عراقي يعيد التراث إلى بيوت بلاد الرافدين بلمسة عصرية (صور)
يجوب الشاب محسن شريف مناطق العراق طولاً وعرضاً بحثاً عن حرفيين يجيدون صناعة وتصميم مقتنيات وأدوات منزلية لها علاقة بتراث مجتمعاتهم حتى يضمهم إلى فريق عمله في ذي قار.
يعيش شريف (28 عاماً) ولعاً كبيراً بإحياء التراث الذي كان حاضراً حتى الأمس القريب في بيوت العراقيين من حاضنات الخبز وقِرب الماء الطينية وسعف النخيل، بعد أن يضيف إليها لمسة حداثية تتناسب مع مزاج الحاضر.
بدأ شريف منذ أكثر من عقد السعي وراء تلك الصناعة اليدوية كهاوِ ومهتم بتراث مدينته حيث الناصرية التي تمثِّل واحدة من أهم معاقل الريف وأقدم المناطق التي شهدت العديد من الحضارات القديمة.
عند منطقته التي تعرف بـ"عكد الهوى" وسميت لاحقاً بـ"الحبوبي"، وسط مدينة الناصرية، يتحرّك شريف لجمع المواد الأوليّة الخام التي تدخل في صناعة أغلب بضائعه.
يقول شريف لـ"العين الإخبارية" إنّه "يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لبضاعته التي غالباً ما تنال رضا وقبول الزبائن".
ويقدّم الشاب العراقي خدمة توصيل المنتجات إلى المنازل بعد تلبية متطلبات كل عميل في القطعة التي يريدها.
في السنوات الثلاث الأخيرة، لاقت بضاعة شريف رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصله الكثير من الطلبات من محافظات عدة مما يجعله في حالة من السفر شبه الدائم.
يلفت الشاب الحاصل على شهادة جامعية في علوم الحاسبات إلى أنه قبل أيام جهّز "طلبية إلى خارج العراق تم إرسالها عن طريق أحد المسافرين".
لم يعد الأمر مقتصراً على أدوات منزلية تحمل قيمة تراثية خاصة بمدينته فقط، وإنما بدأ عمله بالتوسع أكثر لتصنيع مواد مماثلة تتعلق بأماكن متفرقة من البلاد مما اضطره للبحث عن حرفيين من أبناء تلك المناطق.
وبعد رحلة بحث طويلة، استطاع تكوين فريق من الحرفيين من مختلف المحافظات يصل عدده إلى نحو 20 شخصاً، يتم التواصل فيما بينهم عبر صفحته الشخصية التي أطلق عليها "عكد الهوى".
وطيلة السنوات الماضية، كانت عمليات تصنيع تلك المواد تتم داخل منازل الحرفيين سواء في الناصرية أو بقية المناطق الأخرى، لكن ذلك لم يعد مسلماً به وطموحاً نهائياً كما يقول.
يستعد شريف خلال الشهور الثلاثة المقبلة لاستكمال مشروعه بافتتاح واجهة عرض كبيرة عند إحدى البنايات وسط مدينته، تكون بما يشبه المتحف المصغر.
وليس الطين ومواد النخيل وحدها، فهناك الزجاج المزخرف والملوّن الذي يستخدم في عمل أدوات أخرى من بينها الفوانيس وأباريق الشاي.
ويلفت إلى أنه أقام العديد من المعارض الخاصة التي تعنى بهذا التراث والتي حظيت بحضور وتفاعل كبير بينها ورشة ضمت العديد من الأدوات التراثية دشنت في منطقة الزقورة الأثرية بمحافظة ذي قار.
ورغم أن المردود المادي من صناعة وتجارة تلك الأدوات لا يشكل رقماً مهماً إلا أن مضمونها وأهميتها أكبر بكثير، كما يصف ابن "عكد الهوى".
ويتجهز شريف الذي يعمل موظفاً حكومياً، لتصميم نماذج بغدادية تراثية يسعى لتقديمها في معرض بالعاصمة يعنى بحكايات أبنائها القديمة.