كواليس 72 ساعة في COP30.. تطورات 8 مسارات من المفاوضات البيئية الشاقة
وسط ضجيج عاصفة رعدية استوائية هطلت على مقر مؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية (COP30) في بيليم "مدينة المطر" بالبرازيل بعد ظهر الإثنين الماضي، كان المندوبون والوفود المختلفة يعملون بجد في الكواليس لتنظيم العمل وتسريع عجلة اعتماد جدول أعمال المؤتمر.
الهدف كان بدء المفاوضات بأقرب وقت، فهذه هي الدورة الأولى كاملة للتنفيذ مع انتهاء العمل على كتاب قواعد باريس العام الماضي، بحسب مختار باباييف، رئيس COP29، في كلماته الافتتاحية من صباح نفس اليوم.
من جانبه أبدى رئيس المؤتمر "أندريه كوريا دو لاغو"، تفاؤله، وأشار في كلمته الافتتاحية إلى "الإرث الدبلوماسي" للبرازيل في دعم البيئة؛ فمن هناك انطلقت قمة ريو عام 1992، ووُلدت 3 اتفاقيات محورية في العمل البيئي، على رأسهم، "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (UNFCCC). وبعد مرور نحو 33 عامًا، تستقبل البرازيل لأول مرة مؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية في دورته الثلاثين.
وبحسب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، رئيس البرازيل في كلمته الافتتاحية؛ فقد "عادت اتفاقية المناخ إلى موطنها".
بالفعل تبنت الأطراف الأجندة من اليوم الأول، وانطلقت المفاوضات بين تحديات وآمال ومطالب عديدة، تواجهها الرئاسة البرازيلية. وانطلقت المفاوضات والجلسات النقاشية في الكواليس، وما زالت مستمرة؛ فما أبرز نقاشات أول 3 أيام من المؤتمر؟
التخفيف
في رسالة فيديو، خلال اليوم الأول من المؤتمر، أشار "جيم سيكا"، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إلى أن عام 2024 كان العام الأكثر دفئًا على الإطلاق عند 1.55 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
وأوضح أنّه في حال تنفيذ "المساهمات المحددة وطنيًا"؛ فهذا من شأنه أيضًا أن يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بمقدار يتراوح بين 2.3 إلى 2.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، ومن جانب آخر، في حال عدم تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا؛ فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة إلى 2.8 درجة مئوية، وذلك وفقًا لتقرير "فجوة الانبعاثات للعام 2025"، الصادر عن "برنامج الأمم المتحدة للبيئة".
وهذا يُشير إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض الانبعاثات والتخفيف من آثار التغيرات المناخية مع الحد من درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول 2030؛ وفقًا لاتفاق باريس. وبالفعل، فُتحت نقاشات حول إجراءات التخفيف خلال اليوم الأول (10 نوفمبر/ تشرين الثاني) من المؤتمر، ودعا تحالف الدول الجزرية الصغيرة (AOSIS) إلى إتاحة المجال لمناقشة فجوة التخفيف وتحديد سبل سدها.
وفي اليوم الثاني من المؤتمر (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)، أُثيرت نقاشات حول "برنامج عمل التخفيف" (MWP)، بما في ذلك المنصة الرقمية والتي تناقشت حولها الأطراف في اجتماع بون 2025 في يونيو/حزيران الماضي، وفي بيليم أُثيرت النقاشات مرة أخرى حول المنصة، وتساءلت العديد من الوفود حول جدوى إنشاء منصة رقمية جديدة، بينما رحبت بعض الدول الأخرى بمثل تلك المنصة، منها الدول الأقل نموًا، وكذلك الهند، وقد اقترحت جمهورية كوريا بدعم من "التحالف المستقل لدول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي" (AILAC) بإنشاء هذه المنصة في إطار أجندة العمل بدلاً من برنامج عمل التخفيف.
وفي اليوم الثالث (12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، شدد تحالف الدول الجزرية الصغيرة والتحالف المستقل لدول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي على ضرورة إبقاء مستوى الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية في متناول اليد. ودعا تحالف الدول الجزرية الصغيرة إلى ضرورة أن تكون نتائج برنامج عمل التخفيف قابلة للتنفيذ ومنصفة للفئات الأكثر ضعفًا.
المساهمات المحددة وطنيًا
أظهرت رئاسة COP30 اهتمامًا واضحًا بالمساهمات المحددة وطنيًا؛ وفي اليوم الأول من المؤتمر (10 نوفمبر/ تشرين الثاني)، اقترحت مجموعة السلامة (EIG) وضع "خارطة طريق للمساهمات المحددة وطنيًا"، على غرار "خارطة الطريق لتحقيق 1.3 تريليون دولار"، ما يعزز التعاون لتحقيق المزيد من التقدم.
وفي اليوم الثاني (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)، أيدت بعض الدول اعتماد خارطة طريق للمساهمات المحددة وطنيًا. كما حث الاتحاد الأوروبي على ضرورة النظر في التقارير التجميعية بشأن المساهمات المحددة وطنيًا وتقارير الشفافية الثنائية (BTRs)، وأشار إلى أنّ الاقتصادات الكبرى يجب أن تُظهر قيادة في هذا الصدد.
وأشارت "مجموعة السلامة البيئية" الفجوة بين الطموح والتنفيذ في تقرير تجميع المساهمات المحددة وطنيًا، وشددوا مع المجموعة الأفريقية على ضرورة توفير التمويل المناخي اللازم لدعم المساهمات المحددة وطنيًا.
من جانبه، أكد تحالف الدول الجزرية الصغيرة على ضرورة وجود متابعة واضحة للمساهمات المحددة وطنيًا بقيادة الدول الكبرى الأكثر انبعاثًا للغازات الدفيئة. واستمرت النقاشات في اليوم الثالث (12 نوفمبر) حول المساهمات المحددة وطنيًا.
التمويل المناخي
يُمثل التمويل المناخي جوهر المفاوضات، وأُشير إليه بصورة مباشرة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حتى إنّ خارطة باكو-بيليم تهدف إلى جمع 1.3 تريليون دولار، بهدف دعم كافة القطاعات التي تستفيد من التمويل لمواجهة أزمة التغيرات المناخية.
وفي اليوم الأول من المؤتمر (10 نوفمبر/ تشرين الثاني)، دعت اليابان والمملكة المتحدة ومجموعة السلامة البيئية (EIG) والنرويج ودول أخرى إلى مناقشة المادة 9 من اتفاق باريس بأكملها، وهي المادة المعنية بالتمويل المناخي. بينما حثت المجموعة الأفريقية على التركيز على المادة 9.1 والتي يُشير نصها إلى "تُقدم البلدان المتقدمة الأطراف موارد مالية لمساعدة البلدان النامية الأطراف في كل من التخفيف والتكيف؛ مواصلة لالتزاماتها القائمة بموجب الاتفاقية". من جانبها أيدت المجموعة العربية خطة عمل وبرنامج عمل لتنفيذ المادة 9.1. ودعت جنوب أفريقيا وبنما إلى تعريف معنى "توفير" التمويل.
وفي اليوم الثاني (11 نوفمبر/ تشرين الثاني) دعت المجموعة العربية لوضع خطة عمل للمادة 9.1. وأكدت مجموعة الـ 77 والصين على ضرورة تحديث الهدف الجماعي الكمي الجديد، وأنّ 300 مليار دولار غير كافية لتلبية الاحتياجات.
أما في اليوم الثالث (12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، استمرت النقاشات حول المادة 9.1، واقترحت المجموعة الأفريقية برنامج عمل للمادة 9.1 على أن يتضمن تقاسم الأعباء. وكانت هناك بعض المشاورات حول تمويل الغذاء.
التكيف
يشغل التكيف المناخي المادة 7 من اتفاق باريس، وهو يعني الإجراءات والتدابير اللازمة للحد من التعرض لتأثيرات التغيرات المناخية. وهناك العديد من التحديات التي تواجه التكيف المناخي، لعل أبرزها التمويل؛ إذ أشار "تقرير فجوة التكيف للعام 2025: نفاد الموارد" إلى أنّ فجوة التمويل تتراوح بين 284 و339 مليار دولار، وبالفعل أشارت الكلمات الافتتاحية للمؤتمر على ضرورة دعم التكيف المناخي بالتمويل الكافي. وبرز التكيف كقضية محورية خلال اليوم الأول من المؤتمر (10 نوفمبر/ تشرين الثاني).
وتابعت الأطراف المناقشات خلال اليوم الثاني من المؤتمر (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)، دعت البرازيل وجنوب أفريقيا والهند والصين (BASIC Group) إلى الاتفاق على مؤشرات التكيف.
بينما اقترحت البلدان الأقل نموًا مضاعفة تمويل التكيف 3 أضعاف عن مستويات عام 2025. وأُقيمت جلسة، سلطت الضوء على مهمة النظر في تشكيل مجلس إدارة صندوق التكيف. وبرزت النقاشات حول تمويل التكيف، وأعربت المنظمات غير الحكومية المعنية بالبيئة عن أسفها الشديد لفشل الأطراف في مناقشة زيادة تمويل التكيف. ودارت مناقشات حول مؤشرات الهدف العالمي للتكيف، واتفقت الأطراف على أن تكون هذه المرشرات موجهة من الأطراف وغير إلزامية، وأن تقيس التقدم الجماعي بدلًا من المقارنة بين البلدان. وأشارت باكستان إلى أنّ المؤشرات يجب أن تُوضح جودة تمويل التكيف وإمكانية الوصول إليه.
وفي اليوم الثالث (12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، أعربت الدول النامية عن قلقها إزاء محدودية موارد الصندوق، وحثت الدول المتقدمة لزيادة تمويل التكيف وتنويع مصادر التمويل. واستمر الجدل حول مؤشرات التكيف. أيدت بعض الأطراف اعتماد قائمة المؤشرات خلال الدورة السابعة من مؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماعًا للأطراف في اتفاق باريس (CMA7)، بينما طالبت أطراف أخرى بالحاجة إلى المزيد من العمل على المؤشرات بعد (CMA7). وفي حين دعمت بعض الدول قرار تحديد هدف جديد لتمويل التكيف، عارضت المملكة المتحدة التي فضلت المناقشات حول المؤشرات. من جانب آخر، برز صوت المجموعة العربية التي أشارت إلى ضرورة تركيز صياغة آلية التنفيذ على "توفير وتعبئة" تمويل التكيف من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، وعارضت صياغة مفاداها "جميع مصادر التمويل" و"تمويل القطاع الخاص".
الخسائر والأضرار
برزت مناقشات الخسائر والأضرار خاصة خلال اليوم الثاني من المؤتمر (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)؛ إذ رحبت العديد من الأطراف بتشغيل صندوق الخسائر والأضرار، من جانبها أكدت مجموعة 77+الصين على الحاجة إلى زيادة موارد، ودعت الدول الأقل نموًا إلى تعهدات جديدة طموحة والالتزام بها. بينما أشارت الدول الجزرية الصغيرة إلى ضرورة تسريع إنشاء آليات للوصول المباشر لموارد الصندوق.
الانتقال العادل
أُشير إلى الانتقال العادل خلال الثلاث الأيام الأولى من المؤتمر، وفي اليوم الثاني تحديدًا (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)، بدأ المندوبون بطرح خيارات لتنفيذ "برنامج عمل الانتقال العادل" (JTWP). وفي اليوم الثالث (12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، ركزت المناقشات حول الانتقال في مجال الطاقة تحديدًا. وأيدت العديد من الأطراف صياغة أكثر شمولًا لتسهيل الوصول إلى طاقة نظيفة ومستدامة بأسعار في المتناول. وأيدت المجموعة الأفريقية تحديدًا مع الدول الأقل نموًا وتركيا نصًا يتعلق بالطاقة، ويركز على الطهي النظيف.
المادة 6
تختص المادة 6 من اتفاق باريس بأسواق الكربون لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وفي أثناء اليوم الأول (10 نوفمبر/ تشرين الثاني)، برزت النقاشات والحوارات حول طموحات المادة 6.2. وأشار الاتحاد الأوروبي إلى إمكانية استخدام المادة 6 لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي للعام 2040. ولفتت المنظمات غير الحكومية البيئية والنقابية النظر إلى أنّ الأطراف تخطط لإساءة استخدام المادة 6 كآلية مرونة بدلًا من كونها آلية طموحة. وفي اليوم الثاني (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)، دعت بعض الأطراف بما فيها الاتحاد الأوروبي بتأمين التمويل لاستمرار تشغيل آلية المادة 6.4. أما في اليوم الثالث (12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، كانت المادة 6.4 محل نقاش أيضًا.
النوع الاجتماعي
في اليوم الثاني (11 نوفمبر/ تشرين الثاني)، برز النوع الاجتماعي في المشاورات غير الرسمية، ودُعت الأطراف للنظر في تقرير تركيبة النوع الاجتماعي، وحددت الأطراف أولويات للمزيد من العمل بما في ذلك: تعزيز رصد النساء في المناصب القيادية في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ". وفي اليوم الثالث (12 نوفمبر/ تشرين الثاني)، حُثت الأطراف على التفكير في حياة النساء بدلًا من الخطوط الحمراء التي تضعها حكوماتهم؛ إذ من الضروري أن تكون النساء في عملية صنع القرار.
دارت بعض النقاشات والحوارات الأخرى حول بناء القدرات وبرنامج تنفيذ التكنولوجيا، كما أثارت بعض الأطراف نقاشات حول الانبعاثات من الطيران الدولي والنقل البحري، وكذلك وُضعت المحيطات على أجندة المناقشات.