هل سمعت من قبل عن الموت الحراري؟
لا تتوقف الحرارة المرتفعة عند إفساد المحاصيل أو تغيير السلوكيات أو تهديد الحيوانات والنباتات؛ فقد تتسبب في الموت الحراري للإنسان.
عادةً ما يأتي مصطلح «الموت الحراري» في سياق مرتبط بالكون، مثل: الموت الحراري للكون، وهي الفرضية التي تتحدث عن المصير النهائي للكون، لكن يمكن استخدامه في سياق آخر، مرتبط بظاهرة الاحترار العالمي، التي امتد أثرها إلى حياة الكائنات الحية، وصارت تكتب المصير النهائي لكثير منهم، عبر ما يُسمى بـ«الموت الحراري». وبذلك، انتقل المصطلح من سياق الكون إلى داخل كوكب الأرض الذي لا يُشكل نقطة في محيط الكون الفسيح.
ماذا يحدث في الجسم خلال الحرارة المرتفعة؟
هناك العديد من التأثيرات السلبية التي تؤثر على أعضاء جسم الإنسان؛ نتيجة الارتفاع في درجات الحرارة، من أهمها:
تسرب السموم
عادةً ما تكون درجة حرارة الجسم البشري في المتوسط 37 درجة مئوية، وعندما ترتفع درجات الحرارة المحيطة وتقترب من درجة حرارة الجسم، يبدأ الجسم في اتخاذ بعض الاستراتيجيات المقاومة، منها
- التعرق، لكن عندما تزداد الرطوبة، لا يتبخر العرق.
- توجيه الدم إلى الجلد؛ فتقل كمية الدم الموجهة إلى الأمعاء، وقد تتسرب بعض السموم من الأمعاء إلى القناة الهضمية، ما يؤدي في النهاية إلى الوفاة.
تدمير القلب
نتيجة توجيه الجسم للدم نحو الجلد من أجل التبريد، يضطر القلب لضخم كميات أكبر من الدم، ما يزيد من معدل ضرباته، ويشعر الإنسان بالدوار، لكن قد تتضاعف الحالة، وفي النهاية يُصاب الشخص بنوبة قلبية. وعادةً ما يكون كبار السن ومرضى القلب هم الأكثر عرضة لهذه الأعراض، التي تتبعها وفاة.
فقدان السوائل
واحدة من أبرز المخاطر المرتبطة بالحرارة المرتفعة، هي أنها تُفقِد الجسم السوائل، وقد يصاب بالجفاف، وتزداد صعوبة الحفاظ على ضغط الدم، الأمر الذي يُجهد القلب.
فشل كلوي
يتسبب البقاء في درجات الحرارة المرتفعة لفترة طويلة في تحلل الأنسجة العضلية، ما يؤدي إلى إطلاق بروتينات يمكنها سد الكلى، وقد يمتد الأمر إلى فشل كلوي.
تأثيرات أخرى غير مباشرة
وفقًا لـ«منظمة الصحة العالمية» (WHO)؛ فقد تؤثر الحرارة المرتفعة على صحة الإنسان بصورة غير مباشرة أيضًا، وذلك من خلال إحداث بعض التغيرات في السلوك البشري، وخدمات الرعاية الصحية، والبنية التحتية الاجتماعية وقدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات المناخية ومواجهتها. كل هذا قد يؤثر على الصحة بصورة غير مباشرة.
هل الأمر خطير إلى هذا الحد؟
الإجابة باختصار هي نعم، وهذا ما أكدته دراسة أجرتها مجموعة بحثية دولية من إسبانيا وفرنسا وسويسرا؛ فقد حلل الباحثون قاعدة بيانات الوفيات التابعة للمكتب الإحصائي للجماعات الأوروبية (يوروستات)، والتي تضمنت ما يزيد عن 45 مليون حالة وفاة، في 35 دولة أوروبية، ووجدوا أنّ عدد الوفيات الناجمة عن الارتفاع في درجات الحرارة 61 ألف حالة تقريبًا في أوروبا بين 30 مايو/أيار و4 سبتمبر/أيلول 2022. وكانت البلدان الأعلى في معدلات الوفيات هي:
- إيطاليا: 18 ألف حالة وفاة.
- إسبانيا: 11 ألف حالة وفاة.
- ألمانيا: 8 آلاف حالة وفاة.
أشار مؤلفو الدراسة أيضًا إلى أنّ أعلى معدلات للوفاة في أوروبا مسجلة كانت في صيف عام 2003، عندما مات ما يزيد عن 70 ألف مواطن أوروبي؛ نتيجة الحرارة المرتفعة، بعدها بدأت الحكومات الأوروبية في اتخاذ تدابير السلامة، وبالفعل هبط هذا المعدل في 2022 إلى 61 ألف حالة، لكن يرى مؤلفو الدراسة أنه يجب اتخاذ المزيد من الإجراءات لتقليل هذا المعدل، ونُشرت الدراسة في دورية «نيتشر ميدسين» (Nature Medicine) في 2022.
من ذلك نخلص إلى أنّ الحرارة قد تودي بحياة البشر فعلًا، ولا يُدرك كثير من الناس هذا، ومن المتوقع أن يزداد الأمر سوءًا مع تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي؛ خاصة إذا لم يتخذ البشر التدابير اللازمة للتأقلم مع ذلك الوضع.
aXA6IDEzLjU5LjE4My4xODYg جزيرة ام اند امز