اللعب على التناقضات الصارخة كان ولا يزال مهمة النظام في قطر، وهذا التلاعب بطبيعته يؤدي إلى الارتباك وصعوبة في تفسير المشهد السياسي.
سؤال مهم يتبادر إلى الأذهان حول نوايا جديدة لقطر في لبنان، والتي كما يبدو أنها تمتد لسنوات طويلة مضت، وتحديدا عندما نتذكر تلك الأحداث التي وقعت بعد العام 2006، أي بعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان، وخصوصا المواجهة التي وقعت لمن يسمون أنفسهم ظلما بأنهم المقاومة عن الحقوق الفلسطينية، في تلك الأيام نتذكر كيف عجزنا عن تفسير واضح للموقف القطري، ولكن مع الأيام بدأ يتكشف الكثير من الحقائق حول الدور القطري الخفي في المنطقة.
لعبة المواقع السياسية هي أخطر لعبة يمكن ممارستها من قبل الدوحة التي لا تعلم من أين تبدأ وكيف تنتهي.. إن استخدام الدوحة لنفسها وقودا مشتعلا بين الممرات المتناقضة في عالمنا العربي مهلك وخطير على المدى القادم، ولن يفيد الدوحة سوى في تعقيد الأزمة القطرية مع الجميع وفي كل المجالات
اللعب على التناقضات الصارخة كان ولا يزال مهمة النظام في قطر، وهذا التلاعب بطبيعته يؤدي إلى الارتباك وصعوبة في تفسير المشهد السياسي، فقطر خلال العقدين الماضيين أثبتت أنها تسير على حبل ممتد بين النيران المتناقضة، وهذا ما جعل تفسير موقفها لا يعدو كونه موقفا سلبيا، ولا يؤدي إلى نتائج إيجابية، فالعمل السياسي الذي تمارسه الدوحة يصعب تفسير تناقضاته في إطار الفهم السياسي الطبيعي.
قطر تقيم علاقات راسخة مع إسرائيل، وتعتبر الدولة العربية الأكثر إثارة واستفزازا للمشاعر العربية، حيث زارها رئيس وزراء إسرائيلي ووزيرة خارجية، وفي الوقت ذاته تنتقد قنوات الدوحة الفضائية أي لمحة من لمحات التقارب مع تل أبيب من أي دولة عربية، حتى تلك التي تقيم علاقات رسمية وفق معاهدات دولية قائمة.
ليس هناك تفسير واضح للدور القطري في لبنان سوى القول إن قطر تريد أن تعيش بعمّة في بيروت وبدلة غربية في دمشق، الدوحة تعلم أن لبنان مسرح سياسي معقد من حيث التركيب الطائفي والحزبي والسياسي وحتى العرقي، وعبر السنوات لعبت دول كبرى دورا أكثر مصداقية من الدوحة في محاولة لترسيخ ودعم الاستقرار في لبنان، فلماذا تأتي قطر إلى لبنان في هذا التوقيت؟!
الإغراءات التي تقدمها الدوحة لبيروت، وضخّ الأموال ليس طبيعيا حدوثه في هذا التوقيت، فالدوحة تعادي دمشق! وتتعاطف مع حزب الله! وتدعم إيران (الشريفة) كما يقال عنها في قطر! وتقيم علاقة مع إسرائيل!
هذه المعادلة ليس أمامها للخروج من تعقيداتها سوى الإيمان بأن الدوحة تريد أن تثير مواجهة خفية في هذا البلد، نحن نعلم جميعا أن مفاتيح الدوحة موجودة في الغرب، وحراسها بين طهران وأنقرة، وتتصرف بها داخليا جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك تعادي الأسد الذي تدعمه إيران، وتدعم القوى الفلسطينية ضد بعضها البعض، وتنتصر لحزب الله ضد إسرائيل.
لعبة المواقع السياسية هي أخطر لعبة يمكن ممارستها من قبل الدوحة التي لا تعلم من أين تبدأ وكيف تنتهي.. إن استخدام الدوحة لنفسها وقودا مشتعلا بين الممرات المتناقضة في عالمنا العربي مهلك وخطير على المدى القادم، ولن يفيد الدوحة سوى في تعقيد الأزمة القطرية مع الجميع وفي كل المجالات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة