اغتصاب أرض آل خليفة وخيانة بريطانيا والتقرب من الدولة العثمانية كلها مؤشرات واضحة تؤكد لؤم هذا الشخص وتعطينا مؤشر تقييم للحاضر.
حتى نقيم الحاضر علينا قراءة التاريخ لنستشرف المستقبل، واستشراف المستقبل ليس دربا من الغيب، لكنه قائم على معطيات الحاضر وقراءة التاريخ. حين سأل الصحفي الهندي كارانجيا وزير دفاع العدو الصهيوني الأسبق، موشيه دايان، عن السبب الذي جعله يكشف له في مقابلة صحفية عن بعض من الخطط العسكرية التي وضعها العدو الصهيوني لضرب العرب مستقبلا، أجابه: السبب هو أن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون!
الخلاف مع النظام القطري ليس في شروط 13 يُراد تنفيذها بل المسألة أعمق من ذلك بكثير، وهذه الشروط ما هي إلا أدوات متى ما توافر بديل لها سينتقل هذا النظام لاستخدامها ضدنا. ولذلك يجب علينا أن ندرس طبيعة هذا النظام.
وهذه ليست دعوة للتنبؤ، إنما دعوة لإيجاد رؤية مستقبلية للتعامل مع هذا النظام بحرص ومبادئ مبنية على أسس علمية، وقائمة على دراسة عميقة للتاريخ تساعد المنطقة على مواجهة تحديات هذا النظام!
ومن هنا ننطلق بالبحث في البعد التاريخي لمنطقة قطر وأسرة محمد بن ثاني القطري (اسمه وفق ما جاء في الوثائق) الذي استولى عام 1868 على حكم قطر بالتعاون مع بريطانيا العظمى آنذاك ضد حكم آل خليفة الذي كان محمد بن ثاني يُعَد أحد رعاياهم في المنطقة. إنه تمكين يعكس سياسة بريطانيا الاستعمارية سابقا بتقسيم المنطقة، ووفق الوثائق يقول المقيم البريطاني إنه سيتم تمكين محمد بن ثاني في حال رأوا فيه الشخص الذي يستطيعون من خلاله تمرير أهدافهم الاستعمارية وتفريق قوة الأخوة، طبعا يرجع ذلك لما يملكه من لؤم سلوك وخبث سياسي ضار لم تسلم منه بريطانيا نفسها في ذلك الوقت! ولك أن تتخيل الحال بعد إيجاد بريطانيا لمحمد بن ثاني نظاما من العدم وتمكينه من حكم منطقة ليست من حقه، وبعد 3 سنوات وفي عام 1871 بعث رسائل للدولة العثمانية يطلب منها حمايته وإنقاذه من بريطانيا. واليوم يعيد التاريخ نفسه مع تميم الذي يرتمي في حضن الأتراك ليس إلا لتمرير مصالح أجنداته.
إن اغتصاب أرض آل خليفة وخيانة بريطانيا والتقرب من الدولة العثمانية كلها مؤشرات واضحة تؤكد لؤم هذا الشخص وتعطينا مؤشر تقييم للحاضر. سيتساءل البعض لماذا طلب محمد بن ثاني تدخل العثمانيين وحمايته من بريطانيا؟
حينها لا يبدو لهم أنه يرغب في التقرب الإسلامي والتحالف الذي سيحفظ عروبة الأرض، بل كان هدفه من التقرب للدولة العثمانية هو تحقيق طموحه التوسعي بالسيطرة على البحرين التي كانت مقيدة من بريطانيا بناء على اتفاق 1868.
لقد ظل الانتقام التاريخي وعقدة النقص تجاه آل خليفة إلى يومنا هذا لأنهم يدركون أن المجتمع القطري ما هم إلا أتباع لحكام آل خليفة وما حدث من اغتصاب حق لا حق لهم فيه لن يغطى بغربال المؤامرات والدسائس، وهناك مواقف كثيرة عبر التاريخ تثبت عقدة الانتقام هذه.
وأنا أبحر في تاريخ النظام القطري (استنادا لمحمد القطري وليس أرض قطر) لقياس سلوكه استوقفتني قضيته مع البحرين على جزيرة حوار ودخولهم في خلاف شديد معهم بعد محاولته النزول الجوي على الجزيرة للسيطرة عليها، الأمر الذي اضطر تدخل السعودية في الأمر والتوسط فيما بينهم لدرء الخلاف، ولعلمه التام أن توسط السعودية ليس بصالحه لأنها تعلم أكثر من غيرها أن البحرين أحق بالجزيرة، اندفع ليلتف على الوساطة وذهب إلى المحكمة الدولية للفصل في الأمر.
هنا استذكرت التفاف النظام القطري على الوساطة الكويتية في الأزمة الحالية وإحراجها ومحاولته تسريب بنود الاتفاق لأنه يتعارض مع مصالحه وأجنداته لتعطينا مؤشرا أن متى ما كانت الوساطة أو الاتفاق يتعارض مع مصالحهم أو أجنداتهم ليس أمامهم سوى أن ينسفوه.
ما ذكرته أعلاه ما هو إلا حقبة لا تتعدى 5 سنوات من تاريخ هذا النظام، ولكن تعمدت ذكر بدايته لمعرفة طبيعته، ولكم أن تقيسوا البداية على كثير من المؤامرات والأحداث التي وجهت للإمارات والسعودية ومنطقة الخليج ككل قبل عقود من الزمن.
قراءة تاريخ هذا النظام لا تجعلنا نستغرب سلوكه، فما يحدث اليوم ليس إلا سلوكا سيئا توارثته أجيال محمد القطري تجاه المنطقة الخليجية والعربية وزاد غله لتحقيق الانتقام التاريخي لعقدة النقص؛ ما يجعلها مستمرة في مؤامراتها ودسائسها لأنها في حاجة إلى أن تزول الأنظمة التي تشكل عائقا لهم ضد أحلامهم الوهمية التي عملوا كثيرا لتحقيقها. وهذا ما جعلها تُدير ظهرها للعرب والتقرب من الفرس والترك وقطع كل وصلات الترابط الخليجي العربي.
الخلاف مع النظام القطري ليس في شروط 13 يُراد تنفيذها بل المسألة أعمق من ذلك بكثير، وهذه الشروط ما هي إلا أدوات متى ما توافر بديل لها سينتقل هذا النظام لاستخدامها ضدنا. ولذلك يجب علينا أن ندرس طبيعة هذا النظام (وهناك مثل إنجليزي يقول: لكي تسيطر على الطبيعة يجب أن تدرسها). إن ما أدعو له ما هو إلا مطالبة بوضع سناريوهات واقعية لما سيكون عليه مستقبل علاقتنا مع هذا النظام ولكي نتجنب تكرار التاريخ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة