رمضان في السودان.. غلاء ونقص كهرباء وحلول إبداعية لمواجهة الأزمة
حَلّ شهر رمضان في السودان هذا العام والبلاد تشهد نقصاً حاداً في الإمداد الكهربائي وغلاء فاحشا بأسعار السلع.
وانتقص الغلاء وشح الكهرباء من فرحة السودانيين المعهودة بشهر الصيام، إذ فشلت العديد من العائلات في توفير الاحتياجات الرمضانية.
ويعيش السكان تحت وطأة حرارة الطقس العالية التي تتجاوز 35 درجة مئوية نهاراً لساعات يكون فيها التيار الكهربائي مقطوعاً.
وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بصورة جنونية مع قدوم شهر رمضان خصوصاً اللحوم الحمراء والسكر والبصل وكثير من المواد التموينية.
لكن السودانيين كعادتهم في ابتداع الحلول لجأوا إلى صيغ تكافلية لمواجهة الأزمات في شهر رمضان، تجلّت في مبادرات لتبادل الأطعمة ومشاركة التيار الكهربائي، الشيء الذي خفف من وطأة تلك المشكلات.
يقول الصادق عبدالله (33 عاماً) إنه وضع برنامج زيارات إلى أقاربه وأصدقائه، وفق جدول انقطاع التيار الكهربائي بالأحياء السكنية، حتى يستمتع بالكهرباء طوال اليوم.
يقول عبدالله لـ"العين الإخبارية": "الوقت الذي يكون فيه التيار الكهربائي مفصولاً في منزلنا نذهب إلى أقاربنا في حارة أخرى لنقضي معهم الساعات المتاح لهم فيها، ومعارفنا الآخرين يفعلون الشيء نفسه بالمجيء إلينا، فبهذا التكاتف استطعنا مواجهة الأزمة".
ومنذ أشهر اعتمدت هيئة الكهرباء السودانية برمجة لقطوعات التيار بمعدل يصل إلى 12 ساعة عن كل حي سكني، موزعة خلال الفترات النهارية والليلية بصورة ثابتة، وذلك لمواجهة العجز الحاد في التوليد.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن السودان ينتج حوالي 1500 ميجاوات في اليوم، بينما تبلغ حاجاته للاستهلاك اليومي نحو 3000 ميجاوات، مما دفع السلطات لبرمجة قطوعات قاسية للتغلب على هذا النقص.
استقرار نسبي
ومع حلول شهر رمضان تمَّ تقليص فترة قطع التيار الكهربائي وأصبحت في حدود الثلاث ساعات يومياً، بعد أن تحسَّن التوليد الحراري والمائي للطاقة بفضل تدابير وضعتها الحكومة الانتقالية.
وقال مدير الشركة السودانية القابضة للكهرباء، عثمان ضو البيت، إنَّ مستوى التوليد تحسَّن كثيراً بفضل زيادة منسوب مياه النيل الأزرق والأبيض بعد فتح توربينات خزان جبل أولياء، حيث زاد التوليد المائي بسد مروي وستيت.
وأوضح ضو البيت -في تصريح لـ"العين الإخبارية"- أن نسبة التوليد الحراري زادت أيضاً بعد تدفق الكميات المطلوبة من الوقود ووصول باخرة من الفيرنس تحمل 35 ألف طن.
وبشَّر المسؤول السوداني باستقرار كبير سيشهده الإمداد الكهربائي خلال شهر رمضان المعظم.
غلاء طاحن
ولمواجهة أزمة الغلاء، برزت على الساحة العديد من المبادرات التكافلية ضمن محاولات لتخفيف الضائقة على المواطنين، كتوزيع سلال غذائية مجاناً وتبادل الأطعمة والمشروبات بين السكان.
وأقامت السلطات الحكومية أسواقاً للبيع المخفَّض وهي توفِّر سلعاً استهلاكية بأسعار تنخفض عن أسعار السوق بنسبة قد تصل إلى 35%، لكنها متمركزة وسط المدن الكبرى والوصول اليها بدوره مكلف للغاية، وفق مواطنين.
ولجأ البعض إلى الريف السوداني لجلب احتياجاته الرمضانية من المنتجات المحليّة، لأن أسعارها هناك تقل كثيراً عن العاصمة والمدن الكبرى.
تقول فاطمة أمين، وهي سودانية في العقد الرابع، إنّها حضرت إلى السوق لشراء بعض المستلزمات الضرورية، وستستكمل العديد من احتياجات شهر الصوم من أقاربها بالريف السوداني نظراً لغلاء الأسعار في العاصمة الخرطوم.
وتضيف فاطمة لـ"العين الإخبارية": "طلبت من أقاربي في الريف منتجات زراعية تستخدم كمشروبات رمضانية وتزيّن الموائد في الشهر المعظم كالكركديه والدخن والتمر الهندي والقونقليز والقضيم، إذ ترتفع أسعارها في الخرطوم".
وتابعت: "هذه حال الكثير من العائلات التي تسكن بجواري، فغالبيتها تعجز عن الحصول على مستلزمات شهر رمضان بسبب غلاء أسعارها".