حزب الله مرتزقة إيران.. التاريخ الأسود
حزب الله أحد أهم أدوات الحملة الرامية إلى التفوق الإقليمي من قبل راعيه الإيراني.
أجرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية لعدة شهور لقاءات مع مسؤولين ومقاتلين وقادة عسكريين ومحللين من عدة دول، ومع أعضاء من جماعة حزب الله؛ لإلقاء الضوء على دورها في الشرق الأوسط، واعتماد قادة إيران عليهم لتحقيق أهدافها.
- حزب الله ذراع إيران.. تاريخ من الاغتيالات في لبنان
- احتجاجات الضاحية.. صرخة تعرّي "حزب الله" في عقر داره
تقول "نيويورك تايمز"، إن حزب الله ليس مجرد قوة في حد ذاته، لكنه واحد من أهم أدوات الحملة الرامية إلى التفوق الإقليمي من قبل راعيه الإيراني؛ فحزب الله متورط تقريبا في كل قتال يمثل أهمية لإيران، والأهم من ذلك أنه ساعد في تجنيد وتدريب وتسليح مجموعة من الجماعات المسلحة الجديدة التي تحقق الأجندة الإيرانية.
إيران وحزب الله يكملان بعضهما البعض؛ فكلاهما قوى طائفية في جزء من العالم ذي الأغلبية السنية بالنسبة لإيران، حزب الله لا يمدها بالقوى العسكرية فقط، بل أيضا القادة الذين يتحدثون العربية وعملاء يمكنهم العمل بسهولة في العالم العربي.
أما بالنسبة للجماعة، التحالف يعني المال اللازم لتشغيل شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية في لبنان، من خلال بناء المدارس والمستشفيات وفرق الكشافة، بالإضافة إلى الأسلحة والتكنولوجيا ومرتبات عشرات الآلاف من مقاتليها.
الشبكة التي ساعد حزب الله في بنائها غيرت الصراعات في جميع أنحاء المنطقة.
في سوريا، أدت المليشيات دورا رئيسيا في دعم بشار الأسد، الحليف الإيراني الهام، وفي العراق يقاتلون تنظيم داعش ويعززون المصالح الإيرانية، أما في اليمن فاستولوا على العاصمة، وفي لبنان يبثون الأخبار المؤيدة لإيران.
يقول حمزة محمد، أحد أفراد المليشيات العراقية تلقى تدريبه على يد حزب الله وحارب في حلب: "على خطوط الجبهة هناك الكثير من الجنسيات، حزب الله كان هناك، وأفغانيون، وباكستانيون، وعراقيون، الجميع كان هناك بمشاركة إيرانية لقيادة المعركة".
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن جذور تلك الشبكة تعود إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عندما طلبت إيران من حزب الله المساعدة في تنظيم المليشيات الشيعية العراقية، التي قتلت في السنوات المقبلة المئات من القوات الأمريكية والكثير من العراقيين.
الحروب الأخيرة سمحت لإيران بإحياء وتوسيع نطاق الشبكة، وبعض الجماعات التي دربها حزب الله في العراق الآن ترد المعروف عبر إرسال مقاتلين إلى سوريا.
تقول "نيويورك تايمز" إن حزب الله وحلفاءه أكثر من مجرد حليف سياسي؛ حيث إن لهم علاقات أيدلوجية عميقة بإيران.
خلال لقاء يعترف نعيم قاسم، نائب أمين عام حزب الله، في فخر بجهود منظمته في تمرير تجربتهم العسكرية الثرية إلى قوات أخرى موالية لإيران.
ويقول قاسم: "كل جماعة في أي مكان في العالم تعمل مثلما نعمل بأفكارنا، هي انتصار للحزب. هذا طبيعي، جميع من هم في توافق معنا في أي مكان في العالم، هذا انتصار لنا؛ لأنها جزء من محاورنا، ومكسب لكل من هم ضمن محاورنا".
حرب بلا حدود
تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن حزب الله أصبح نشطا في كثير من الأماكن ضد كثير من أعدائه، وسخر منتقدوه منه بقولهم إنه أصبح مثل شركات المرتزقة الأمريكية سيئة السمعة.
في أحد المقابر ذات النطاق الواسع في مدينة النجف العراقية، يشير حسين علاوي، أحد مقاتلي المليشيات، إلى شواهد قبور الرفاق الذين قتلوا في الخارج، بعض المقابر تزينت بزهور بلاستيكية وصور الموتى، ويقول: "هذا من سوريا، وهذا من سوريا، لدينا الكثير من سوريا".
الكثيرون بدأوا عملهم مثله، فبعد انضمامه لإحدى المليشيات، تلقى تدريبا عسكريا في العراق، وأكثر مدربيه خبرة كانوا من حزب الله.
تشير "نيويورك تايمز" إلى أنه في العراق، نشرت إيران مليشيات تم تشكيلها في الأصل لمحاربة القوات الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش، كما جندت لاجئين أفغان للقتال من أجل إحدى المليشيات تسمى "لواء فاطميون"، كما نظمت جسرا جويا كبيرا من المقاتلين للقتال من أجل بشار الأسد في سوريا، ووفر الحرس الثوري الإيراني البنيات الأساسية، في حين ركز قادة عسكريون من إيران وحزب الله على التدريب واللوجيستيات.
وصف رجال المليشيات الذين أجريت معهم لقاءات في العراق كيف سجلوا في مكاتب التجنيد للمليشيات المدعومة من إيران لقتال تنظيم داعش، بعضهم تدرب في العراق، في حين ذهب آخرون إلى إيران من أجل تدريبات استمرت 15 يوما قبل التوجه إلى سوريا للقتال، وتلقى المقاتلون الأكثر خبرة دورات متقدمة مع قادة من إيران وحزب الله في إيران أو لبنان.
بالنسبة لعلي حسين، طالب ثانوي عراقي متسرب من التعليم، بدأت المعركة بعد اقتحام تنظيم داعش لشمال العراق في 2014، وتوجه إلى مكتب تجنيد إحدى المليشيات التي تدعمها إيران للانضمام إلى القتال ضد الإرهابيين، لكن في البداية قيل له إن عليه القتال في سوريا ضد المتمردين، وتم نقله إلى إيران مع مقاتلين آخرين ثم نقلوا جوا إلى سوريا حيث تلقوا تدريبات عسكرية، بالإضافة إلى محاضرات عن الحرب المقدسة. بعد شهر على خطوط المواجهة عاد إلى العراق ومعه ألف دولار وحماس أيديولوجي جديد.
يقول فيليب سميث، الباحث بجامعة مريلاند ويدرس الجماعات المسلحة إن أكثر من 10 آلاف مقاتل عراقي كانوا في سوريا خلال معركة حلب العام الماضي، بالإضافة إلى الآلاف من دول أخرى.
ويقول مقاتلون إن ضباطا من إيران نسقوا أمر القوات البرية مع قوات النظام والقوات الجوية السورية، في حين قدم حزب الله قادة ميدانيين يتحدثون اللغة العربية.
ودافع قادة المليشيات العراقية عن دورهم في سوريا بقولهم إنهم ذهبوا لحماية الأماكن المقدسة وقتال الإرهابيين بناء على طلب حكومة النظام.
أما في اليمن، فتقول "نيويورك تايمز"، إن إيران وحزب الله تبنوا قضية المتمردين الحوثين، الذين اقتحموا العاصمة صنعاء عام 2014؛ حيث قدموا لهم الدعم العسكري واللوجستي.
ويقول علي الأحمدي، رئيس جهاز الأمن اليمني السابق، إن المقاتلين الحوثيين بدأوا تلقي التدريبات العسكرية في لبنان في وقت مبكر من عام 2010، وإن اثنين من عملاء حزب الله اعتقلوا في اليمن عام 2012 وعادوا إلى لبنان عبر عمان.
ويضيف "أرسلناهم مع رسالة شفهية إلى زعمائهم تقول: توقفوا عن التدخل في اليمن".
الموارد والقاعدة الأم
بالنسبة للتمويل، اعترف قادة حزب الله أن معظم ميزانيته تأتي نقدا من إيران، لكن يقول المقيمون ضمن تجمعات حزب الله إنهم يشعرون بمشكلة عدم وجود مال كافٍ مع نقص أموال الاقتصاد؛ حيث يقوم الحزب بتخفيض الإنفاق.
أما عن قاعدته الرئيسية، فمن بيروت يدير حزب الله عملياته السياسية والاجتماعية والعسكرية التي تعطيه القوة في موطنه وتزيد من نفوذه في الخارج. وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن حزب الله لا يسيطر على الدولة بقدر ما يحافظ على السلطة التي يحتاجها لمنع أي جهد يقوض قوته، وفقا لدبلوماسيين ومسؤولين لبنانيين.
وتقول "نيويورك تايمز" إن مركز عمليات حزب الله هو الضواحي الجنوبية من بيروت، التي تعتبر المركز الرئيسي للحزب ومنطقة دبلوماسية افتراضية للحلفاء الإقليميين، وفي الداخل يدير بيروقراطيو حزب الله نظام مدرسي خاص وشبكة خدمات اجتماعية، ويحافظ ممثلو المليشيات الطائفية والحوثيون اليمنيون على التواجد، فضلا عن وجود مجموعة من المحطات التلفزيونية الفضائية التي يديرها حزب الله وحلفاؤه لنشر الأخبار المؤيدة لإيران بالمنطقة.
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuNDAg
جزيرة ام اند امز