معهد واشنطن: الحوثيون محتلون غرباء والمقاومة اليمنية تقترب من الحديدة
معهد واشنطن بحث احتمالات استعادة اليمن الموانئ الرئيسية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون والتحديات العملياتية التي تواجه التحالف.
في إطار الاستعدادات لحملة تحرير ميناء "الحديدة"، بحث "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، احتمالات استعادة الموانئ الرئيسية التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، والتحديات العملياتية التي تواجه قوات التحالف العربي حول الميناء الحيوي في مواجهة المليشيات الانقلابية.
واستعرض المعهد تقرير تحليلي أعده ألكسندر ميلو، محلل الأمن الرئيسي في الشركة الاستشارية للمخاطر "هورايزن كلاينت آكسس"، الذي قضى مؤخراً أسبوعين في جبهة تهامة باليمن، ومايكل نايتس الباحث في معهد واشنطن، الذي عاد مؤخراً من زيارة لجبهات القتال، حيث تلقى إحاطات مفصلة من الضباط اليمنيين وضباط التحالف العربي.
وقال التقرير إن "القوات اليمنية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة شرعت بالتقدم ١٠٠ كيلومتر نحو الميناءين الأخيرين الخاضعَين لسيطرة الحوثيين على البحر الأحمر -وهما الحديدة والصليف، فيما تمركزت القوات اليمنية المدعومة من السعودية في وضع يؤهلها للضغط على تلك المناطق من مسافة ١٤٠ كيلومتراً إلى الشمال.
وأشار إلى أن "الحوثيين هم محتلون غرباء ومن المرجّح أن يكون عددهم أقل من ٥ آلاف، في حين أن قوات المقاومة اليمنية الزاحفة نحو الحديدة والتي يبلغ قوامها نحو ٢٢ ألف جندي تتمتع بصلات قوية بالمنطقة، وتضمّ أعداداً كبيرة من مقاتلي تهامة الساحليين الذين تربطهم الأواصر الأسرية بسكان المدينة.
ولفت إلى أن "ميناء الصليف يقع في شبه جزيرة رملية ذات كثافة سكانية منخفضة تمتد إلى البحر الأحمر على بُعد ٦٠ كيلومتراً شمال مدينة الحديدة ،وفي هذا الإطار قام الحوثيون بزرع حقول من الألغام وحفر شبكات خنادق واسعة النطاق في شبه الجزيرة، لكن المنطقة مفتوحة ولا توفر أي غطاء من الهجوم الجوي، ومن المرجح أن يتخلى الحوثيون عنها إذا واجهتهم قوى زاحفة تهدد بقطع خطوط شبه الجزيرة".
قدرات الحوثيين الدفاعية
وأوضح التقرير أن الحوثيين يعتمدون على مجموعة صغيرة من المقاتلين المتمرسين القادمين من محافظاتهم الأساسية في صعدة وعمران، شمالي اليمن. وتعتبر هذه القوات ملتزمة للغاية، وتستقي تعصبها من معتقد "طائفي" وولاء عشائري، إلى جانب استخدام المنشطات الأمفيتامينية مثل الكبتاجون "فينثيلين".
وتابع: "أمّا على جبهة البحر الأحمر، فتقدِّر المخابرات اليمنية عدد الكوادر بأقل من ألف شخص. ولحشد جبهة تهامة الأمامية، فرض الحوثيون الخدمة العسكرية الإجبارية على ما يقارب الـ4 آلاف من القبليين والأطفال الجنود من تهامة والمحافظات الجبلية وسط اليمن، عبر تهديد زعماء القبائل باستعمال العنف. لذا، فإن معنويات المجندين متدنية، وغالباً ما يتخلى المقاتلون عن الحوثيين عندما لا يخضعون لإشراف مباشر".
ولفت إلى أن سجل الحوثيين في الدفاع عن المناطق الحضرية الكبيرة متفاوت، وقد تعثّرت هذه الدفاعات بشكل عام، على الرغم من أنهم قد يحاولون بشكل أكثر جدية الدفاع عن "بقرتهم الحلوب"، أي الحديدة.
وذكر أنه "في عام ٢٠١٥، خاض الحوثيون معارك في المدن استمرت 4 أشهر في عدن (عدد سكانها 1.7 مليون) ضد المقاومة اليمنية المشكّلة حديثاً، والتي كانت مدعومة من القوات الخاصة الإماراتية. ومع ذلك، انهار الحوثيون في أقلّ من أسبوع عندما قدّمت الإمارات العربية المتحدة مركبات مدرّعة مضادة للكمائن والألغام للوحدات اليمنية المدرّبة، ووضعت خطّة مناورة جيدة التخطيط".
احتمالات اختراق هجومي
ووفقا للتقرير، "ستستلزم عملية إعادة السيطرة على الحديدة توغّل القوات اليمنية مسافة ١٠٠ كيلومتر من مواقعها الحالية في حيس والخوخة. وسيحتاج الهجوم إلى عبور عدد من (المناطق الخضراء) التي ستشن من خلالها خلايا صغيرة من الحوثيين هجمات مضايقة متواصلة على خطوط الاتصال اليمنية".
ومن المرجح أن تؤدي عملية تنطوي على عناصر برمائية، كما حصل في عدن عام ٢٠١٥، إلى تقليص الإطار الزمني المطلوب لاستعادة الميناء والمواقع الرئيسية الأخرى.
وبالمثل، قد تقلّ مقاومة الحوثيين إذا تقدمت القوات اليمنية جنوباً من ميدي على بعد ١٧٠ كيلومتراً شمال الحديدة.
لذا لا يشكّل الوصول إلى الحديدة العقبة الرئيسية هنا، حيث قد لا يكون الاستيلاء على الميناء بنفس الصعوبة التي يتوقعها الكثير من المراقبين، نظراً لانعزالها الطفيف عن المدينة وتصميمها المكشوف إلى حد ما.
ورجح الكاتبان أنه كما حصل في عدن، ربما ينسحب الحوثيون بسبب أعدادهم الصغيرة تجاه منطقة مأهولة بالسكان المحليين غير الودودين. ومن المرجح أن تتم عملية التطهير في المناطق الحضرية بشكل رئيسي من قبل مقاومة تهامة المحلية القوية البالغ عددها ٢٢ ألف شخص بالإضافة إلى القوات في عدن المدربة والمجهزة من قبل الإمارات، مع قيام القوات الإماراتية بتوفير الخدمات اللوجستية، والاستخبارات، والمدفعية الانتقائية والدعم الجوي.
التداعيات على السياسة الأمريكية
تشير دلائل قوية، بحسب التقرير، إلى أن القوات اليمنية المدعومة من القوات المسلحة الإماراتية تتوغل بنجاح في الحديدة والصليف. وبناءً على التجارب السابقة، أمامها فرصة كبيرة للاستيلاء على ميناءيهما بشكل سليم وتشغيلهما فوراً بعد المعركة. ما سيضعف المقاومة الحوثية في سهل تهامة يوماً بعدالأخر، كما أن المقاتلين الحوثيين غريبون عن المنطقة وأهلها.
وعندما يتم تحريرها، ستتمكن الموانئ من تلقي المزيد من الطعام وبنسبة أكبر من الوقت الراهن، وفقا للتقرير الذي طالب الوكالات الدولية بإلقاء اللوم الكامل على الحوثيين المدعومين من إيران إذا فرضوا ضرائب على المواد الغذائية والوقود أو عرقلوا إيصالها إلى شمال اليمن.
وستتمكن الوكالات الإنسانية من العمل في الحديدة دون خوف من ترهيب الحوثيين أو الأضرار الثانوية المرتبطة بالحملة الجوية للتحالف.
كما ستخلو سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب من خطر الألغام البحرية الحوثية والقذائف المضادة للسفن والقوارب المتفجرة وغيرها من الهجمات. ويتعيّن على الولايات المتحدة دعم جميع هذه النتائج.
وطالب الكاتبان الحكومة الأمريكية بأن تتبع المبدأ التوجيهي الأساسي القائم على "عدم إلحاق الضرر" - بمعنى آخر، الابتعاد عن طريق (القوات) اليمنية المدعومة من الإمارات التي تحرر الحديدة والصليف وساحل البحر الأحمر بأكمله.
كما يتعين على واشنطن-حسب التقرير- العمل مع منظمات دولية وعواصم أخرى لتحذير الحوثيين علناً من استخدام استراتيجية الأرض المحروقة في الموانئ التي قد تبطئ تطورها كمواقع لاستيراد الأغذية. وإذا أمكن، ينبغي على الولايات المتحدة أن تنقل معلومات مفيدة إلى الحكومة اليمنية والتحالف العربي، ما قد يقلل من نطاق التدمير ومدة حملة تهامة، التي يمكن أن تؤدي - في أسوأ الحالات - إلى وقف كل من الحديدة والصليف عن العمل لعدة أشهر وتفاقم المجاعة في شمال اليمن.
وبالفعل، تقوم الولايات المتحدة بإجراء مثل هذه المراقبة، ك نتيجة وعيها بالوضع الراهن. وقد تكون اللحظة مناسبة لتشغيل خليّة مشتركة وتحديداً لضمان إرسال تحذيرات في الوقت المناسب من اعتماد تكتيكات الأرض المحروقة أو غيرها من التهديدات ضد القوات اليمنية التي تتحرك لتحرير موانئ البحر الأحمر.