أثريون لـ"العين": ما حدث للتماثيل المكتشفة بالمطرية "جريمة"
"العين" ترصد تداعيات انتشال تمثالين أثريين في القاهرة
"العين" تتابع أصداء نقل تمثال رمسيس المكتشف في المطرية بعد الغضب الذي اجتاح الأوساط الأثرية المصرية
أثارت الطريقة التي تم بها نقل التمثالين الأثريين، اللذين تم اكتشافهما يوم الخميس، بحي المطرية، في منطقة عين شمس الأثرية، بمحافظة القاهرة، موجة غضب واستنكار عارمة من الأثريين والمتخصصين، بل المهتمين بالشأن الأثري عموما في مصر، مطالبين بإقالة ومحاسبة وزير الآثار والفريق العامل، وفتح تحقيق شامل حول التدهور الحاصل في الآثار المصرية جراء الفساد والإهمال.
وطالب الدكتور أحمد صالح، مدير منطقة أسوان الأثرية، في تصريح خاص لـ"العين"، "بمحاسبة كل المسؤولين الذين شاركوا في عملية تدمير الآثار -بحسب وصفه- المكتشفة في المطرية بسبب استخدام "اللودر" في نقل التماثيل المكتشفة، ووصف ما حدث بـ"مهزلة" على مرأى ومسمع من العالم كله، ويحمل إشارة واضحة إلى أن الدولة لا تجيد ولا تستخدم الوسائل العلمية في التعامل مع الاكتشافات الأثرية".
في السياق، قال أسامة كرار، مؤسس الجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار، لـ"العين": "لا بد أن تعتذر مصر للعالم أجمع عن جريمة اليوم، فطريقة تعامل الوزارة مع التمثالين يدل على جهل واضح وقلة حيلة وجريمة متعمدة لإهانة وتدمير آثار مصرية عظيمة، ويجب على الدولة محاكمة وزير الآثار وكل من شارك في هذه الجريمة".
فيما قالت الدكتورة مونيكا حنا، أستاذة الآثار بالجامعة الأمريكية، لـ"العين": "المشكلة الحقيقية للصورة المتداولة لرفع تمثال رمسيس الثاني، إنها اكتشفت في أرض تم تسليمها من قبل المجلس الأعلى للآثار بطريقة غير سليمة في بداية الألفية الثالثة لوزارة الأوقاف والوحدة المحلية بالمخالفة للقانون، وتم بناء سوق الخميس الجديدة عليها الذي فشل تماما في حل مشكلة المرور في ميدان المطرية من خلال نقل السوق لهذا المبنى".
وأضافت حنا أن "موقع آثار المطرية من أهم المواقع في التاريخ المصري وتسليم أرضه في السابق دون حفائر كافية يعتبر جريمة يجب أن يحاسب عنها جميع المسؤولين السابقين". وأوضحت حنا أن رفع جزء من رأس أحد التمثالين المكتشفين تم في ظروف صعبة جدا؛ نتيجة البناء العشوائي الذي على الأرض الأثرية ودون صرف صحي سليم، ما أدى إلى تسربه للأراضي المجاورة، وتسبب في انهيار جزئي للتربة، وسوف يتم نقل باقي التمثال، الإثنين، وهو من الكوارتزيت النادر"، ونفت حنا تماما وقوع أضرار للتماثيل المكتشفة، مؤكدة أن التماثيل سليمة، ولم تتعرض لأي كسر نتيجة الرفع.
اكتشاف
وكان التمثالان الأثريان اللذان عثرت عليهما البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة العاملة بمنطقة سوق الخميس بالمطرية بمنطقة عين شمس الأثرية، قد تم العثور على أجزاء منهما في محيط بقايا معبد الملك رمسيس الثاني الذي بناه في رحاب معابد الشمس بمدينة أون القديمة.
وعثرت البعثة على الجزء العلوي من تمثال بالحجم الطبيعي للملك "سيتي الثاني" مصنوع من الحجر الجيري بطول 80 سم، ويتميز بجودة الملامح والتفاصيل. أما التمثال الثاني فمن المرجح أن يكون للملك رمسيس الثاني، وهو تمثال مكسور إلى أجزاء كبيرة الحجم من الكوارتزيت، ويبلغ طوله بالقاعدة نحو 8 أمتار.
الرد الرسمي
لم يتأخر الرد الرسمي لوزارة الآثار المصرية طويلا حول اللغط الدائر، ونشرت على صفحتها الرسمية على "فيس بوك" بيانًا تفصيليًا بشأن ما أثير حول رفع التمثال المكتشف باستخدام رافعة آلية في منطقة آثار المطرية، وجاء على لسان الدكتور محمود عفيفي، رئيس قطاع الآثار المصرية بالوزارة، أنه "لم يتم رفع التمثال ولكن جزءًا من رأسه باستخدام الرافعة نظرًا لثقل حجمه، بعد تدعيم الكتلة بواسطة العروق الخشبية وألواح الفلين لفصلها عن الجسم المعدني للرافعة، كما تم رفعها مع كمية كبيرة من التربة الطينية التي كانت تحيط بها، أما عن باقي أجزاء التمثال فما زالت موجودة بالموقع وجار دراسة كيفية رفعها".
وتابع عفيفي: "إن الرفع تم تحت الإشراف المباشر من الأثريين والمرممين المصريين والألمان العاملين بالموقع، نظرًا لوجود التمثال غارقاً في المياه الجوفية بالأرض الطينية".
رد على رد
في المقابل، وتعقيبا على بيان وزارة الآثار المصرية الرسمي، أوضح الدكتور أحمد صالح، مدير منطقة أسوان الأثرية، أن ما تم لا يمت بصلة للطرق العلمية السليمة والواجب اتباعها في رفع الآثار المكتشفة ونقل القطع الأثرية الضخمة مثل التمثال المكتشف، قائلا: "لم يكن هناك أي ضير أو ضرر لو تم استخدام "موتورين" لشفط المياه والطمي خارج الحفرة، أولاً، ومن ثم ستتضح معالم معالم الأثر وشكله وحدوده.
واستكمل صالح بيان الطريقة العلمية -بحسبه- التي كان يجب اتباعها في رفع التمثالين، قائلا: "بعدها يتم الإتيان برافعة وليست كراكة حفر ذات سنون!! يعني Crane مع وجود حبال ذات سمك كبير وليس wire مع الإتيان بكميات من الفلين والإسفنج حتى لا تجرح الحبال المستخدمة التماثيل المنقولة، ثم يتم وضع الفلين وشبكة الحبال حول الأثر من كل اتجاه، وعند الاطمئنان يتم جذب الرافعة بمستوى عمودي حتى السطح العلوي للحفرة، وبعدها تتحرك الرافعة بشكل أفقي حتى المكان المراد فيه التخزين".
واتفقت الدكتورة مونيكا حنا مع مجمل ما ذكره مدير منطقة أسوان الأثرية، لكنها زادت عليه "كان يجب رفع المياه أولا باستخدام طلمبات صغيرة حتى لا تؤثر على المباني المجاورة بعد عمل دراسة هندسية مناسبة، وهذه التقنية تستعمل في جميع المواقع الأثرية التي تعاني من ارتفاع مستوى المياه تحت السطحية مثل الموانئ الرومانية التاريخية، بالإضافة إلى أن القطع الثقيلة يجب أن يتم ربطها وإحكام المسك بها جيدا، بعد أن يتم تغليفها تمامًا قبل رفعها حتى لا يحتك الحجر بالرافعة نتيجة للارتطام الطبيعي بين مواد مختلفة".
ومن المنتظر، وفقا لتصريح الدكتور ديترش راو، رئيس الفريق الألماني، نقل التمثال إلى موقع المسلة لإجراء أعمال الترميم وإعادة التركيب المطلوبة لدراسة مدى إمكانية نقله إلى أحد المتاحف الكبرى، وقد صرح وزير الآثار المصري الدكتور خالد العناني بأنه سيتم نقل التمثال المكتشف إلى المتحف المصري الكبير لترميمه ليكون ضمن سيناريو العرض المتحفي، والذي من المتوقع افتتاحه جزئيا عام 2018.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA= جزيرة ام اند امز