تاريخ الدبابات.. من رسومات عصر النهضة إلى ساحة المعركة الحديثة

لأكثر من قرن من الزمان، أثار صرير الدبابات التي تجوب ساحة المعركة الخوف في قلوب الجنود والمدنيين على حد سواء.
ومنذ أول استخدام لها في حقول السوم الموحلة وحتى معارك الدبابات الضخمة على الجبهة الشرقية في الحرب العالمية الثانية، ومن كوريا إلى فيتنام إلى أفغانستان والعراق، شكلت هذه الوحوش الحديدية العمود الفقري للقوات البرية.
وتعود فكرة الدبابات إلى قرون مضت، إلى وقت كانت فيه مثل هذه الإبداعات في غير محلها في ساحات القتال. وقد غيرت الآثار المترتبة على وجودها مجرى التاريخ.
المفاهيم والبدايات الأولى:
وعلى الرغم من بعدها كل البعد عن مفهوم الدبابة الحديثة، إلا أن فكرة المركبات المدرعة والقوة النارية يمكن العثور عليها في رسومات ليوناردو دافنشي في القرن الخامس عشر، حيث تُظهر رسوماته أداة مخروطية الشكل ذات عجلات، تعمل بالطاقة البشرية، ومدافع موضوعة حولها.
كان القرن الخامس عشر أيضا بداية تجارب الجنرال التشيكي جان جيجكا، الذي ابتكر عربات مدرعة عليها مدافع وفتحات لفوهات المدافع. يمكن القول إنها نموذج مطور للمركبات الحربية التي استخدمتها حضارات مثل الحثيين والمصريين خلال العصر البرونزي قبل 4000 عام.
وفي القرن السابع عشر، بدأت التجارب بما يعرف الآن المسار المستمر. لكن الدبابات لم تتطور إلى الأشكال الحديثة المميزة التي نراها اليوم إلا في القرن العشرين. عندما ابتكر إتش جي ويلز عام 1903، فكرة المركبات المدرعة الضخمة التي يمكنها اجتياز ساحة المعركة واجتياح الخنادق. ولم يمر سوى ثلاثة عشر عامًا فقط عندما تحول هذا الخيال العلمي إلى حقيقة.
الحرب العالمية الأولى
في عام 1916، ظهرت الدبابة البريطانية الأولى لأول مرة في حقول السوم، وحققت نجاحًا كافيًا وبدأت في إدخال التحسينات بشكل جدي، وبحلول عام 1917، حققت الدبابة البريطانية نجاحًا كبيرًا في معركة كامبراي.
حذت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة حذو بريطانيا وأنتجت نسخها الخاصة، وفي العام الأخير من الحرب قدمت ألمانيا دبابتها الأولى A7V، إلى ساحة المعركة.
وشهدت سنوات ما بين الحربين العالميتين تطورًا هائلاً للدبابات في أوروبا، حيث أضيفت الدبابات إلى مخزونات الاتحاد السوفياتي وبولندا وإيطاليا وإسبانيا وتشيكوسلوفاكيا ودول أخرى خارج أوروبا، والتقطت اليابان الفكرة وبدأت في إنتاج دباباتها الخاصة.
وفي الولايات المتحدة، لم تحظ الفكرة باهتمام كبير، وانخفض إنتاج الدبابات بشكل لافت. ولم يكن الأمر كذلك إلا عند اندلاع الحرب العالمية الثانية عندما أدركت الولايات المتحدة أن عليها اللحاق بركب معاصريها الأوروبيين من حيث تطوير الدبابات.
الحرب العالمية الثانية
وفي عام 1939، أشعلت الحرب العالمية الثانية سباق التسلح في إنتاج الدبابات، مع تبني ألمانيا عقيدة حرب الدبابات، وشكلت هذه المركبات جزءًا حيويًا من تكتيك الحرب الخاطفة.
وفي مايو/أيار 1940، شكلت الدبابات العمود الفقري لنجاح الفيرماخت الألماني ضد الفرنسيين، حيث قاد الجنرالات الألمان مثل إيروين روميل وهاينز غوديريان الهجوم، وأثبتوا فعالية الدبابات كمحركات لالتقاط الأهداف بسرعة مذهلة.
وفي شمال أفريقيا، كانت الصحراء المفتوحة واسعة النطاق مثالية لحرب الدبابات، وفي الشرق، اشتبك الألمان والروس في بعض أكبر معارك الدبابات في التاريخ. وكان مفتاح النصر السوفياتي، وربما انتصار الحلفاء الكامل على ألمانيا النازية هو الدبابة السوفياتية تي-34.
الحرب الباردة
بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الدبابات مجمعة حسب "الأجيال". تميزت دبابات الجيل الثاني في الستينيات والسبعينيات عمومًا بوجود أجهزة بصرية ليلية وحماية من التهديدات النووية والبيولوجية والكيميائية.
وقامت دبابات الجيل الثالث بتحسين الدرع المركب والثبات بشكل كبير، مما يسمح بالدقة أثناء التحرك بسرعات عالية.
ولا يوجد شيء محدد يميز دبابات الجيل الرابع سوى تثبيت الدروع المتقدمة وأنظمة التوجيه والبصريات والإلكترونيات ومجموعة من التقنيات المتقدمة للغاية في الدبابات اليوم.
وخلص الموقع إلى صعوبة التنبؤ بمستقبل الدبابات، وقد أظهرت حرب العراق الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها الدبابات في تغيير ساحة المعركة في العصر الحديث، لكن الوضع في أوكرانيا دفع الكثيرين إلى الشك في مستقبل الدبابات، خاصة مع ظهور حرب الطائرات بدون طيار. لكن رغم ذلك أظهرت الحرب أن الدبابات لا تزال عاملا رئيسيا لأي عملية عسكرية على الأرض.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز