يخوت هينكلي.. رحلة سياحية ممتعة ودرس في الاقتصاد
ضربت مجموعة "هينكلي" مثالا عمليا للتحدي وكسر القاعدة الاقتصادية التي ترمي إلى الشراء بعد البناء لتعكسها وتحقق نجاحا.
وتعمل "هينكلي"، المتخصصة في صناعة السفن متعددة الطوابق، والتي تم بناء مقرها خارج مدينة "ساوث ويست هاربور" بولاية مين الأمريكية عام 1933، وفق قاعدة أساسية واحدة، وهي: عدم بناء أي قارب إلى أن يتم شراؤه أولاً، حيث يتعاقد العميل على شراء قارب أولاً، ثم يعمل مع متخصصين في "هينكلي" لصناعته.
وكانت نتائج هذه القاعدة هي صناعة يخوت وزوارق بخارية مذهلة مصنوعة من ألياف الكربون، والإيبوكسي، والأخشاب الجميلة، والتكنولوجيا التي تواكب آخر تطورات العصر.
ولكن في عام 1994، كسرت "هينكلي" قاعدة عدم البناء قبل الشراء، وصنعت أول قارب من فئة الـ "بيكنيك بوت".
كانت الشركة وقتها تعاني من ضائقة مالية، حتى توصل المالكان المشاركان بالشركة "بوب هينكلي"، و"شيب ماكيني" إلى فكرة صناعة هذا القارب النهاري، والذي يبدو مثل قوارب صيد الكركند التي تجوب الخلجان الصخرية في ولاية "مين"، وتمت صناعته من مُركَّب "الكيفلر"، الذي كان حديث الظهور آنذاك، كما استخدمت الشركة نظاماً داخلياً مبتكراً فيه؛ بهدف السماح لبدن القارب بالتنقل داخل المياه الضحلة بسهولة.
وفي شهر مايو من ذلك العام، تم إطلاق أول "بيكنيك بوت"، والذي كان مناسبا تماما للقيام برحلات في الغروب أثناء احتساء مشروبات الكوكتيل، إلا أنه لم يحظ وقتها بأي اهتمام أو عرض شراء، وفق بلومبرج.
أول عروض الشراء
لكن في أواخر ذلك الصيف كما أخبرني "ماكيني" في كتابي، الذي يحمل عنوان "يخوت هينكلي" - نزل شخص ما من على رصيف الزوارق، وطلب الحصول على رحلة في القارب، وبعد الانتهاء من الرحلة خرج هو و"ماكيني" قليلاً، فمد هذا الرجل يده ونزل من اليخت ليصافح "ماكيني"، وقال له: "سآخذ قاربين من هذا النوع".
واليوم، يعد" البيكنيك بوت" هو حجر الزاوية في أعمال شركة "هينكلي"، وأحد منتجاتها الأكثر شهرة على الإطلاق، لدرجة أن "هينكلي" احتفظت بالحقوق الحصرية للاسم التجاري الخاص بهذا القارب بشكل رسمي.
وبعد مرور 25 عاما على إنتاجه، ومع إنشاء أكثر من 1200 قارب من نوعية "البيكنيك بوت"، أصبح القارب متوفراً بثلاثة طرازات مختلفة، هي: 34 و37 و40 قدما، وبأسعار تتراوح من مليون دولار إلى 1.7 مليون دولار.
كما تم إطلاق إصدار حصري منه يحمل توقيعا مميزا، وتم إنشاء هذا الإصدار تكريما للذكرى السنوية للشركة، كما يتميز بعدة وسائل للراحة مثل تكييف الهواء، ومولدات الديزل ذات المواصفات القياسية.
ارتفاع في الطلب
ويقول بيتر أوستريجا، المدير العام العالمي لشركة الاستشارات القانونية "كونسيليو"، والذي اشترى قارب "بيكنيك بوت" قياس 34 قدما في عام 2018: "بالنظر إلى ميزات التكنولوجيا التي يتم دمجها في كل قارب، وجدنا أن هذا هو القارب الوحيد الذي أردنا اقتناءه على الإطلاق، كما أن شركة بناء اليخوت هينكلي هي الوحيدة التي نرغب في التعامل معها في المستقبل".
ووفقا لسكوت براينت، نائب رئيس هينكلي للمبيعات، كان الطلب على "البيكنيك بوت" مرتفعا جدا، كما أن الطلبات المتراكمة عليه تحتاج إلى عامين تقريباً للانتهاء من تسليمها.
وأشار ديفيد هاوي، رئيس مجلس إدارة شركة "هينكلي" إلى أن قوارب الشركة المعتمدة التي كانت مملوكة لأشخاص في السابق، غالباً ما تباع لأشخاصٍ جدد بأكثر مما دفعه المالك الأصلي مقابلها أساساً، وهو أمر نادر في هذه الصناعة.
خدمة ما بعد البيع
وعندما بدأ العملاء في تمديد موسم القوارب في منطقة الشمال الشرقي بالولايات المتحدة، قدمت "هينكلي" خدمة صيانة اليخوت في عام 2019، وهي خدمة يتم فيها نقل القارب عندما يقرر مالكوه أنهم سيقومون بإخراجه من الخدمة، ومن ثم إحضاره إلى أحد مرافق الشركة العشر. بعدها تعيد الشركة القارب للمالك في الربيع بعد الحصول على صيانة كاملة.
ويمكن التعرف على طرازات هينكلي الأكثر شهرة بسهولة من خلال تمييز بدن القارب الفخم والعملاق الذي يحدد شكل الهيكل، والرافعة المنحنية، والاستخدام الفخم لأخشاب الساج المصقولة، والاستانلس ستيل المقاوم للصدأ.
ولا يزال النظام النفاث الداخلي يحتفظ بمواصفاته القياسية، حيث يتم دمج محرك ديزل ووضع مدخل في القاع وآلية دفع في الخلف، بحيث تدعم تحرك القارب وتدويره.
ولا تسمح هذه الإعدادات القياسية بالتحكم السهل في القارب وحسب، بل تتيح أيضا لـ"البيكنيك بوت" بالإبحار في المياه الضحلة، مع توفير كفاءة أفضل في استهلاك الوقود عند السرعات العالية.
وتتميز تلك القوارب أيضاً بميزة الجيت ستيك من شركة "هينكلي"، والتي حصلت على براءة اختراع خاصة، وهي عصا تحكم تتيح لقائد القارب عمل المناورات في الأماكن الضيقة بسهولة.
وقال أوستريجا: "لقد انجذبت إلى قوارب هينكلي، لأنها في رأيي أجمل زوارق سريعة رأيتها تبحر في الماء". واختتم: "يمكن للمراكب الشراعية الأحادية الجميلة فقط أن تبدو أفضل منها".