يوم 30 يونيو من هذا العام 2021 ستحفظه الذاكرة التونسية جيدا كأحد الأيام الأكثر حزنا في تاريخ البلاد.
وهو أشبه بـ"الخميس الأسود" من عام 1978، والذي سالت فيه دماء من أبناء الشعب التونسي، حيث سقط أكثر من 400 قتيل في مواجهات دموية بين السلطة وقتها والاتحاد التونسي للشغل، ومن ورائه آلاف التونسيين الغاضبين.
في 30 يونيو الماضي لم يكن الحزب الدستوري الحر، ممثلا في رئيسته عبير موسي، ذلك الجلاد، كما كان الحزب الدستوري الحاكم في تونس عام 1978، بل كان الضحية هذه المرة، حيث سقطت ورقة توت الإخوان تحت قبة البرلمان، وذلك بتحولهم إلى جلادين، عبر استخدامهم بيادق من النواب المستقلين يعملون لصالحهم.
فالنائب الصحبي سمارة، ذاك الذي اعتدى بالضرب على رئيس كتلة "الدستوري الحر" في البرلمان التونسي، ما هو إلا واجهة لائتلاف الكرامة، "مصَد الإخوان" كما يسميه التونسيون، وما النائب المذكور إلا واحدا من هؤلاء المأجورين، وإن قدّم استقالته وتحوّل إلى نائب مستقل في لعبة سياسية مفضوحة، ليظهر الاعتداء على "عبير" كأنه صدر من جهة محايدة رغم أصول المعتدي التجمعية.
رئيس الجمهورية التونسية أكد ما ذهب إليه غالبية التونسيين، وهو أن حادث الاعتداء على نائبة تحت قبة البرلمان إنما هو مسرحية أعد لها قبل ثلاثة أيام من وقوعها، وذلك لتحويل وجهة الرأي العام في تونس عن قضايا أخطر، وأهمها تورط الإخوان، "النهضة التونسية"، في تحويل سير العدالة بإخفاء أكثر من 6 آلاف ملف قضية والتلاعب بملفي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
فالنائب المعتدي لا نكاد نسمع له صوتا في مناقشات المجلس ولا علاقة تربطه بالنائبة المعتدَى عليها، إذ لم توجِّه هي له يوما خطابا أو نقدا، فما الذي حدث ودفعه لضربها؟
ما حدث هو أنه تحول إلى نائب مأجور قام بأقذر مهمة صدمت التونسيين، فلم يحدث أن تعرضت امرأة للضرب هكذا في تونس دون سبب، إذ يعتبر الشعب التونسي سلوك ضرب الرجل للمرأة خارج إطار الرجولة، فما الثمن الذي قبضه "سمارة" ليبيع رجولته هكذا؟
قلنا إنه يوم حزين في تونس، البلد الذي يقدّس كرامة المرأة، والبلد الذي يعدّ نموذجا في احترام المرأة، وما أراد إخوان تونس تحقيقه من وراء استعمال ضارب مأجور هو تحطيم كل هذه المكاسب المجتمعية للمرأة التونسية والتأسيس للفوضى التي يبغونها، كما يرونها كاملة في كتبهم وأيديولوجيتهم، ظنا منهم بأنهم الأذكى والأخبث، لكن أبشرهم بأن جموع التونسيين أكثر مَن فهموا هؤلاء وكذبهم ونفاقهم.
هذا الحادث بكل ما به من مأساوية، يجعل من اليوم الذي حمله يوما حزينا للتونسيين، لكنه في الوقت نفسه، سيتحول إلى ذكرى مفرحة، لأن فيه قد سطرت نهاية الإخوان، وانكشفت أخلاقهم على حقيقتها أمام الجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة