صحيفة "نيويورك تايمز" سربت تسجيلا صوتيا بين السفير القطري في الصومال ورجل أعمال قطري يؤكد فيه أن عناصر إرهابية متطرفة نفذت الهجوم
في أحدث دليل، وليس الأوحد، على دعم "نظام الحمدين" الإرهاب والتطرف في العالم، ومن طريقة استغلالهم بعضا من ضعاف النفوس في تدمير أوطانهم، سربت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تسجيلاً صوتياً بين السفير القطري في الصومال مع رجل أعمال قطري، يؤكد فيه أن عناصر إرهابية متطرفة نفذت الهجوم في ميناء بوصاصو في مقديشو لتعزيز المصالح القطرية فيها، وكأن الطريق نحو تحقيق مصالح بلادهم لا بد أن يمر بجثث الشعب الصومالي.
إن هذا التسريب يؤكد بشيء من التوضيح أن النظام القطري بكافة مستوياته القيادية غارق في دعم الإرهاب والتطرف، وأنهم هذه المرة لن يكون بإمكانهم أن يمارسوا فن المراوغة والتهرب كما جرت العادة، وهم يدركون تباعات الإنكار إعلامياً، فالصحيفة الأمريكية لن تسرب المقطع إن لم تكن متأكدة في دقته، وهذا عامل مهم ودرس في كيفية التعامل مع من اعتاد الكذب والتدليس، بل النقطة الأهم أن مسألة الإنكار قد تؤدي إلى تسريبات أكثر وأوسع في الملف القطري المليء في هذا المجال، وفضائحه الذي لم يفتح بعد بالكامل من منطق المصالح.
الشيء المستغرب في تبرير العملية الإرهابية، كما جاء في المكالمة، هو أن يتحول قتل مواطني الدول، كما وضحه مقطع الفيديو، وتفجيرات البلدان أداة دبلوماسية وسياسية تستخدمها الدول لتحقيق مصالحها، ولكن إذا أدركنا أنه منطق نظام الحمدين منذ وصولهم إلى السلطة، فسريعا ما يتبدد الاستغراب!
منطقياً.. فإن ما يقوم به هذا النظام لا يختلف عما ما تقوم به التنظيمات الإرهابية والمليشيات التي يحاربها القانون الدولي، ومن ثم ذلك التبرير الموجود في المقطع يعبر بصورة حقيقية عن "القيم الدبلوماسية"، التي تؤمن وتتبناها السياسة الخارجية القطرية.
الشيء الرائع أنه لم يعد خافياً على أعين الرأي العام العالمي مسألة تمادي نظام "الحمدين" وإصرارهم في دعم الإرهابيين والمتطرفين من أجل قتل الأبرياء، وكأنه يريد أن يعرفهم عن نفسه بأنه لا يستطيع إلا أن يكون داعماً للفوضى وزعزعة الاستقرار بالتمويل أو دعمهم إعلامياً من خلال "قناة الجزيرة"
وإذا كان الأمر بالنسبة لنا -بصفتنا خليجيين- لامسنا بعضاً من هذه القيم، نستطيع أن نتخيل ما يحدث بأيد قطرية وعلى أعلى مستويات الهرم السياسي فيها، وهذا ما دعانا إلى مقاطعة هذا النظام ورفض التعامل معه بعدما بانت جهوده في زعزعة الاستقرار في دولنا ودولة مثل مصر، التي تمثل قلب العروبة. ولو أردنا فهم تجاوزه لمحيطه الجغرافي لزعزعة الاستقرار فإن أسهل تفسير له إنما هو ناتج من الفشل وحالة الانكسار في محاولته لإحداث ما يسعى إليه، وعليه يكون أفضل الخيارات في التعامل مع هذا النظام عدم السماح بوجود داخل أي دولة.
من واقع التسجيلات المسربة منذ أيام النظام الليبي بقيادة معمر القذافي، في محاولة اغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز العاهل السعودي الراحل، إلى كيفية حصول التفجير في ميناء بوصاصو، هناك توافق ما بين اللغة التي يتم التخاطب بين المسؤولين القطريين وتحويل ذلك الكلام إلى سلوكيات تظهر للعالم، ومن ثم فهو: نتاج تفكير القيادة القطرية في دبلوماسيتها الخارجية مع العالم.
الشيء الرائع أنه لم يعد خافياً على أعين الرأي العام العالمي مسألة تمادي نظام "الحمدين" وإصرارهم في دعم الإرهابيين والمتطرفين من أجل قتل الأبرياء، وكأنه يريد أن يعرفهم عن نفسه أنه لا يستطيع إلا أن يكون داعماً للفوضى وزعزعة الاستقرار بالتمويل أو دعمهم إعلامياً من خلال "قناة الجزيرة"، فهذا الطابع هو الغالب على كل ما يفعله النظام حتى لو كان المستهدف من لا ينقصه العوز والحاجة، ومن ثم ينبغي عد لوم من يرفض التعامل مع هذا النظام؛ لأن هناك فرقا بين يسعى لمحاربة الإرهاب والتطرف من أجل الإنسانية وبين من يسعى لتدميرها.
إلى ما قبل هذه التسريبات كانت الشكوى عربية فقط وربما خليجية بوجه الدقة، ولعل هذا السبب جعل من الموقف القطري أكثر ارتياحا، ولكن بعد الكشف عن اللغز وفك شفرة نظام الحمدين في ترهيب العالم وزعزعة استقراره، علينا أن نتوقع أسلوبا جديدا في التعامل معهم من الصحافة العالمية، فالدائرة بدأت تضيق عليهم ومعالجته للمصابين في حادثة التفجير ليس إلا إحساساً بالمسؤولية ومحاولة تقليل حجم التأثيرات المتوقعة من الشعب الصومالي الشقيق.
محاربة الإرهاب والتطرف أمر يحتاج إلى تعاون الجميع ليس فقط في مقاتلته والتضييق عليه، ولكن الأهم يتمثل في منع دول وأنظمة سياسية تمارس عمل المليشيات والتنظيمات الإرهابية، نظام الحمدين مثال.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة