سياسة
حفتر والشرعية الإقليمية.. 3 جولات مكوكية ورابعة في الطريق
الـ3 أشهر الماضية شهدت زيارات مكوكية لافتة لحفتر بدأت بالجزائر ثم مصر توسطتها جولة لحفتر على متن حاملة طائرة روسية في البحر المتوسط
شهدت الـ3 أشهر الماضية، زيارات مكوكية لافتة للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، بدأت بالجزائر ثم مصر، توسطتها جولة لحفتر على متن حاملة طائرة روسية في البحر المتوسط، دون أن تنتهي قائمة الدول المحتمل أن تكون الوجهة المقبلة لأحد أهم رموز المعادلة السياسية والعسكرية في ليبيا.
وتعكس أصداء هذه الزيارات، اكتساب حفتر شرعية إقليمية، من شأنها أن تمهد الطريق نحو استكمال الاتفاق المصري بشأن الأزمة الليبية، والذي اعتبره مراقبون في أحاديث سابقة لبوابة "العين" الإخبارية بمثابة نواة لاتفاق من شأنه إنهاء الأزمة المتفاقمة منذ قرابة 6 سنوات.
والإثنين الماضي، استقبلت العاصمة المصرية، المشير خليفة حفتر، في الوقت الذي استقبلت فيه رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، لتنعقد في أعقابها لقاءات غير مباشرة أسفرت عن توافق الأطراف على عدد من الثوابت الوطنية لحقن دماء الشعب الليبي، سعياً لحل للأزمة قائم على 4 خطوات.
واعتبر مراقبون أن لقاء حفتر والسراج بوساطة مصرية، "انفراجة في الوقت الضائع"؛ نظراً للتطورات التي طرأت على المشهد الليبي منذ أواخر العام الماضي وأوائل العام الجاري، حيث تم الاتفاق على مراجعة تشكيل وصلاحيات المجلس الرئاسي -يقوده السراج منذ نحو عام بعد اتفاق الصخيرات الأممي- ومنصب القائد الأعلى للجيش الليبي واختصاصاته، وتوسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة.
وبعيداً عن الاتفاق المصري، أظهرت تصريحات للمشير حفتر، أثناء مقابلة مع برنامج "بتوقيت القاهرة"، المذاع على قناة أون لايف، توافقاً بينه وبين الرئيس السيسي، بشأن مكافحة الإرهاب؛ إذ كشف حفتر عن طرد بعض من ثبت انتماؤهم لجماعة الإخوان المسلمين، مشيداً بالدور الذي لعبه الرئيس المصري في القضاء على الإخوان بقوله: "يد السيسي ظهرت فى وقتها للقضاء على الإخوان".
وقال المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري، لبوابة "العين" الإخبارية، إن الجيش الوطني الليبي يتبنى استراتيجية واضحة في التعامل مع كل من يرغب في الانتساب للمؤسسة العسكرية، وهي التأكد من عدم الانتماء لأي من المنظمات الإرهابية، سواء الإخوان أو غيرها من الجماعات التي تتخفى تحت أسماء أخرى، كاشفاً عن أنه تم بالفعل استبعاد العشرات (لم يتجاوز العدد 1000 شخص) من بين صفوف المنتسبين.
وأضاف المسماري أن "زيارة قائد الجيش الليبي للعاصمة المصرية ليست بهدف اكتساب شرعية دولية، غير أن هذه الشرعية يكتسبها من اختياره الدفاع عن وطنه، ضد الإرهاب"، موضحاً أن الزيارة كانت استجابة لدعوة بلد شقيق، يعمل على رسم اتفاق من شأنه إنهاء الأزمة في ليبيا.
متفقا معه، قال الرائد محمد حجازي، الخبير الليبي في الشؤون العسكرية، لبوابة "العين" الإخبارية، إن زيارة حفتر للقاهرة تعكس أنه حان الوقت للدولة المصرية أن تجني ثمار توافقها مع ليبيا ضد الجماعات المتطرفة، لافتاً إلى أن محاولة جمع الأطراف المتنازعة بمثابة نجاح للطرفين مصر وليبيا.
ويرفض حجازي، والذي كان يشغل منصب الناطق السابق باسم قوات "حفتر"، الحديث عن الشرعية الدولية، أو الأرض الجديدة التي يكتسبها حفتر، معتبراً أن هذه الخطوة قد حظى بها حفتر منذ فترة طويلة، غير أن الاستمرار في هذه الزيارات الدولية يكون بهدف التنسيق، ورغبة هذه الدول الغربية في العمل لمصلحتها.
وبخلاف زيارة حفتر لمصر، والتي خلفت دوياً دولياً خاصة بعد الاتفاق المصري، الذي حدد بدوره موعداً لإجراء انتخابات برلمانية يعقبها رئاسية مع مطلع عام 2018، فكانت لزيارة حفتر للجزائر في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، صدى آخر.
هذا الصدى تمثل في الجدل الذي أثارته الزيارة، بشأن ظهور حفتر بزيه المدني خلال اللقاءات الرسمية؛ حيث أرجعتها تقارير إعلامية إلى رغبة الجانب الجزائري التعامل مع حفتر باعتباره طرفاً في المعادلة الليبية دون أن تتدخل في الخصومة بينه وبين المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فايز سراج، وهي الخصومة الممتدة منذ اتفاق الصخيرات الموقّع في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015.
وعقب زيارة الجزائر، وتحديداً في 11 يناير/كانون الثان الماضي، زار خليفة حفتر حاملة طائرات روسية في البحر المتوسط، وهو ما فسرته وسائل إعلام روسية بأنه إظهار لدعم الكرملين لحفتر، فيما فسره مراقبون دوليون بأنه محاولة روسية لكسب ود حفتر والتعويل عليه، بخلاف الجزائر كرجل قوي قد تحسب المعادلة السياسية لصالحه في المستقبل.
واستقبل حفتر على متن حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف خلال عودتها من الساحل قبالة سوريا -حيث كانت تشارك في عمليات- إلى روسيا عبر البحر المتوسط، وأخذ ضباط الحاملة حفتر في جولة فيها، ثم تحدث مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بشأن مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
ويبدو أن الشرعية التي تتسع رقعتها لحفتر يوماً بعد يوم، تمتد إلى دول الجوار أيضاً، والتي تتصل بصورة مباشرة بالأزمة الليبية من حيث التأثر بتطوراتها، فأعلنت الخارجية التونسية عن زيارة قريبة للمشير خليفة حفتر إلى تونس، وذلك في إطار إيجاد حل للأزمة الليبية.