خبراء: مطالبة حماس باستقالة الحكومة استباق لجهود القاهرة
الكاتب هاني حبيب قال إن غالبية الفصائل بغزة متفقة على ضرورة إنهاء الإجراءات المتخذة ضد القطاع والتي مست الجميع.
في خطوة تستبق نتائج اللقاءات العاجلة التي دعت لها القاهرة، رفعت حركة حماس سقف مطالبها، حيث طالبت الحكومة بإزالتها أو تقديم استقالتها، ما رأى فيها خبراء خطوة تصعيدية لفرض مسار معين على ملف المصالحة المتعثر.
فبعد ساعات من وصول وفدين قياديين من حماس وفتح إلى القاهرة، بدعوة مصرية مفاجئة، ليل الجمعة، طالبت حماس، في بيان لها، السبت، حكومة الوفاق "القيام بواجباتها ومسؤولياتها كاملة وفي مقدمتها رفع العقوبات الظالمة عن شعبنا في غزة" أو تقديم استقالتها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.
الحكومة ترد
ولم يتأخر رد الحكومة الفلسطينية كثيراً، فوصفت على لسان الناطق باسمها يوسف المحمود، تصريحات حماس بأنها "غير مسؤولة"، مؤكدة أن هذه التصريحات تحمل التضليل وعدم المصداقية وهي نسف لجميع جهود إنهاء الانقسام.
وقال المحمود، في بيان صحفي، تلقت "بوابة العين" نسخة منه، إن تصريحات حماس- للأسف الشديد- تعتبر تراجعاً واضحاً عن المصالحة الوطنية، وتعد نسفاً لجميع الجهود المبذولة من أجل إنهاء الانقسام الأسود؛ للتمكن من إنهاء معاناة أبناء شعبنا البطل في قطاع غزة.
وأضاف المحمود أن حكومة الوفاق الوطني تستهجن وتستغرب هذه الحملة المفاجئة الجديدة، التي شنتها حماس لتطال الجهود الوطنية المخلصة المتفق عليها لإرساء أسس المصالحة، التي تبذلها الأطراف الوطنية والعربية الشقيقة وعلى رأسها دولة مصر التي تعمل وتتابع في الميدان من أجل إنجاح المصالحة.
إشكاليات عميقة
وقال هاني حبيب، الكاتب والمحلل السياسي، إنه: "من الواضح أن هناك إشكاليات عميقة في ملف تمكين الحكومة، ورغم أن الطرفين اتفقا على تأجيل ذلك 10 أيام، إلا أنه يبدو أن صعوبة الملفات بقيت حاضرة ومعطلة لإمكانية حلها، رغم الجهد المصري الكبير".
وأضاف لـ"بوابة العين" الإخبارية أن "حماس" تريد أن تكون شريكاً في القرار الوطني مباشرة، أما حركة "فتح" فتريد تمكين الحكومة وإتمام عملية التسليم والتسلم بشكل كامل، وبالتالي بات لدينا أولويتان مختلفتان".
وتقول حركة حماس إن الحكومة تسلمت كل مسؤولياتها في الوزارات بشكل كامل في قطاع غزة، بينما تؤكد حركة فتح والحكومة أن نسبة تمكنها لم تتجاوز 5% في ظل غياب مسؤوليتها عن الأمن، ووجود مرجعيات أخرى للوزارات والهيئات الحكومية.
وأشار حبيب إلى أن غالبية الفصائل بغزة متفقة على ضرورة إنهاء الإجراءات المتخذة ضد القطاع، والتي مست الجميع، لذلك هناك مطالبة جدية للحكومة برفعها.
وفي هذا الصدد أكد حبيب أن الأمور على أرض الواقع تشير إلى أن لجنة حماس الإدارية تعمل على أرض الواقع رغم حلها رسمياً، وظهر ذلك جلياً بمنع الموظفين من العودة لأماكن عملهم، في إشارة إلى الأزمة التي حدثت الأربعاء الماضي.
وفرضت السلطة الفلسطينية في إبريل/نيسان الماضي، سلسلة إجراءات اشتملت على تخفيض تمويل كهرباء غزة بنسبة 30% وخصم على رواتب الموظفين بالنسبة نفسها، وإحالة آلاف الموظفين بغزة للتقاعد، وتقليص التحويلات الطبية والأدوية المخصصة لغزة.
وتقول حركة فتح إن هذه الإجراءات لا تمس الشعب الفلسطيني، ولكنها تستهدف حركة حماس لدفعها إلى العودة عن انقلابها وسيطرتها على قطاع غزة المستمرة منذ عام 2007.
ورأى حبيب أن ما يجري هو تصعيد للمواقف بين يدي انفراجة متوقعة، مشدداً على أن القاهرة تبدو مصممة على إيجاد حلول لهذه الأزمة.
تصعيد محسوب
واتفق الدكتور صادق أمين مع حبيب، بأن ما يجري في هذه المرحلة هو تصعيد في المواقف، ومحاولة تحقيق مكاسب وفرض وقائع، بين يدي تفاهمات يمكن أن يتنازل فيها الطرفان لإنقاذ ملف المصالحة الذي بات بوابة مهمة لإنجاز الصفقة التاريخية.
وقال أمين لـ"بوابة العين": إن "حالة التجاذب الحالية لا تخدم أحداً، لا التصعيد في التصريحات الذي ظهر من بعض قيادات فتح في الأيام الماضية، ولا هذه المواقف المتشنجة من حماس، ولا العراقيل أمام عمل الحكومة وتمكينها، يمكن أن يجدي ويفيد، ولابد أن ينطلق الجميع من المصلحة الوطنية ويتنازل لمصلحة الوطن".
وعبّر عن خشيته أن تؤدي هذه المواقف التصعيدية لإفشال هذا الجهد لإنهاء الانقسام، مستدركاً بأن الجهد المصري بإمكانه أن يحقق أثراً بالضغط على الطرفين لدفعهما نحو الرضوخ لتلبية نداء الشعب الفلسطيني وتطلعه للوحدة وإنهاء الانقسام.
ولم يصدر تعقيب سريع من الحكومة على بيان حماس، لكن فايز أبوعيطة، الناطق باسم حركة فتح، رفض مطالب الفصائل الفلسطينية بـ"الصوم" عن التصريحات الإعلامية بشكل كامل، وإعطاء الفرصة لجهود مصر في تحقيق المصالحة.
وقال أبوعيطة، في تصريح صحفي، إن المطلوب إعطاء فرصة للجهود الحثيثة التي تبذلها مصر مع ممثلي حركتي فتح وحماس عزام الأحمد ويحيى السنوار، فيما يتعلق بتمكين الحكومة في غزة، وتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وأوضح أن زيارة رئيس وفد المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد، إلى القاهرة، جاءت من أجل إنهاء المعوقات التي واجهت تنفيذ اتفاق 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي يقضي بتمكين الحكومة من العمل في غزة وفق القانون.