استقالة الحريري.. هل يشعل حزب الله لبنان بـ7 أيار جديدة؟
"أحداث 7 أيار/مايو" عام 2008 التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت وبعض مناطق جبل لبنان وأشعلها حزب الله
جاءت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، اليوم السبت، كاشفة عن تغول حزب الله مستندا لمرجعيته السياسية الطائفية في طهران، محتميا بسلاح زعم أنه للمقاومة ولكن فوهته باتت موجهة للشعب اللبناني.
ربما يعيد التاريخ نفسه مع حزب الله الذي دأب على خلق صراعات ومعارك وهمية تزيد من سطوته في الداخل اللبناني، وهو ما حدث في المعركة الشهيرة التي يعرفها اللبنانيون بمعركة 7 أيار أو "أحداث 7 أيار/مايو" عام 2008 والتي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت وبعض مناطق جبل لبنان.
- ما قبل الاستقالة.. 3 تحذيرات أطلقها الحريري عن إيران
- تأييد وغضب وتحذير.. ردود فعل متباينة بلبنان على استقالة الحريري
تلك المعركة الداخلية اعتبرت الأكثر خطورة وعنفا منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، وكانت إثر صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله، وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير.
كعادته روج حزب الله أن المستهدف من القرار هو المقاومة، ولكن التفسير السياسي الأقرب للواقع أن معركة كانت مبيته ويجري الإعداد لها منذ وصول قوى 14 آذار (تحالف سياسي يتكون من كبار الأحزاب والحركات السياسية التي ثارت على الوجود السوري في لبنان بعيد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري) إلى السلطة بعد الانتخابات النيابية التي جرت عام 2005.
بداية الأحداث
بداية الأزمة كانت في الرابع من أيار/مايو عام 2008، إثر اكتشاف الوحدة الألمانية المشاركة في قوات "اليونيفيل" الأممية كاميرا المراقبة على المدرج 17 في مطار رفيق الحريري الدولي، والتي أحالت بشأنها مراسلة رسمية إلى وزير الدفاع الوزير الياس المرّ الذي أحالها بدوره إلى النيابة العامة ومن ثم إلى الحكومة.
الوزير المر قرر حينها إبلاغ مجلس الوزراء بالأمر، واطلع منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد صباح الأول من أيار، وسلمه نسخة عن المراسلة. فما كان من سعيد إلا التوجّه على الفور من وزارة الدفاع إلى المختارة للقاء النائب وليد جنبلاط وزوّده بالنسخة التي في حوزته، فطار صوابه، مسارعا إلى كشف النقاب عنها في مؤتمر صحفي.
لم يكتف جنبلاط بذلك، وإنما ألغى سفره الذي كان مقررا في اليوم التالي إلى القاهرة، وعقد مؤتمرا صحفيا عرض فيه خرائط الشبكة كاشفا النقاب عن كل التفاصيل.
وشنّ هجوما على حزب الله وأمينه العام، معتبرا أن رئيس جهاز أمن المطار مخترق وتابع لحزب الله، وطالب بإقالته.
كما دعا الى وقف الرحلات الجوية للخطوط الجوية الإيرانية إلى بيروت وطرد السفير الإيراني من لبنان، واتّهم من يقف وراء هذه الأعمال ربّما بالتخطيط لقتله أو لقتل سعد الحريري أو فؤاد السنيورة.
عقدت جلسة مجلس الوزراء في الخامس من أيار/مايو مصدرا قرارين على مستوى كبير من الأهمية الأول مصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله والثاني إقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي.
حزب الله يحتل بيروت
جن جنون حزب الله إثر قرارات الحكومة اللبنانية التي سعى الحزب لإفشالها مرارا ليعلن مسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي أن "الفريق الآخر يلعب بالنار ومن يلعب بالنار يحرق يديه".
واعتبر حزب الله إقالة العميد شقير "تجاوز للخطوط الحمر"، رافضا الإفصاح عمّا سيقوم به الحزب ردّا على هذه الخطوة.
في السادس من أيار/مايو بدأ الحزب عبر مليشياته في الخروج عن السيطرة والانتشار بعيدا عن الضاحية الجنوبية وصولا لاحتلال وسط العاصمة بيروت وتنفيذ سلسلة اعتداءات وهجمات ضد سكان بيروت والمنشآت الحيوية الاقتصادية والخدماتية.
بالغ حزب الله في رد فعله معلناً إغلاق مطار رفيق الحريري الدولي من خلال نشر مسلّحيه على طريق المطار وقطع الطريق المؤدية إليه بالأطر المشتعلة، ما اضطرت معه إدارة الطيران المدني إلى تعليق حركة الطيران من المطار وإليه، كما قام مسلحو حزب الله بإحراق عدد من مقرات "تيار المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري.
السابع من أيار/مايو
تجاوز حزب الله الخطوط الحمراء التي تحدث عنها مسؤول الحزب للعلاقات الدولية لتخلو العاصمة من أي وجود للقوى الأمنية الرسمية، كما سحب الجيش عناصره من الشوارع ومن نقاط المراقبة، وأعاد تمركزها خارج المدينة منعا لنشوب حرب أهلية جديدة.
أعاد حزب الله رسم ملامح الحرب الأهلية بمواكب من مسلّحي "حزب الله" و"حركة أمل" والحزب "السوري القومي الاجتماعي" و"البعث"، ما قاد إلى مخاوف أن يكون فؤاد السنيورة وسعد الحريري مهددين بصفة شخصية، وكان الموقف الشهير لرئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، الذي لخصه بقوله: "لن أخرج من بيروت، سأبقى هنا مع أهل بيروت ومع سعد الحريري وفؤاد السنيورة".
أين سعد الحريري؟
زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي خبر جيدا ومن قبله والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري مناورات حزب الله واستقواءه بإيران كان له رأي خاص في المعركة التي يحاول حزب الله إشعالها ونقلت عنه وسائل الإعلام المحلية والعالمية حينها في 7 أيار/مايو 2008 تصريحاته أن حزب الله يقود عملية عسكرية لا تحمل أي أفق سياسي، وأن مليشيات الحزب لا يمكنها البقاء في بيروت كقوة احتلال.
الحريري الابن كان من النضج السياسي الذي ورثه عن أبيه أن يعلن للجميع أنه ليس هناك ما يدعو للقلق، وأنه على الجميع أن ينتظر هدوء تلك الحالة التي اصطنعها حزب الله والتي وصفها الحريري بـ"النوبة".
ويبدو أن الحريري كان أكثر حكمة من نصرالله مشددا لأتباعه وقوى 14 آذار على عدم الانجرار وراء حالة الصرع التي يعيشها حزب الله وعدم ارتكاب أي خطأ من يقود إلى حرب أهلية، مؤكدا أنه يرفض تحمّل مسؤولية أي نقطة دم.
الأيام القادمة
الأيام القادمة هي وحدها الكفيلة بالكشف عن نوايا حزب الله وظهيره في إيران تجاه لبنان وشعبها، بل تجاه المنطقة التي تحاول إيران وأذرعها جرها إلى هاوية الحرب والاشتعال.
محاولات اغتيال الحريري التي كشف عنها في خطاب الاستقالة حلقة جديدة في سلسلة جرائم لم يتوقف عنها نصرالله وحزبه بإيعاز من إيران.
والأجواء التي تحدث عنها سعد الحريري أنها شبيهة بتلك الفترة التي اغتيل فيها والده في فبراير 2005 تنذر بتوتر كبير يهدد لبنان، يصب فيه الزيت على النار حزب الله الذي وصف أمينه العام أحداث السابع من أيار/مايو 2008، التي كادت تؤدي لحرب أهلية جديدة في لبنان بأنها "يوم مجيد" في لبنان.
aXA6IDE4LjExNy43OC44NyA= جزيرة ام اند امز