«مهمة النار».. ماذا نعرف عن الفريق الإسرائيلي الذي طارد حزب الله؟

في قلب استراتيجية إسرائيل العسكرية ضد حزب الله، تبرز «مهمة النار» كواحدة من أكثر الفرق الاستخباراتية تطوراً، التي كُلفت بمطاردة «أحد أعتى» خصوم الدولة العبرية في المنطقة.
الهدف من هذا الفريق، الذي ضم 300 شخص يعملون بشكل متواصل لسنوات طويلة، ليس فقط معرفة نقاط ضعف حزب الله بل تدمير منظومته العسكرية والاستخباراتية من الجذور، إذ انطلقوا في دراستهم من رأس التنظيم إلى أخمص القدمين، محققين تقدماً هائلًا في تدمير البنية التحتية لحزب الله وقدراته الصاروخية.
فماذا نعرف عن مهمة النار؟
للمرة الأولى، أماطت إسرائيل اللثام عن تفاصيل فريق الاستخبارات "مهمة النار" الذي تم تكليفه بمطاردة حزب الله فدرس الخصم من الرأس إلى أخمص القدمين.
ووفقا للقناة الإخبارية 12 الإسرائيلية في تقرير تابعته "العين الإخبارية" فإن الفريق كان يعمل منذ فترة طويلة، بعضها منذ عقود، ودرس تنظيم حزب الله من الرأس إلى أخمص القدمين، مضيفة: كان الهدف ولا يزال فهم نقاط الضعف، تلك التي ستمثل «ضربة ساحقة وستغير الصورة».
وقد قيل لأعضاء الفريق: «أنتم من سيتعرف عليهم عن كثب - وستقومون بتحليلهم».
بداية الفكرة
بدأت الفكرة عندما أدركت إسرائيل أن هجماتها على موارد الأسلحة لحزب الله القادمة عبر سوريا غير كافية لصد هجوم كبير على المدن الإسرائيلية.
وأشارت القناة الإسرائيلية إلى أنه "كان الفهم في إسرائيل هو أن الهجمات ومنع نقل السلاح -ما سُمي بالحملة بين الحملات- لم تكن كافية للحد من التهديد، فهي تهدف إلى التعطيل والتأخير وليس اتخاذ القرار».
وقال المصدر في المخابرات: «أنشأنا فريقا عملياتيا استخباراتيا».
وقالت القناة الإسرائيلية: «هناك لحظة حددتها فيها المخابرات العسكرية، قبل عام من عملية السهام الشمالية (التي بدأت في سبتمبر/أيلول 2024)، من هناك قمنا ببناء فريق من 300 شخص في هذه المهمة. هذا هو أكبر عدد من الأشخاص الذين تم تكليفهم بمثل هذه المهمة على الإطلاق، العشرات من جنود الاحتياط الذين يصلون كل يوم ويعدون خطة حاسمة لحزب الله».
وأضافت: «لا يزال الفريق نفسه يعمل ويقود الهجمات والاغتيالات في حال خرق اتفاق وقف إطلاق النار».
وأشارت إلى أن إنشاء الفريق يهدف -أيضا- إلى «الإضرار بأنظمة الاستخبارات والاتصالات التابعة لحزب الله، وكذلك قواعد بياناته، وكبار المسؤولين الذين يقودون هذه التحركات».
وقال مسؤول في الفريق: «ليس من قبيل الصدفة أننا أطلقنا على فؤاد شكر، الذي قضينا عليه منذ البداية، كرئيس أركان المنظمة»، وتبعه إبراهيم محمد قبيسي، قائد منظومة الصواريخ في التنظيم، الذي كان ينظر إليه هناك على أنه محترف في هذا الموضوع.
وأضاف: «أولا وقبل كل شيء، علينا ضرب أسلحة التنظيم، وكذلك قيادته وسيطرته، تراكمت هذه الأضرار بمرور الوقت خلال الحرب، من قادة القطاعات إلى القادة والأمين العام حسن نصر الله نفسه. كانت هناك وحدات انتهت دون قائد واحد، من رتبة قائد سرية أو قائد كتيبة إلى القمة».
وتابع المصدر في فرقة الاستخبارات: «هناك أطر تفككت وباتت غير قادرة على تنفيذ مهمتها، إن حزب الله ليس بعد في المكان المناسب للبدء بإعادة البناء، لا يزال يحاول فهم ما حدث له».
وأشار إلى أنه «منذ بداية الحرب، كان لدى حزب الله نحو 4500 قتيل و9000 جريح: أي 50% من قوته النظامية، وخطط التنظيم اللبناني للاعتماد على قوته الاحتياطية، التي يبلغ عددها نحو 50 ألف رجل، في أوقات الحرب، ولكن من الناحية العملية حضر نحو 10% فقط».
وقال: «أدى ذلك إلى قمع حقيقي للعدو في جميع التشكيلات الاستراتيجية، وانخفضت معنويات العدو بشكل كبير بسبب مجموع الهجمات والإحباطات».
وأوضح المصدر في فرقة المخابرات أن «هذه كانت أكبر ضربة وجهها له الجيش الإسرائيلي على الإطلاق».
ورغم الأضرار وحجم الدمار في شمال إسرائيل، فإن فريق «مهمة النار» فخور: «لقد حققنا أهدافنا، ولم يتم اختراق قدرات الدفاع الجوي أو إلحاق الضرر، ولا توجد أضرار استراتيجية كبيرة على الجانب الإسرائيلي».
وأضاف: «صحيح، فيما يتعلق بالأهداف التي حددناها، لم ندمر 90% كما أردنا، لكننا دمرنا 70% -75%، وحققنا الأهداف أيضا».
ماذا حقق؟
ووفقا لتقديرات وتحليلات الجيش الإسرائيلي تم تدمير نحو 80% من أسلحة قوة رضوان وتم تدمير ثلث قواتها على الأقل، وفيما يتعلق بالبنية التحتية للأنفاق بالقرب من الحدود، تم تدمير جميع الأنفاق التي يعرفها الجيش.
ليس هذا فحسب، بل تم تدمير نحو 70% من البنية التحتية لحزب الله في جميع أنحاء لبنان: شقق عاملة وغرف حرب ومستودعات أسلحة ومواقع إنتاج، وفقا للتقديرات.
وقال المصدر في المخابرات: «لقد وصلنا إلى مراكز المعرفة وورش العمل والعلماء والمهندسين، كما تضرر نظامهم الاقتصادي، وهذا يؤخر توزيع التعويضات والنقود على السكان (نيابة عن حزب الله)».
وذكرت القناة الإسرائيلية أنه «لم تكن لهذه الهجمات أن تتحقق لولا المعرفة المسبقة بالأهداف».
وقال مصدر في الفريق: «لقد كان مستوى المعرفة الداخلية بالمنظمة مفصلاً بما يتجاوز التوقعات، لقد وصلنا إلى مستويات من الدقة والتعرف على العدو لم نكن لنتخيلها، خاصة لو سألتني قبل عشر سنوات».
وأضاف: «الدقة التي حققناها أتاحت لنا تحقيق إنجازات لم نكن لنتخيلها. كانت المخاوف والتحذيرات من كارثة قادمة من الشمال، من نوع لم تشهده إسرائيل من قبل، تطفو في ذهني باستمرار: قالوا إن المباني سوف تتساقط من حيفا إلى تل أبيب - لقد تمكنا من نزع فتيل هذا السيناريو».
ويشير المصدر الإسرائيلي إلى أنه فخور بالضرر الهائل الذي لحق بقدرة حزب الله بشكل غير مسبوق، مضيفًا: «قبل الحرب، كانت التقديرات تشير إلى وجود عشرات المواقع التي يمكن أن تحدث أضرار في الدفاعات الجوية والمواقع الاستراتيجية. بفضل بنك أهداف وبنية تحتية معرفية عمل عليها مئات الأشخاص لعقود، تمكنا من منع ذلك، وعشية اندلاع الحرب، كان حزب الله المنظمة التي تمتلك أكبر مخزون صاروخي في الشرق الأوسط».
وأضاف: «يقول الجيش الإسرائيلي إن الصورة اليوم مختلفة تماما، فبحسب التقديرات تم تدمير نحو 70% من منصات إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله، ولا تملك المنظمة حاليا القدرة على إطلاق ضربات نارية ضد دولة إسرائيل. ولا يزال حزب الله يملك القدرة على إطلاق النار، كما نرى من وقت لآخر، لكن نطاق إطلاقه أصبح أقل بكثير».
ويقول المصدر في جهاز المخابرات إن حزب الله حاول فصل التشكيلات من أجل جعل من الصعب على إسرائيل إلحاق الأذى بها، مضيفًا: «لقد بنى مجموعة متماثلة مع مجموعات متطرفة مختلفة داخله، وهكذا، على سبيل المثال، في مناطق الإطلاق في جنوب لبنان، وضعوا المسار في مكان ومكون الإطلاق في مكان آخر، ولكل مجموعة سلاح ووحدة مختلفة».
4 آلاف صاروخ دفعة واحدة
ويشير التقرير إلى أن حزب الله خطط لإطلاق 4 آلاف صاروخ على إسرائيل دفعة واحدة في هجوم حاسم.
ويوضح المصدر في المخابرات: «كان من المخطط أن تكون ضربتهم الافتتاحية بضعة آلاف، على سبيل المثال، لإطلاق مئات الصواريخ قصيرة المدى على مدينة كبيرة، ثم الصواريخ متوسطة المدى، ثم الصواريخ الدقيقة».
وأضاف: «هذه هي الطريقة التي خطط بها لإغراق أنظمة الدفاع الجوي لدينا، ثم استخدام الصواريخ الدقيقة لضرب المواقع الاستراتيجية. كانوا يطمحون إلى تنفيذ هذه الخطة على عدة أهداف في وقت واحد، قاموا ببناء عدد غير قليل من قدرات استخبارات التي عرفت كيفية التواصل مع بعضها البعض. لقد بنوا آليات جيدة وركزنا على أخذ أكبر عدد ممكن من القدرات منهم».
aXA6IDE4LjExOS4wLjIwNyA=
جزيرة ام اند امز