أنشطة إجرامية.. كيف يحصل حزب الله على أمواله؟
يوما بعد يوم، يضيق الخناق على حزب الله الإرهابي اللبناني، وتسارع دول جديدة إلى حظره بالكامل، على خلفية أنشطته المشبوهة والإجرامية
يوما بعد يوم، يضيق الخناق على حزب الله الإرهابي اللبناني، وتسارع دول جديدة إلى حظره بالكامل، على خلفية أنشطته المشبوهة والإجرامية.
كما تتكشف حقائق دامغة بالوثائق حول تورط تلك المليشيا في شبكة كبيرة لغسل الأموال والاتجار في المخدرات، لتوفير مصدر لتمويل أنشطتها الإرهابية.
ففي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وسلوفينيا ولاتفيا، يعد حزب الله منظمة إرهابية محظورة، لكنه في نفس الوقت دولة داخل الدولة في لبنان وأكثر من ذلك في مناطق أخرى من العالم مثل كولومبيا وأفريقيا السمراء.
شبكة إجرامية
وفق تحقيق لمجلة "دير شبيجل" الألمانية ذائعة الصيت، يملك حزب الله اللبناني شبكة إجرامية كبيرة وعالمية تنشط في غسيل الأموال، وتجارة المخدرات، وتجارة السيارات، والتهريب، فضلا عن نشاط أعضائه ومساجده حول العالم في جمع ملايين الدولارات واليوروهات سنويا.
وأوردت "دير شبيجل" قصة فخ وقع فيه حزب الله، قائلة "قبل فترة قصيرة، كانت سيدة معروفة بتقديم الدعم اللوجستي لحزب الله تتحدث في الهاتف مع شخص عن إجراءات التهريب في مطار بيروت، ووعدته بأنه في حال إرسال طائرة كبيرة من البضائع، فإنها يمكن أن تهبط في المطار دون أن يلاحظ أحد، ثم تتلقى تخليصا جمركيا شاملا"، مضيفة "السيدة أكدت للمتحدث أنهم محترفون"، على حد قولها.
وتابعت المجلة "لكن السيدة لم تكن تعلم أنها تتحدث أيضا إلى محترف، فعلى الجانب الآخر، كان يتحدث وكيل وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية، وكانت المحادثة المسجلة جزءا من تحقيق واسع النطاق لإدارة مكافحة المخدرات حول كيفية استخدام حزب الله لأرباح تهريب المخدرات في أمريكا الجنوبية، لشراء سلع فاخرة وتهريبها مرة أخرى للبنان، ثم بيعها بمساعدة مسؤول في الجمارك، في عملية غسيل أموال واضحة".
وكانت هذه القضية واحدة فقط من عدة قضايا تخص التحركات الإجرامية لحزب الله، ظهرت في تقرير حصلت عليه دير شبيجل بشكل حصري أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، ويتضمن ملفات المحكمة وتقارير التحقيق من وزارة الخزانة الأمريكية.
ووفق "دير شبيجل"، فإن حزب الله ليس فقط مجرد تنظيم مسلح ينفذ الإرادة الإيرانية في لبنان بمساعدة مليشيا عسكرية وترسانة صواريخ وفصيل برلماني وعدة مناصب وزارية، فالحزب أسس على مدار عقود شبكة من الموالين له في الشتات في أمريكا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، يتولون التجارة في السلع القانونية وغير القانونية، ويجرون معاملات مالية مشبوهة.
عصابات الكوكايين
في قضايا غسيل أموال أخرى، وفق "دير شبيجل"، نظم حزب الله نقل وبيع المخدرات في الخارج لصالح عصابات الكوكايين، وخاصة في كولومبيا، ما يدر عليه دخلا بلغ حوالي 200 مليون دولار شهريًا.
ثم استغل هذه الأموال في تجارة السيارات المستعملة في غرب أفريقيا، حيث اشترى عملاء الحزب سيارات مستعملة من الولايات المتحدة وأوروبا، وبيعت في أفريقيا.
بعدها، ذهبت بعض عائدات هذه التجارة مباشرة إلى بيروت، فيما استغل الحزب الجزء الآخر في شراء سلع استهلاكية من آسيا باستخدام شركات وهمية من أمريكا الجنوبية، ثم بيعها في فنزويلا وكولومبيا، وإعادة الأرباح لبيروت.
ولإخفاء تدفق الأموال، لجأ حزب الله لشركات الصرافة ونظام الحوالة، حيث يطلب فرع ما لشركة صرافة تسليم مبلغ من المال لشخص في فرع آخر، بدون أي إثبات لتحويل الأموال بشكل رسمي، وفق "دير شبيجل".
لذلك فرضت وزارة الخزانة الأمريكية بشكل متكرر عقوبات على شركات الصرافة مثل "شركة شمس للصرافة" في ربيع 2019، بعد اتهامها بإخفاء دخل المخدرات من أستراليا وأوروبا وأمريكا الجنوبية.
الأكثر من ذلك، أن حزب الله يعمل كمزود خدمة دولي في مجال إخفاء المصادر غير القانونية للأموال الناتجة عن جميع التعاملات الإجرامية بما فيها تهريب المخدرات، مقابل عمولة "رسوم".
ووفق التقرير، فإن السلطات الأمريكية لديها معلومات أكثر إيلاما تتعلق بتورط بنوك لبنانية كبرى في أعمال حزب الله غير القانونية، وتتهم السلطات الأمريكية العديد من هذه البنوك بالعمل مع شركات حزب الله في مجالات استيراد الأدوية والنفط وغيرها.
وفي حال قررت السلطات الأمريكية تحميل هذه البنوك المسؤولية عن أعمال عملائها "شركات حزب الله"، فيمكنها عزلها عن السوق المالية الدولية وضرب اقتصاد لبنان الذي يقف على شفا الانهيار.
ألمانيا.. مركز اللوجستيات
في 30 أبريل/نيسان الماضي، قررت الداخلية الألمانية حظر جميع أنشطة حزب الله بشكل كامل على أراضيها، مبررة ذلك بأن الحزب استغل أراضيها لسنوات في جمع التبرعات وغسيل الأموال، والتجارة المشبوهة.
وطور خلال السنوات الماضية شبكة إجرامية قوية تستغل الأراضي الألمانية في تهريب المخدرات وغسيل الأموال، وفق ما نقلته الصحيفة ذود دويتشه تسايتونغ الألمانية عن مصادر أمنية.
وأوضحت الصحيفة: "توثق السلطات الألمانية عمليات حزب الله لتهريب المخدرات بشكل جيد، حيث تصل شحنات المخدرات إلى ألمانيا قادمة من أمريكا الجنوبية عبر القارة الأفريقية، في مسارات محددة رسمها حزب الله".
وتابعت: "وبجانب ميناء هامبورغ الألماني، تصل المخدرات عادة إلى موانئ روتردام في هولندا وأنتويرب في بلجكيا، ويستخدم الحزب الأموال التي يجنيها من هذه التجارة في شراء الأسلحة وتمويل عملياته".
وأردفت "خلال السنوات الماضية، مر حزب الله بضائقة مالية لأن مموله الأساسي، إيران، لم يعد قادرا على دفع الأموال بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد"، مضيفة "لذلك لجأ الحزب لمسارات أخرى لجني التمويل منها غسيل الأموال وتجارة المخدرات".
ولفتت الصحيفة إلى أن حزب الله يستغل شركة لتأجير السيارات في مدينة دوسلدورف غربي ألمانيا، كواجهة لعمليات غسيل الأموال.
وبصفة عامة، تحظر الولايات المتحدة ودول أوروبية حزب الله، وهي هولندا وبريطانيا وألمانيا وسلوفينيا ولاتفيا، فيما تدرس سويسرا اتخاذ خطوة مماثلة، وقررت ليتوانيا منع عناصر الميلشيا اللبنانية من دخول أراضيها.
أما الاتحاد الأوروبي فيفصل منذ يوليو 2013، بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، حيث يصنف الأخير إرهابيا ويحظره، لكن لا يصف الجناح الأول بنفس الوصف، بداعي الحفاظ على قنوات اتصال مع حكومة لبنان الذي يعد الحزب جزءا منها.