«سلاح» حماس.. «عقبة» في طريق التهدئة والإعمار بغزة

في خضمّ الجدل المحتدم حول مستقبل غزة «اليوم التالي» للحرب، تعود مسألة سلاح «حماس» إلى الواجهة لا بوصفها تفصيلًا ميدانيًا فحسب، بل كعقبة أساسية أمام أي ترتيبات محتملة لما بعد الأزمة.
وبينما تروّج «حماس» لرغبتها في عدم المشاركة بالحكم مستقبلاً، تصرّ في الوقت ذاته على أن سلاحها «خط أحمر» لا يمكن المساس به، ما يطرح تساؤلات جوهرية: هل هو موقف استراتيجي أم ورقة تفاوض؟ وما تبقّى أصلًا من هذا السلاح بعد أكثر من أشهر طويلة من القصف الإسرائيلي المكثّف؟
- «أوقفوا الحرب».. شمال غزة ينتفض من جديد ضد حماس
- «48 ساعة».. «حماس» تحدد موعدا للرد على مقترح هدنة غزة
تناقضات حماس
تقول «حماس» لمحاوريها إنها لا تريد أن تحكم غزة ما بعد الحرب، ولكنها من ناحية ثانية باتت تؤكد أن نزع سلاحها خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
والأربعاء، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن نزع سلاح «حماس» وتجريد غزة من السلاح هو أحد شروط إنهاء الحرب.
وأضاف أن «شرط التوصل إلى اتفاق شامل وإنهاء الحرب هو نزع سلاح حماس وإخلاء غزة من السلاح».
ويقول مراقبون إن حديث إسرائيل عن نزع السلاح هو مجرد مبرر لإطالة أمد الحرب، ولكن في المقابل، ليس من الواضح أسباب اعتبار «حماس» نزع سلاحها خطًا أحمر، رغم تأكيدها أنها لن تكون جزءًا من ترتيبات «اليوم التالي» في غزة.
وتشير التقديرات إلى أنه في حال انتهاء الحرب، فإن غزة ستكون بمثابة ورشة مفتوحة لإعادة الإعمار تستمر لعشر سنوات على الأقل.
ويؤكد المانحون العرب والدوليون أنهم لن يشاركوا في أي عملية إعادة إعمار إذا استمرت «حماس» في الإمساك بزمام القرار في القطاع.
وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ«العين الإخبارية»: «من غير المتوقع، بل من المستحيل، أن تشارك أي دولة في إعادة الإعمار إذا استمر إطلاق النار من غزة أو داخلها».
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: «يقول المانحون العرب والدوليون في رسائل متطابقة إنهم لا يريدون تمويل إعادة إعمار تستمر سنوات لتندلع حرب جديدة بعد سنوات قليلة».
وتابع: «لا تفسر حماس أسباب تمسكها بالسلاح في ظل معرفتها التامة بهذه الصورة».
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن «حديث حماس عن التمسك بالسلاح ما قبل الحرب كان مفهومًا، لكنه ما بعد الحرب يبدو مستغربًا بل ومستهجنًا».
«تخريب» جهود السلام
وتخشى الأطراف من أن تؤدي تصريحات بعض مسؤولي «حماس» بهذا الخصوص إلى تخريب الجهود المبذولة منذ أسابيع للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.
وقال المسؤول الفلسطيني: «حالياً، توجه أصابع الاتهام، حتى داخل إسرائيل نفسها، إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحاولة عرقلة جهود الاتفاق، وعلى "حماس" أن تتحلى بالمسؤولية الوطنية وألا تمنحه حبل النجاة من هذه الاتهامات».
أي سلاح؟
قبل الحرب، كانت «حماس» تمتلك 3 أنواع من الأسلحة: الأسلحة الرشاشة، الصواريخ، ومضادات الدروع محلية الصنع.
ورغم التقديرات بأن الحركة لا تزال تملك عدة آلاف من الأسلحة الرشاشة، فإن امتلاكها لصواريخ أو مضادات دروع بات محل شك كبير.
فبحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أُطلِق نحو 13,400 صاروخا من غزة منذ بدء الحرب، دون احتساب أكثر من 1000 صاروخ تم تدميرها في غارات إسرائيلية، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمّر 3250 منصة إطلاق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وكان المعهد ذاته قد قدّر قبل الحرب أن «حماس» تمتلك ما بين 12 إلى 15 ألف صاروخ. ولكن بالنظر إلى الوتيرة الحالية للإطلاق، خاصة منذ استئناف الحرب في 18 مارس/آذار، حيث لم يُرصد سوى 13 صاروخًا فقط، تبدو قدرات «حماس» الصاروخية شبه منهارة.
للمقارنة، فقد أُطلِق في نفس الفترة من العام الماضي 217 صاروخًا، وفي الفترة من 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023، أُطلق 6000 صاروخ.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن «حماس» فقدت القدرة على تصنيع الصواريخ بسبب قصف جميع مواقعها الحيوية في القطاع، بالإضافة إلى استحالة إدخال المواد الخام اللازمة للتصنيع.
كما تفيد تقارير إسرائيلية بأن الحركة بدأت في تفكيك بقايا الصواريخ القديمة لاستخدامها في تصنيع ألغام تستهدف القوات الإسرائيلية داخل القطاع.
وقدرت إسرائيل قبل الحرب أن لدى «حماس» نحو 30 ألف مسلح، وتزعم أنها قتلت أو جرحت نحو 17 ألفًا منهم. وتشير التقديرات الإسرائيلية الأخيرة إلى أن عدد عناصر «حماس» حاليًا لا يتجاوز 20 ألفًا، ومن غير المؤكد أن جميعهم مسلحون.
aXA6IDE4LjIyMC4xOTkuMjU1IA== جزيرة ام اند امز