الصدمة القادمة.. رفع وشيك وضخم لأسعار الفائدة الأمريكية
يترقب مستثمرو العالم دائما قرارات المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، كونها تؤثر على الأصول الأخرى وعلى دول العالم المختلفة أيضا.
وبينما يمثل رفع الفائدة خبرا جيدا للبعض، فإنه يكون بمثابة الصدمة خاصة للأسواق الناشئة التي تعاني من انسحاب الاستثمارات الأجنبية فيها.
وكشف الاحتياطي الفيدرالي عن نيته برفع أسعار الفائدة بنحو نصف نقطة مئوية خلال اجتماعته المقبلة للسيطرة على التضخم المتزايد، ما دفع الدولار للقفز لأعلى مستوى له في عامين.
وقد يسعد الكثير من الأشخاص بمثل تلك الأنباء لأن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في أكبر اقتصاد في العالم يعني أن العديد من البنوك المركزية حول العالم ستقوم بإجراء مماشر.
ومع رفع أسعار الفائدة حول العالم فإن هذا يؤدي بطبيعة الحال لتقليص إنفاق الأشخاص والشركات والمؤسسات وبتالي وقف موجات رفع أسعار السلع والخدمات وهو ما يعرف بالتضخم.
ولكن الأمر ليس كله مبشر كما يتخيل البعض، فالعديد من الخبراء ينظر لرفع أسعار الفائدة بأنها إجراءات ستجعل الاقتراض أكثر تكلفة للمستهلكين والشركات وتزيد من المخاطر على الاقتصاد العالمي ومستويات نموه.
لا للزيادات التقليدية
وذكر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر مارس/آذار الماضي والذي تم الكشف عنه أمس الأربعاء، أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي قالوا إن رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة، بدلاً من الزيادات التقليدية بمقدار ربع نقطة، "قد يكون مناسبًا" عدة مرات هذا العام.
وأفاد المحضر بأنه في اجتماع الشهر الماضي، فضل العديد من صانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي زيادة بمقدار نصف نقطة، لكنهم توقفوا في ذلك الوقت بسبب حالة عدم اليقين التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا. وبدلاً من ذلك رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي قصير الأجل بمقدار ربع نقطة، وأشار إلى أنه يخطط لمواصلة رفع أسعار الفائدة في العام المقبل.
وقال المحضر إن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتجه أيضًا نحو التقلص السريع لمخزونه الضخم من السندات البالغ 9 تريليونات دولار في الأشهر المقبلة، وهي خطوة من شأنها أن تسهم في ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وقال صانعو السياسة إنهم من المرجح أن يخفضوا تلك المقتنيات بنحو 95 مليار دولار شهريًا - ما يقرب من ضعف الوتيرة التي طبقوها قبل خمس سنوات عندما قلصوا ميزانيتهم العمومية آخر مرة.
وفي هذا الإطار قالت كاثي بوستانسيك، كبيرة الاقتصاديين الماليين الأمريكيين في أكسفورد إيكونوميكس، إن خطط الاحتياطي الفيدرالي "تعكس انزعاجهم الكبير من الوتيرة السريعة للتضخم"، بحسب ما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس.
وأضافت بوستجانسيك أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي "قلق بشكل متزايد" من أن المستهلكين والشركات سيبدأون في توقع استمرار ارتفاع الأسعار، وهو اتجاه يمكن أن يطيل أمد التضخم المرتفع.
زيادة تكاليف الرهون
ومع رفع أسعار الفائدة سيؤدي ذلك تلقائيا لزيادة تكاليف الرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان وقروض الشركات. وبهذه الطريقة، يأمل بنك الاحتياطي الفيدرالي في تهدئة النمو الاقتصادي وزيادة الأجور بما يكفي لترويض التضخم المرتفع، والذي تسبب في صعوبات لملايين الأسر ويشكل تهديدًا سياسيًا خطيرًا للرئيس جو بايدن.
وبعد أن ضرب الوباء الاقتصاد قبل عامين اشترى بنك الاحتياطي الفيدرالي تريليونات من سندات الخزانة والرهن العقاري، بهدف خفض معدلات القروض طويلة الأجل. كما خفض سعر الفائدة المرجعي قصير الأجل إلى ما يقرب من الصفر.
تباطؤ الاقتصاد
ورفع أسعار الفائدة ليس أمرا كله مزايا، إذ إنه يترافق مع آثار سلبية.
وفي هذا الإطار يقول جينادي جولدبيرج، كبير محللي الأسعار في الولايات المتحدة في TD Securities، إن الفجوة الضيقة بين عائدات السندات طويلة الأجل وقصيرة الأجل تشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن الاقتصاد سيتباطأ بدرجة كافية في العامين المقبلين لإجبار الاحتياطي الفيدرالي على تقليص زيادات أسعاره.
فمع رفع أسعار الفائدة تضطر العديد من الشركات لتغيير خطط توسعها وإنفاقها وقد تلجأ إلى تخفيض عمالتها في الكثير من الأحيان.
كما يقوم الأفراد بتعديل خطط إنفاقهم لعمليات الشراء او الحصول على سلع أو خدمات، وهو ما يهدد دخول الاقتصاد في دائرة الانكماش.