لن يكون يوم 25 يوليو 2021 يوما عاديا في تونس.
حيث يشحذ الإخوان هنا، عبر حركة النهضة، سكاكينهم للتحرك في الشارع إذا لم يرضخ رئيس الحكومة التونسية ويضخ 10 ملايين دينار من الميزانية المنهكة أصلا في صندوق "الكرامة".
ويتيح هذا الصندوق لمريدي "النهضة" وأتباعها الحصول على مبلغ مليار دولار من خزينة الدولة كـ"تعويض" عن سنوات السجن في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وكأن "مناضلي" إخوان تونس يريدون أن يقبضوا ثمن ما يسمونه نضالهم، إذ سيشمل صندوق "الكرامة" كل من خرج في مسيرة واشتم الغاز المسيل للدموع في أي أحداث بتونس قبل 2011.
وقد هدّد الرجل الثاني في إخوان تونس، عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى النهضة، التونسيين بقوله: "شباب النهضة، الإخوان، سيأكلون الأخضر واليابس إذا لم يتم منحهم تلك التعويضات قبل 25 يوليو الجاري"، وذلك في وقت تعاني البلاد من أزمة صحية خطرة من جراء جائحة كورونا.
هذا الأمر يعني أن مواجهة منتظرة ستحدث في الشارع التونسي مع عدد من القوى السياسية، التي هي بصدد الدعوة إلى مسيرة حاشدة في نفس اليوم، الذي يصادف ذكرى عيد الجمهورية التونسية، للمطالبة بحل مجلس النواب.
وإذا ما حدثت هذه المواجهة وارتكب الإخوان هذا الخطأ التاريخي، فستكون هذه نهايتهم، وهو ما بدأ يشعر به البعض منهم، حيث دعوا إلى تأجيل البت في مطلب صندوق الكرامة وتفعيله إلى ما بعد انتهاء جائحة كورونا وآثارها.
في المحصلة، فإن قيادات "النهضة" تدرك أن صندوق "الكرامة" لن يرى النور قريبا، بل ربما لن يراه أبدا، لكنها تلوّح به كل مرة يضيق عليها الخناق من أنصارها الغاضبين عن سياستها، مقابل فقط أن تكبر كروش شيوخهم وحاشيتهم.
كما تهدف الحركة الإخوانية بإثارة هذا المطلب الغريب إلى التلويح بهذا الملف لتحقيق ما تتوهم أنه مكاسب، وأهمها الضغط على رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، الذي هدده "الهاروني" بسحب الثقة منه إذا لم يستجب للمطلب الإخواني.
فإن رضخ رئيس الحكومة التونسية يكون الإخوان هم أول المستفيدين ويكون هو قد سلّم رقبته نهائيا لهم، وإن لم يرضخ يكون قد أعطاهم ذريعة للتخلص منه ورفع يدهم عنه والبحث عن شخصية أخرى تنفذ أجنداتهم في تدمير الوطن.
هذه الفلسفة كنا قد أشرنا إليها في نفس هذا الفضاء منذ أكثر من عام، فإخوان تونس تعلموا منذ أحداث 2011 "التذاكي" السياسي، وأسهموا بذلك في تشتيت الأحزاب وإضعاف الدولة مقابل الاستقواء بجماعتهم.
غير أن السواد الأعظم من التونسيين بدأ في كشف المؤامرة الإخوانية، التي حيكت ضدهم، وهم اليوم مستعدون لكنس هذه المنظومة برمتها واستبدالها بطبقة وطنية اختُبرت فنجحت، ولاؤها للوطن أولا وأخيرا ولا تبيع نضالها في سوق المتسولين كالإخوان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة