العلايلي.
وقدمت الكتابة العراقية إنعام كجه جي كلمة قبل عرض الفيلم، مؤكدة: "أنا لست سينمائية"، إنما قادها لصناعة هذا الفيلم إلقاء الضوء على حالة الصداقة التي جمعت بين وديع فلسطين وسلمى مرشاق باعتبارهما "شخصيات تضرب في القلب، بما يجعل الفيلم يُلقي بصيصا على هذه النفوس الواسعة، وعُشاق الكتب والتواصل الإنساني"، على حد تعبيرها.
وأضافت كجه جي أن مكتبة وديع فلسطين تضم إلى جانب الكتب قُصاصات ومُراسلات ضخمة، وقالت: "كان يُراسل 80% من الأدباء سواء في بلادهم أو في المهجر، وكان يقتطع قُصاصات من الصحف المصرية كان يظن أنها ستُفيد صديقته سلمى".
وأثار عرض الفيلم انفعال الحضور وثناءهم على الحضور الإنساني الرقيق لرواية واقعة إهداء المكتبة، وعلقت كجه جي من جديد بعد عرضه على قيمة "المراسلات" قائلة: "من أجمل متاحف فرنسا متحف صغير في بولفار سان جيرمان للمُراسلات، يجئ إليه مئات من السائحين حول العالم للاطلاع على الرسائل التي يضمها، منها رسائل لشارل دي جول، ورسائل لكبار الكتاب والشعراء، إلى رسالة كتبها أحد المجرمين إلى حبيبته قبل ذهابه إلى المقصلة".
وأضافت: "أتمنى لو لدينا متحف للمراسلات في عالمنا العربي يضم رسائل لنزار قباني وطه حسين، وغيرهم الآلاف".
وفي نهاية كلمتها قالت: "صنعت هذا الفيلم في حب الكتابة، وأنا أتذكر زملائي الأدباء العراقيين الذين كان أول ما باعوه في سنوات الضيق هي كتبهم".
الكاتبة اللبنانية وصاحبة دار "الجديد"رشا الأمير، قدمت قراءة لإهداء وديع فلسطين لوالدتها سلمى مرشاق، من زاوية "الذاكرة"، وقالت: "إننا نعاني في بلادنا بشكل عام من حالة الذاكرة المثقوبة، ما يجعل الاعتناء بالمقتنيات والرسائل والكتب مهمة لمواجهة هذا الهدر".
وأكدت في ردها على تساؤلات الحضور بكيفية وصول الباحثين إلى مكتبة وديع فلسطين بعد أن صار مقرها بيروت، بأن المسألة الجغرافية لم تعد مشكلة بسبب الإتاحة التكنولوجية في مجال التواصل اليوم، التي تجعل إرسال ما يحتاجه الباحثون في أي مكان في العالم للاطلاع على وثائق أو مراسلات تخص وديع فلسطين مُيسرة.
والتقط المخرج المصري يسري نصر الله الخيط تعليقاً على فكرة "الذاكرة" التي طرحها الفيلم، وكذلك الاحتفاظ بالأشياء الثمينة لدى أهل المحبة والثقة، مؤكدا أن اعتناء أسرة مرشاق بمكتبة وديع فلسطين تكفل الحفاظ عليها وإتاحتها للمهتمين من الباحثين عند الحاجة.
وعرّج الدكتور إيمان يحيى في كلمته على "المعاناة" التي يمر بها الباحثون كثيراً من أجل الوصول إلى الوثائق والمُراسلات التي تكفي مهمتهم البحثية، وضرب مثلاً على ذلك بالرحلة البحثية التي قادها عند كتابته لروايته الأخيرة "الزوجة المكسيكية".
واعتبر الناقد المصري صبري حافظ أن الذاكرة هي المحرك الأساسي للمعرفة، بدونها لا تقوم معرفة على أسس صلبة، مُؤكداً على أهمية تكريس دور الأرشيف والمكتبة، وإتاحة موادها بشكل أكثر إحكاما من خلال "الرقمنة".
وفي هذا الصدد تحدث أيمن منصور، مدير بيت السناري الأثري، عن مشروع "الرقمنة" الذي يقدمه مشروع "ذاكرة مصر" في مكتبة الإسكندرية، الذي بدأ منذ عام 2004، من خلال رعاية الوثائق الخاصة والرسمية للعديد من الشخصيات المهمة مثل طه حسين وجمال حمدان، وأكد أنه قام بالتواصل مع وديع فلسطين من قبل، لكنه التقاه عقب إهدائه مكتبته لدار "الجديد" ببيروت.
وإلى جانب الحديث عن ثيمة "الذاكرة" التي طرحها "هدية وديع إلى سلمى"، أرسل الحضور كلمات محبة للكاتبة إنعام كجه جي، من بينها كلمة خاصة وجهتها لها الكاتبة السورية مها حسن، مؤكدة على موهبة "الحكي" لدى إنعام كجه جي التي لا تقتصر فقط على الصحافة والأدب إنما تُمررها في كل حياتها.
كما انتقل الدكتور محمد المخزنجي إلى حديث خاص عن "المشاعر" التي حفل بها فيلم "هدية وديع إلى سلمى"، لافتاً إلى العذوبة التي تناولت بها كجه جي هذه الحالة الإنسانية، ووصف اختيارها لتقديم هذا الفيلم بـ"الدوافع النبيلة للكاتب المبدع"، وقال: "أنا مُولع بقراءة أدب إنعام كجه جي وأعتبرها كاتبي المفضل، من حيث بناء الرواية واللغة، وأعتبر أن تناولها للواقع العراقي في أدبها كأنه مطر نقي يغسل العواصف الترابية في عالمنا العربي".
وتزامن عرض فيلم "هدية وديع إلى سلمى" مع معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تستمر فعالياته حتى 5 فبراير شباط المقبل.