«ثورة العصابات» تصل إلى محطة الحكم الانتقالي في هايتي.. هل يعود الاستقرار؟
بعد قرابة 3 أشهر مما عرف بـ«ثورة العصابات»، شكّل مجلس رئاسي انتقالي في هايتي، اليوم السبت، على أمل إعادة الاستقرار لإحدى أفقر الدول.
وأتى تشكيل المجلس بعد شهر على إعلان استقالة رئيس الوزراء أرييل هنري، إثر سيطرة العصابات على مفاصل رئيسية في الدولة، ومؤسسات للحكم خصوصا في العاصمة بور أو برنس.
وسيكون على المجلس إعادة إرساء النظام والاستقرار، في بلد يواجه أعمال عنف تمارسها عصابات، وقد صُدق عليه رسميا بمرسوم وقعه هنري ونشر في الجريدة الرسمية.
مهام أساسية
وينتهي تفويض المجلس في 7 فبراير/شباط 2026 على أبعد تقدير، وفق النص، كما يتعين على أعضائه أن "يسارعوا" إلى تعيين رئيس جديد للوزراء، وأن يشكلوا حكومة "جامعة".
وسيكون المجلس مسؤولا عن المساعدة في وضع جدول أعمال الحكومة الجديدة، وسيقوم بتعيين أعضاء لتشكيل مجلس انتخابي مؤقت، وهو أمر ضروري قبل إجراء الانتخابات، وفق تقرير لإذاعة "فويس أوف أمريكا" الأمريكية.
كما سيتم إنشاء مجلس للأمن القومي، لم يتم تحديد مسؤولياته بعد، علما أن المجلس الانتقالي لم يتسلم رسميا مقاليد حكم البلاد، وأن هنري سيقدّم استقالة حكومته بعد تعيين رئيس جديد للوزراء.
ومن الواضح أيضا أن إحدى الأولويات الأولى للمجلس الرئاسي، ستكون معالجة الوضع الأمني على وجه السرعة، حتى يتمكن الهايتيون من ممارسة حياتهم اليومية بطريقة طبيعية، والوصول بأمان إلى الغذاء والماء والخدمات الطبية، ويمكن للأطفال العودة إلى المدارس، ويمكن للنساء التحرك دون خوف من الانتهاكات المروعة.
تكوين المجلس
ويتألف المجلس من 9 أعضاء يمثلون الأحزاب السياسية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، و7 منهم يحق لهم التصويت إلى جانب 2 من المراقبين، وفق اتفاق تشكيله.
وتعاني هايتي منذ سنوات من عدم الاستقرار السياسي والجريمة، ولم تُجرَ أي انتخابات فيها منذ عام 2016.
وتفاقم الوضع منذ أواخر فبراير/شباط، عندما هاجمت عصابات مسلحة مراكز الشرطة والسجون والمقار الحكومية، وأجبرت ميناء العاصمة بور أو برنس ومطارها على الإغلاق وسط موجة أعمال عنف مناهضة لرئيس الوزراء.
نشاط العصابات
وفقا لتقديرات الخبراء، تنشط نحو 200 عصابة في هايتي، 20 منها تقريبا في العاصمة، وتتراوح بين مجموعات صغيرة مكونة من بضع عشرات من الشباب يحملون المسدسات، إلى جماعات تتألف من نحو 1500 رجل يتقاضون رواتب أسبوعية ويمتلكون أسلحة آلية وينتمون إلى منظمات هرمية مع رؤسائها.
ويسيطر اتحادان رئيسيان للعصابات، وهما اتحاد "جي-بيب" وعائلة "جي-9"، على عديد من أفقر الأحياء في العاصمة، فيما تتواطأ الجماعات الإجرامية وحلفاؤها في بعض الأحيان، وإن كانت تتصادم معا كثيرا.
وقد ارتبطت هذه المجموعات تاريخيا بالأحزاب السياسية، إذ تنتمي مجموعة "جي-9" إلى حزب "تيت كالي" الحاكم في هايتي، في حين تميل مجموعة "جي-بيب" إلى دعم أحزاب المعارضة.
وتسيطر مجموعة التسع وحلفاؤها، إلى حد كبير، على الموانئ والطرق المحيطة بالمطار الرئيسي في البلاد، ويكاد يكون من المستحيل تقريبا السفر من العاصمة إلى المدن الشمالية، بسبب سيطرة العصابات على الطريق السريع الذي يربط بين الشمال والجنوب.
ويرى مراقبون أن تشكيل المجلس الانتقالي خطوة إيجابية، إلا أن الشكوك لا تزال قائمة بشأن تحقيق استقرار طويل الأمد، في ظل القوة التي تتمتع بها العصابات، وقدرتها على الإطاحة بالنظام.