نواب: "حزب الله" يرفض تدخل صندوق النقد حماية لمصالحه
برلمانيون لبنانيون أكدوا أن "حزب الله" يرفض تدخل صندوق النقد خوفا على مصادر تمويله من التهريب عبر المعابر غير الشرعية أو الشرعية.
أكد برلمانيون لبنانيون أن "حزب الله" يرفض الاستعانة ببرامج صندوق النقد الدولي في حل الأزمة الاقتصادية بالبلاد، خوفا على مصادرؤ تمويله المتمثلة بشكل أساسي في التهريب عبر المعابر الحدودية غير الشرعية أو الشرعية، مثل المرفأ والمطار، التي يسيطر عليها.
وأضافوا أن تمسك حزب الله برفضه تدخل صندوق النقد، باعتباره يمثل هيمنة خارجية علي البلاد، ما هو إلا حجة للدفاع عن مصالحه المالية.
واتفق كل من "تيار المستقبل" و"حزب القوات" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" التي تدعو جميعها الى الاستعانة بصندوق النقد للخروج من الأزمة، على اعتبار أن أسباب رفض حزب الله للصندوق تعود إلى أن إجراءاته المتوقعة ستطال نفوذ الحزب ومصالحه، خصوصا في المرافق العامة والتهريب عبر الحدود.
وحاليا تتجه الأنظار إلى القرارات التي ستتخذها الحكومة اللبنانية بشأن الخطة الإصلاحية التي وعدت بها لحل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان.
وبدأ الخلاف يظهر بين الفرقاء السياسيين في هذا الشأن، إذ فيما يدعم معظمهم الاستعانة بصندوق النقد الدولي للسير بتطبيق الإصلاحات، يقف حزب الله الذي تهيمن كتلته مع حلفائها على البرلمان، على لسان مسؤوليه على "الشروط" التي تفرضها "أي منظمة دولية"، خوفا مما اعتبره "الوصاية الأجنبية".
وطلب لبنان مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي تمهيدا لتنفيذ "الإصلاحات" التي يؤمل أن تعيد الاستقرار والنمو.
وحضر وفد من صندوق النقد الدولي إلى بيروت الشهر الماضي، بطلب من السلطات اللبنانية، ولكن لم يتم الإعلان عن أي مساعدة من هذه المؤسسة إلى الآن، بانتظار قرار الدولة.
ولكن نظرا لحجم الأزمة، فإن خطة إنقاذ مالية لا بد منها، بحسب الخبراء.
والأسبوع الماضي أعلن لبنان "تعليق" سداد سندات دين "اليوروبند" في تخلّف عن دفع ديون للمرة الأولى في تاريخه، مع تأكيده السعي إلى التفاوض حول إعادة هيكلة الدين في ظل أزمة مالية تطاول الاحتياطات بالعملات الأجنبية.
ولطالما يعاني لبنان من المعابر غير الشرعية لا سيما عند الحدود الشرقية مع سوريا، حيث من المعروف وقوعها تحت سيطرة حزب الله؛ وهي الحدود التي تمتد على مساحة 340 كيلومترا من جبل الشيخ إلى منطقة القاع ووادي خالد في الشمال.
وحتي الآن لم يتم اتخاذ أي قرارات أو إجراءات حاسمة للحد من سيطرة حزب الله عليها وإعادتها لسيطرة الدولة، رغم أنها تخسّر لبنان أموالا طائلة، تقدر بنحو 600 مليون دولار، حسب الخبراء.
وفي نهاية العام الماضي، كان قد تحدث المجلس الأعلى للدفاع اللبناني عن وجود 136 معبراً غير شرعي، وهو الأمر الذي أعاد تأكيده وزير المالية آنذاك علي حسن خليل، أمام مجلس النواب، بصحة وثيقة تؤكد وجود هذا العدد من المعابر على طول الحدود البرية مع سوريا، ما لاقى انتقادا من البرلمانيين، واصفين إياه بالفضيحة، وسط دعوات للحكومة إلى التحرك.
حتى إن خليل أكد ما يقوله اللبنانيون في منطقة البقاع، مشيرا إلى أن "لكل معبر اسما يُطلق عليه حسب أنواع البضائع المهربة"، معترفا بأن الدولة اللبنانية عاجزة عن التعامل مع هذه الأزمة، حيث إن إمكاناتها غير متوافرة لمكافحة التهرب الجمركي.
وعن موقف حزب الله من الاستعانة بصندوق النقد، يقول مصدر نيابي في تيار المستقبل، لـ"العين الاخبارية" إن الاقتراحات المتوقعة من صندوق النقد لا شك أنها ستتمحور حول إصلاحات مرتبطة بوقف التهريب والفساد في المؤسسات، وهي جميعها إذا طبقت، ستطال بشكل أساسي حزب الله الذي لطالما يقف دون تطبيقها إلى جانب عدد من حلفائه.
ومع تأكيده أهمية اللجوء إلى صندوق النقد الدولي يذكّر النائب في "الحزب التقدمي الاشتراكي" بلال عبدالله بما حصل في السنوات الماضية حين حالت السياسة دون إجراء أي إصلاحات، ويقول لـ"العين الإخبارية": "حزب الله يطرح حجة الهيمنة الخارجية لرفضه الاستعانة بصندوق النقد"، ونحن نسأل: "أين سيادة الدولة اليوم؟ وأين هو قرارها اليوم في ظل الهيمنة التي يمارسها بعض الفرقاء وعلى رأسهم حزب الله؟".
ولا يختلف موقف "المستقبل" و"الاشتراكي" عن موقف "حزب القوات اللبنانية" الذي لا يرى بدوره أي سبب خلف رفض الحزب لصندوق النقد سوى الخوف على مصالحه.
وهذا ما يعبّر عنه كل من النائب في "القوات" وهبي قاطيشا والنائئب السابق والقيادي في القوات، أنطوان زهرا.
ويقول قاطيشا لـ"العين الإخبارية": "يخاف حزب الله من الصندوق لأنه أعلن حربا كونية على العالم، وإذا أتت هذه المؤسسة الدولية لتضع خطة وإجراءات قاسية في لبنان ستطال بالتأكيد تجاوزاته في الحدود الشرقية، مع سوريا، وفي المرافق العامة، لا سيما المطار والمرفأ.
وأكد أن حزب الله يفرض سيطرته متحررا من الدولة اللبنانية وسلطتها.
ويسأل قاطيشا: "هل سيتخلى حزب الله عن حصته في الأموال التي يحصل عليها في هذه المرافق؟"، مضيفا: "كيف يدعو إلى الإصلاح وهو يدير جزءا من الفساد ويغطي الجزء الآخر؟".
ويوضح: "الاتفاق بينه وبين حليفه التيار الوطني الحر أن يغطي الثاني له سلاحه وحزب الله يغطي فساد التيار".
ويعبّر قاطيشا عن خشيته من "أن يؤدي موقف حزب الله من صندوق النقد إلى التأثير على موقف الحكومة المحسوبة عليه والخاضعة لسيطرته، حتى إنه يمنع الوزراء من التصريح، بحيث بات ممسكا الحكومة ورئاسة الجمهورية رهينة بيديه".
ومع تأكيد قاطيشا ضرورة تعاون لبنان مع صندوق النقد الدولي "الذي لم يعد أمامنا غيره لتقديم بعض الأموال إضافة إلى إجراء الإصلاحات بعدما أدت سياسة حزب الله إلى إبعاد الأصدقاء العرب عن لبنان"، يضيف: "حتى إن صندوق النقد إذا كان سيساعدنا ببعض الأموال فهو لن يقدمها إلا إذا طبقت الإصلاحات، وهذا صعب التنفيذ في ظل الوضع السياسي الحالي من دون تدخل المؤسسة الدولية".
بدوره، يقول النائب السابق أنطوان زهرا لـ"العين الإخبارية": "لا شك أن 80% من الإجراءات والإصلاحات التي من المتوقع أن يفرضها صندوق النقد مرتبطة بسيطرة حزب الله على المعابر الشرعية وغير الشرعية". ويضيف: "هذه الإجراءات تعني تعميم سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وهذا من شأنه إنهاء دور حزب الله في استخدم لبنان من أجل مصالحه الإقليمية، وبالتالي قد يؤدي هذا الأمر إلى إيقاف مصادر التمويل التي بات يعتمد عليها بعدما تراجعت الأموال التي اعتاد الحصول عليها من إيران".
ويؤكد: "كل خطوة باتجاه سيادة الدولة لا شك أنها ستكون على حساب حزب الله الذي يفرض سيطرته عليها".
وفي الإطار نفسه، قال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أمس: "الحاجز الأساسي للإنقاذ اليوم هو حزب الله أولا، فهو الذي يمسك بقرار الحكومة، وبالتالي كل الإصلاحات المطلوبة للإنقاذ محلها في مكان واضح وصريح".
وأضاف: "سمعنا وزير المالية يتحدث عن الإصلاحات وجزء أساسي منها مرتبط بحزب الله، فهل سيقبل بتقليل حجم القطاع العام لتخفيف العبء على الدولة؟ وهل سيقبل بضبط المعابر ووقف التهرّب والتهريب؟ وهل سيقبل برفع وصاية حزب الله عن المرفأ والمطار؟".
aXA6IDE4LjExOS4yOC4yMTMg جزيرة ام اند امز