"عون" في عين العاصفة.. ودعم حزب الله يحول دون إسقاطه
يكاد يكون مطلب استقالة الرئيس من"المحرمات" في لبنان لأسباب طائفية لكن في حالة ميشال عون هناك أسباب أخرى.
ومع بدء بعض الأحزاب والشخصيات المسيحية رفع الصوت ضده وضدّ عهده، تبقى المشكلة الأبرز ، إضافة إلى رفض البطريرك الماروني بشارة الراعي، دعم حزب الله له.
في وقت يرى فيه مختلف الأطراف أن عهده انتهى ولم يعد ينقص إلا استقالته. لكن هذه الاستقالة تبدو شبه مستحيلة رغم الأصوات التي ترفع مرارا داعية إلى إسقاطه مع الانهيار غير المسبوق على مختلف الصعد الذي وصل إليه لبنان في عهده.
ومن أبرز الأحزاب، التي طالبت صراحة وعلنا باستقالة عون، "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي يرأسه وليد جنبلاط، إضافة إلى معارضين آخرين وإن كانوا غير محسوبين على أحزاب كبرى.
كما رفع مطلب الاستقالة أيضا مجموعات الحراك المدني في المظاهرات الشعبية التي خرجت في لبنان في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2019، من دون أن تلقى تجاوبا.
لكن ورغم ذلك فإن هذه المطالبات تقابل بالاتهامات المضادة من قبل التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب جبران باسيل، صهر عون، الذي لم يتوان عن الدعوة إلى مظاهرة قي عز الانتفاضة الشعبية العام الماضي، إلى قصر بعبدا الرئاسي، دعما للرئيس عون وهو الذي يعمل ويبذل جهده ليرث المنصب بعد عمه رغم العقوبات الأمريكية التي تكبله على خلفية تحالفه مع حزب الله واتهامه بالفساد.
ومؤخرا، سجل تبدل لافت في لهجة "حزب القوات اللبنانية" (من أكبر الأحزاب المسيحية) تجاه رئيس البلاد بعدما كان يتفادى أو يرفض الدعوة إلى استقالته لاعتبارات أيضا طائفية.
إذ ارتفعت أصوات من رأس الهرم في الحزب مهاجمة عون وهو ما ينسحب على المسؤولين والنواب في "القوات" حيث خرج رئيسه سمير جعجع ليقول: "لو كنت مكان الرئيس عون لاستقلت"، مع ما يرافق هذه التصريحات من إقرار بفشل العهد ورئيسه وتحميل باسيل الذي يعتبر "الرئيس الظل" مسؤولية كل التعطيل في البلد.
هذا في الشكل، أما في العمق، فقد فرمل "الحزب الاشتراكي" دعوته لاستقالة عون ليقينه واعتراف مسؤوليه بأن مطلبا كهذا لن يجد طريقه إلى التنفيذ إذا لم يترافق مع دعم مسيحي واسع من قبل الأحزاب المسيحية أو من قبل البطريرك الماروني.
بينما يعتبر "حزب القوات" أن استقالة عون في الوقت الحالي مع سيطرة حزب الله وحلفائه على البرلمان لن تغير في الواقع شيئا.
وإسقاط عون غير ممكن أو صعب دستوريا وبالتالي ما قد يؤدي إلى استقالته هو فقط الضغط السياسي والشعبي.
ووفق الدستور اللبناني، هناك آليتان فقط لاستقالة رئيس الجمهورية، إما بتقديم استقالته بنفسه وإما من خلال اتهامه بالخيانة العظمى ومحاكمته في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وفي هذا الإطار، قال النائب في "الحزب الاشتراكي"، بلال عبدالله، لـ"العين الاخبارية"، إن "النظام الطائفي اللبناني يعيق إسقاط الرئيس، وفي حالة الرئيس عون السبب مضاعف وهو أن بقاءه وصموده مرتبط بحزب الله الذي بات الداعم الوحيد لهذا العهد بعدما أعلن الجميع فشله".
وأضاف: "حزب الله يشكل غطاء لعون والعهد ومن خلفه باسيل ليتحكم بالقرارات في الدولة، رغم كل الفشل والتعطيل والإمعان بالكيدية السياسية، إلى أن وصلنا للانهيار".
وعن سبب عدم المضي قدما في معركة إسقاط الرئيس عون، قال عبدالله: "في الوقت الحالي لسنا في صدد خوض هذه المعركة لاعتبارات طائفية بعدما جرّبنا في وقت سابق ولم نصل إلى نتيجة".
وتابع: "وهذا ليس بسبب عدم قناعتنا بضرورة استقالته إنما لتعاملنا بواقعية مع الوضع اللبناني اليوم الذي لا يحتمل تحريك الغرائز الطائفية التي يمكن أن يستغلها البعض وبالتالي الذهاب إلى مكان نحن في غنى عنه".
ولا يختلف موقف النائب في "القوات اللبنانية" وهبي قاطيشا كثيرا عن موقف عبدالله، وهو الذي كان قد شن وحزبه هجوما مؤخرا على عون على خلفية موقفه الخجول من موقف قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، علي حاجي زادة، التي قال فيها إن "قدرات غزة ولبنان الصاروخية، هي الخط الأمامي للدفاع عن إيران".
وعما إذا كان "القوات" يدعم مبدأ استقالة عون وعن السبب الذي يحول دون ذهابه بعيدا إلى حد الدعوة لإسقاطه، أكد قاطيشا، في حديث لـ "العين الاخبارية"، على أن خطوة كهذه لن يكون لها انعكاساتها الإيجابية بل على العكس من ذلك.
فيما أكد على أن عدم مطالبتهم بإسقاطه لا ترتبط بطائفة الموقع.
وأوضح "إذا استقال اليوم عون فسيأتي حزب الله برئيس محسوب أيضا عليه وقد يكون أسوأ من الرئيس الحالي، وذلك لسيطرته مع حلفائه على البرلمان اللبناني الذي تقع عليه مهمة انتخاب الرئيس".
من هنا جدد قاطيشا التأكيد على دعوة "القوات" الأساسية اليوم وهي إجراء انتخابات نيابية مبكرة بدلا من الانتظار سنتين إضافيتين، ما من شأنه أن يغير صورة البرلمان وتقليص حصة حزب الله وحلفائه ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية بعد ذلك.
وانتخب عون رئيسا عام 2016 بدعم من حزب الله الذي عطّل البرلمان اللبناني ومنع انعقاد جلسات الانتخاب لعدم اكتمال النصاب بغياب نوابه ونواب حلفائه، سنتين ونصف السنة.
إلى أن وصل إلى مبتغاه بانتخاب عون رئيسا وذلك ضمن اتفاق تحالف بين "التيار الوطني الحر" الذي كان يرأسه عون قبل باسيل عرف آنذاك بوثيقة "مارمخايل" التي وقعت عام 2006.
aXA6IDMuMTQ0LjEwOS4xNTkg جزيرة ام اند امز