تركيا تنظر في ترحيل حاكم المطيري.. الأرض تضيق على «الإخوان»
تنظيم ضاقت عليه الأرض بما رحبت، ففشلت أبواقه الإعلامية وأذنابه الإلكترونية في إيجاد موطئ قدم، وملاذ آمن لقياداته الذين باتوا يتساقطون يوما تلو الآخر.
آخر تلك القيادات حاكم المطيري، ذلك الذي «خان بلاده»، وسعى في الأرض فسادا بالاتفاق مع حاكم دولة أخرى، لتصدير الفوضى الخلاقة إلى دول الخليج، إلا أن سهام تدابيره رُدت في صدره، فبات وإخوانه محاصرين في تركيا، التي ضيقت الخناق عليهم، ووضعتهم تحت المجهر، في إطار تطوير علاقاتها مع دول الخليج ومصر.
وما إن سقط المطيري في قبضة الأمن التركي حتى صاح إخوانه وأطلقوا أذرعتهم الإعلامية، في رقصة الديك المذبوح، أملا في إنقاذ ملاذهم الأخير من الضياع، ومحاولة إصلاح ما أفسدته أياديهم وذبابهم الإلكتروني فعمدوا إلى المناورة أسلوبا، وإلى الخداع طريقا، لاستجداء عطف السلطات التركية، والمتعاطفين معهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
فهل نجحت مناورتهم؟
في تغريدة عبر منصة «إكس» (تويتر سابقًا) -حُذفت لاحقا-، أعلن الحساب الرسمي لحاكم المطيري أن السلطات التركية ألغت قرار اعتقال الإخواني ورئيس حزب الأمة الكويتي (غير المعترف به)، إلا أن المحكمة لا تزال تنظر في قرار ترحيله.
تلك التغريدة التي سارع الحساب الرسمي في حذفها، جاءت وسط تقارير تفيد بأن ما تضمنته من معلومات لم يكن دقيقا، ما يعني أنها استمرار لحالة الشتات والتيه التي بات يعاني منها تنظيم الإخوان، والتي أكد مراقبون أن 2024 لن يكون عام الخلاص منها.
لكن ما مصير الإخوان بتركيا؟
يقول الكاتب والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي هشام النجار، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن تنظيم الإخوان فقد إلى حد بعيد دعمه والغطاء السياسي والإعلامي الذي كان يتلحف به، من قبل أقوى وأهم حلفائه الإقليميين.
وأوضح الخبير، في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن تنظيم الإخوان خسر أبرز ملاذاته الآمنة، مشيرا إلى أن استمراره في أنقرة بات محفوفا بالخطر، فيما انتقاله إلى ملاذ بديل أصبح يحول دونه الكثير من العقبات.
وحول توقيت إلقاء السلطات التركية القبض على المطيري، قال الخبير المصري إن المرحلة الحالية بشأن علاقة أنقرة بأذرع الإخوان مختلفة والشواهد واضحة ومتعددة «فما يهم الحكومة التركية في المقام الأول هو تصويب أخطاء السياسة الخارجية السابقة، وتأسيس علاقات مع الدول الوازنة في الإقليم، بما يحقق الحد المطلوب من المصالح التركية من خلال الندية والتعاون والمصالح المتبادلة مع الدول».
وأُدرج المطيري على قائمة الإرهاب التي أعلنتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين عام 2017، بوصفه أحد داعمي الإرهاب.
في السياق نفسه، يقول الخبير السياسي التركي الدكتور طه عودة أوغلو، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن عملية اعتقال المطيري كانت لافتة للغاية، خاصة أنه كان يمكث في تركيا منذ أكثر من عقد.
وأوضح الخبير السياسي أن السياسة التركية باتت لا تسمح للمعارضين بالبقاء على أراضيها، مشيرا إلى أن أنقرة لن تسمح بأن تكون أراضيها منصة للهجوم على أي بلد عربي.
وبحسب أوغلو فإن تحرك السلطات التركية ضد المطيري يأتي ضمن سياستها بتسوية الكثير من الملفات المتشابكة مع الدول العربية، وتعزيز وتطوير العلاقات معها.
وبسؤاله عن إمكانية تسليم المطيري للسلطات التركية، أجاب أوغلو «هناك عقبة قانونية وراء عدم تسليم المطيري، فرغم وجود اتفاقية بين تركيا والكويت موقعة في عام 2020، حول تسليم وتبادل المطلوبين لكن تطبيقها من الجانب التركي يتعارض مع التزامات أنقرة بقوانين مجلس أوروبا، خاصة أنها عضو بها، وهو أمر تشرف عليه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان».
لماذا يحاكم المطيري؟
وكانت محكمة الجنايات الكويتية قضت في أبريل/نيسان 2021 بالسجن المؤبد على حاكم المطيري، في القضية المعروفة إعلاميا باسم «تسريبات القذافي».
الحكم على المطيري جاء بعد قرابة عام من انتشار تسريبات من خيمة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بينها مقطع مسجل للإخواني المطيري، وهو يطلب الدعم المالي من أجل بث القلاقل والاضطرابات في بلاده.
وفي عام 2020 انتشرت تسريبات سرية من خيمة الزعيم الليبي الراحل، عرفت فيما بعد بـ«تسريبات الخيمة»، بينها مقطع مسجل للإخواني المطيري، يطلب فيه الدعم المالي معمر القذافي، من أجل بث القلاقل والاضطرابات في بلاده.
أحد هذه التسريبات كشف عن عرض قدمه المطيري إلى القذافي، بهدف زعزعة الوضع في دول الخليج، زاعما قدرته على استخدام القبائل في ذلك.
وبحسب المقطع الصوتي فإن المطيري، الذي طلب الدعم من القذافي لإسقاط أنظمة الحكم في السعودية والكويت، تحدث عن مزاعم -يراها هو- بشأن رغبة المجتمعات في تغيير الواقع، وتغيير الأسر الحاكمة في السعودية والكويت.
تسريب جاء بعد أيام من آخر كشف عن "تآمر" المطيري مع الزعيم الليبي الراحل، بهدف نشر "الفوضى الخلاقة"، في عدد من دول الخليج، بينها الكويت والسعودية والبحرين، و«استغلال الأوضاع في العراق والاستعانة بالمتطرفين وتأسيس جناح سري».
وضيقت أنقرة خلال الأشهر الماضية الخناق على تنظيم الإخوان وعناصره الموجودين على أراضيها، في إطار تطبيع العلاقات مع مصر ودول المنطقة.
وكانت السلطات التركية شنت في وقت سابق حملة مداهمات على عناصر الإخوان المقيمين على أراضيها، واحتجزت فريقًا منهم، ممن لا يحملون أية هوية أو إقامة أو جنسية، وطالبت فريقا ثانيا منهم بمغادرة أراضيها.
وهي القيود التي دفعت إعلاميين محسوبين على تنظيم الإخوان إلى مغادرة تركيا لوجهات مختلفة، بحثا عن ملاذ آمن، بعد أن أصبحوا غير مرحب بهم في أنقرة، التي هددت من يشب عن الطوق منهم، بالمغادرة والترحيل من البلاد.
aXA6IDMuMTQyLjk4LjExMSA= جزيرة ام اند امز