أطفال تموت وحماس تقمع الغاضبين.. أزمة كهرباء غزة
مشاعر الغضب في غزة تصاعدت مع اقتصار توفير التيار الكهربائي على 4 ساعات يوميا في ظل موجة برد شديدة تسببت في وفاة أطفال
تصاعدت مشاعر الغضب في غزة مع اقتصار توفير التيار الكهربائي على 4 ساعات يومياً في ظل موجة برد شديدة تسببت في وفاة أطفال، بحسب بعض التقارير، فيما شهد القطاع تظاهرات احتجاج عمدت حركة حماس إلى قمعها.
وفي القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس والمحاصر من إسرائيل، تفاقمت أزمة الكهرباء والأوضاع المعيشية الصعبة أصلاً للسكان.
وشهدت المخيمات والمدن في قطاع غزة في الفترة الأخيرة احتجاجات يومية تندد بالأزمة المستمرة منذ 10 سنوات، لكنها تفاقمت وباتت تطال كل جوانب الحياة مع البرد القارس الذي يجتاح المنطقة.
وتعاملت القوى الأمنية التابعة لحركة حماس بعصبية مع الاحتجاجات، وفرقت التظاهرات بالقوة.
كما عمد عناصر من حماس إلى ضرب "مصور وكالة فرانس برس" أثناء تصويره تظاهرة في شمال القطاع الخميس، وذكرت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" أن رجالاً بلباس مدني طلبوا من صحفي يعمل معها تسليمهم هاتفه النقال تحت تهديد السلاح.
وقال سلامة السواركة (49 عاماً)، وهو صاحب منزل مدمر ويقطن مع عائلته في عربة متنقلة منذ سنتين في منطقة جحر الديك، جنوب شرق غزة، إن "أزمة الكهرباء أزمة كبيرة أثرت على كل مناحي الحياة، عندي في الكرفان الوضع لا يليق بحياة بشر، في الشتاء ثلاجة، وفي الصيف نار".
وأشار إلى أن البرد وعدم توفر مدفأة أدى إلى وفاة حفيده البالغ 12 يوماً في 8 يناير/ كانون الثاني، مضيفاً "حتى الشباب لا يتحملون هذا البرد القارس".
وقالت أم طارق حسان (30 عاماً) التي شاركت في الاحتجاجات "نطالب المسؤولين عن الكهرباء بأن يضعوا حلاً نهائياً لهذه المشكلة، إننا ننادي منذ سنوات من دون نتيجة".
وأضافت "الحياة ميتة عندنا في غزة"، مشيرة إلى صعوبة متابعة أولادها لدروسهم في المنزل بسبب انقطاع الكهرباء، وأن الساعات المحدودة من التيار لا تكفي للطبخ والغسيل وشحن البطاريات للإنارة.
بدنا نعيش
وحمّلت أم طارق المسؤولين مسؤولية انقطاع الكهرباء، قائلة "نحن بيوتنا تتعرض للدمار، خرجنا للمشاركة في مسيرة احتجاجية من القهر والظلم الذي نعيشه".
ورفعت خلال الاحتجاجات لافتات تطالب بإنهاء الأزمة، مثل "ندعو لحل جذري لمشكلة الكهرباء لأنها تزيد من معاناتنا نحن وأبناء شعبنا".
وردد المواطنون الغاضون هتافات "بدنا كهربا" و"على طول للحكومة بنقول بدنا كهربا بدنا كهربا" و"لا كهربا ولا طحين ولا بنزين بدنا نعيش".
وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة أمجد الشوا "نحن اليوم نشهد حالة من الغضب واستياء كبيراً من انقطاع الكهرباء في شوارع غزة. يجب أن نقدر ذلك وألا نتعرض لهذه الهبة الجماهيرية".
صراع سياسي
وقال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع "يشهد قطاع غزة أزمة كهرباء خانقة طاحنة لم نشهد لها مثيلاً، وهذا يؤثر على الأنشطة الاقتصادية وأدى إلى توقف العديد من المصانع نتيجة قلة ساعات توفير الكهرباء".
واتهمت حركة فتح حركة حماس باعتقال العشرات من المواطنين الذين شاركوا في التظاهرات، بحسب ما ذكرت وكالة "وفا" التابعة للسلطة الفلسطينية.
وقالت الوكالة، إن "عناصر من أمن حركة حماس نفذت، فجر الجمعة، وخلال ساعات الصباح، حملة اعتقالات كبيرة طالت أكثر من 30 مواطناً ممن شاركوا في مسيرات التنديد بانقطاع الكهرباء".
وأدانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان "ما تقوم به الأجهزة الأمنية في قطاع غزة من ملاحقة واعتقال أبناء شعبنا وكوادر الجبهة الشعبية"، معتبرة أن "هذا المدخل الأمني لن يعالج الأزمة بل سيفاقمها".
في المقابل، شارك المئات من أنصار حماس، الجمعة، في مسيرة وحمّلوا السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس مسؤولية المشكلة.
ودعت حركة حماس إلى تنظيم المسيرة في شمال قطاع غزة "ضد مؤامرة عباس بقطع الكهرباء".
وقام المشاركون بإحراق صور للرئيس الفلسطيني ورئيس حكومته رامي الحمدالله كتب عليها "مجرم من يتآمر على شعبه".
وحمل النائب من حركة حماس مشير المصري في كلمة القاها في المسيرة، السلطة الفلسطينية "المسؤولية الكاملة والمباشرة" عن أزمة الكهرباء.
واعتبرت حماس في بيان أن أزمة الكهرباء "مفتعلة ومسيسة، وتهدف إلى إحداث حالة من الإرباك والفوضى"، مؤكدة "أننا جاهزون للتعاطي وبشكل جدي وإيجابي مع أي جهود أو حلول تضمن وضع حد نهائي لهذه الأزمة".
وتتهم حماس إسرائيل بتشديد الحصار والسلطة الفلسطينية بإهمال قطاع غزة.
ورد وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة بأن "مجموع تكلفة الطاقة التي تؤمنها الحكومة لقطاع غزة يبلغ 270 مليون دولار، وهذا المبلغ يشكل أكثر من 30% من عجز الموازنة".
ويحتاج سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليونان إلى حوالي 500 ميجاوات من الكهرباء يومياً لا يحصلون على نصفها.
وتوجد في غزة محطة واحدة لتوليد الكهرباء تضررت خلال الحروب المتتالية.
ولا يدفع حوالي 70% من المنازل فواتير الكهرباء إما بسبب الفقر وإما بسبب عدم وجود جباية منظمة.
وتشتري السلطة الفلسطينية الكهرباء من مصر وإسرائيل.
وقال الطباع، إن أزمة الكهرباء "استنزفت من مواطني قطاع غزة ما يزيد عن مليار ونصف دولار خلال 10 سنوات، وهذا المبلغ كفيل بإنشاء 5 محطات لتوليد الكهرباء".