منفذو أحداث 11 سبتمبر.. كيف اختبأوا وسط الأمريكيين؟
في يوم ثلاثاء هادئ في يونيو/حزيران عام 2001، دخل رجلان متجرا بمركز تجاري مزدحم في فورت لي بولاية نيوجيرسي كان يؤجر صناديق بريد للأشخاص الذين يتنقلون ويحتاجون عنوانا مؤقتا لتسلم الفواتير والخطابات الشخصية. وعلى بعد أميال، كان يظهر برجا مركز التجارة العالمي
وعلم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لاحقًا أن الرجلين أخبرا الموظف أنهما يمثلان شركة مقرها باترسون في نيوجيرسي، وقالا إنهما يحتاجان صندوق بريد مؤقت حتى نهاية سبتمبر/أيلول، بحسب صحيفة "يو إس إيه توداي" الأمريكية.
وفي الواقع، لم يحتج الرجلان: هاني حنجور ونواف الحازمي، صندوق البريد كل تلك الفترة، وكان تبريرهم مجرد خدعة.
وفي 11 سبتمبر/أيلول، انضم حنجور والحازمي إلى 17 آخرين من أتباع شبكة تنظيم القاعدة التي أسسها أسامة بن لادن في اختطاف أربعة طائرات والاصطدام بهم ببرجي مركز التجارة، والبنتاجون، وحقل في بنسلفانيا. وساعد الحازمي في إخضاع الركاب على متن رحلة الخطوط الأمريكية 77، التي اصطدمت بالحائط الغربي للبنتاجون، وقاد حنجور الطائرة.
وطبقًا لـ"يو إس إيه توداي"، مثل استئجارهما لصندوق بريد مؤقت في نيوجيرسي واحد من آلاف الأمثلة للتحركات التي تبدو طبيعية لمنفذي هجمات 11 سبتمبر/أيلول خلال الشهور التي سبقت الهجمات.
وجرى تأريخ تلك التفاصيل في تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي رفعت عنه السرية الآن واطلعت عليه "يو إس إيه توداي" مع اقتراب الذكرى العشرين للهجمات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرجلين عاشا في الغالب في وسط فلوريدا، وجنوب كاليفورنيا، وشمال فيرجينيا، وشمال نيوجيرسي، واستأجرا سيارات، وفتحا حسابات بنكية، وتنقلا عبر شوارع المدينة المعقدة، والطرق السريعة، واستأجرا غرفا فندقية، واتصلا ببعضهما البعض عبر الهواتف العمومية بصالونات تصفيف الشعر ومتاجر الأجهزة، كما طلبوا الطعام من المطاعم وتلقوا دروس تعليم الطيران، ولعبوا ألعاب الفيديو.
ويعيد التحقق من القصة الآن، مع قرب الذكرى العشرين للهجمات، إثارة أحد أكثر الألغاز إثارة للجدل لليوم المأساوي، وهو كيف تمكن 19 رجلا من الشرق الأوسط – كان معظمهم بالكاد يتحدثون الإنجليزية – القيام بمثل تلك المهمة بدون رصدهم؟
وكان حنجور والحازمي نشيطين بشكل خاص. وقبل يوم استئجارهما لصندوق البريد في فورت لي، لعبا الرياضة بإحدى صالات اللياقة البدنية في نيوجيرسي. واستأجر حنجور طيارات في مطارا تيتيربورو ومقاطعة إسيكس للتدريب على الطيران.
وفي إحدى المرات، حلق فوق نهر هادسون ومركز التجارة العالمي. أما الحازمي، فاستأجر بانتظام سيارات من إحدى وكالات استئجار السيارات الجيب في مدينة واين.
ولم يستخدم حنجور أو الحازمي –ولا أي أحد من منفذي الهجمات– أسماء مستعارة، ولم يعيشا بعيدا عن الأعين، ولم يتجنبا التواصل مع المواطنين الأمريكيين العاديين.
وقال جون فارمر، المدعي العام السابق لولاية نيوجيرسي وكبير مستشاري لجنة 11 سبتمبر الذي يدير الآن معهد روتجرز إيجلتون للسياسة: "كانا يختبئان على مرأى الجميع."
وبالإضافة إلى ذلك، لم يصل أي من الخاطفين الـ19 الولايات المتحدة بدون وثائق، بل وصلوا على متن طائرات تجارية مع الناس العاديين وبتأشيرات قانونية تماما.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أجهزة الأمن الأمريكية تجاهلت التحذيرات التي ظهرت خلال صيف 2001 بأن القاعدة تريد مهاجمة البلاد، وأنها في الواقع كانت ترسل إرهابيين للأراضي الأمريكية.
وأوضحت "يو إس إيه توداي" أن اثنين من الخاطفين – الحازمي وخالد المحضار كانا معروفين لدى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) باعتبارهما عملاء تابعين للقاعدة. وراقبت الوكالة الاثنين من الشرق الأوسط إلى ماليزيا إلى تايلاند ثم إلى لوس أنجلوس. ولكن هناك، توقفت الوكالة، الممنوعة من التجسس داخل الولايات المتحدة، عن تتبعهما.
وشاركت (سي آي إيه) تحركات الحازمي والمحضار مع (إف بي آي)، لكن يعتبر فشل الوكالتين أحد أكثر أمثلة الفشل المحرجة في التاريخ الأمريكي.