ليس من النادر أنْ تشارك الدول العربية شقيقاتها الإنجازات والمشاريع الحيوية.
لكن المشاركة الإماراتية رفيعة المستوى لمصر في احتفالاتها بافتتاح مصانع قوتها ومشاريع سيادتها ومنعتها، لا يمكن وصفها بالمشاركة العادية البروتوكولية وحسب، وإنما تنطوي على العديد من الرسائل، وتأخذ الكثير من الأبعاد التي تعزّز الموقف العربي عموماً، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الجسم العربي من ليبيا غرباً إلى سوريا ولبنان شرقاً.
لذلكَ فإنّ ترؤس سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد "أبو ظبي" نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، للوفد الإماراتي المشارك في افتتاح قاعدة "3 يوليو" المصرية، يحمل رسائل عدة موجهة للداخل العربي وللعالم أجمع, والتي يمكن تلخيصها بالآتي:
أولاً: قوة مصر من قوة العرب، ففي ظل الظروف المحيطة والمتربصة بالدول العربية، والمشاريع الهدامة المعادية للمشروع العربي, والذي يتطلب تكاتفاً وانسجاماً تاماً, تأخذ الإمارات هذا المطلب بسياسة استراتيجية حقيقية تنسجم والسياسة المصرية، التي عانت من مثل هذه المشاريع, ومن بين السبل الرادعة للمشاريع العدوة أن تنهض القوة العربية بمؤسساتها العسكرية وتحصين ثغورها, إذ لا سلام بلا قوة, والقوة المصرية اليوم بقيادتها السياسية الواعية لهذه المرحلة وصعوباتها تمثل ذراع العروبة الطويلة في هذا المجال.
لذلك وتأكيداً من الإمارات على أهمية القوة العربية من جهة وقوة مصر واستقرارها ونهضتها من جهة ثانية في استقرار المنطقة وتحصين المشروع العربي ككلّ فإنها –أي الإمارات– لم تغب عن افتتاح مثل تلك الصروح العسكرية الاستراتيجية الهامة, إذ شاركت الإمارات من قبل في افتتاح قاعدة "محمد نجيب" العسكرية في مصر عام 2017, إذ كان سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد "أبو ظبي" نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، على رأس الوفد الإماراتي، الذي كان أول الوفود الدولية مشاركة واحتفاءً بافتتاح مصر للقاعدة آنذاك, تأكيداً لأهمية القوة العربية في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة العربية كاملةً.
ثانياً: تأكيد أصالة الأخوة بين البلدين واستدامتها، فحضور الإمارات لافتتاح القواعد والمشاريع الاستراتيجية المصرية ليس جديداً أو وليد المرحلة ومقتضياتها, بل إنه قديم وتاريخي عبر المراحل الزمنية المختلفة, وقد تجلى في العصر الحديث بوضوح, ولعلّ أجدر الأحداث ذكراً دعم الأب المؤسس سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لحرب مصر والعرب في أكتوبر 1973، والتي قال فيها سموه: "النفط ليس أغلى من دماء العرب".
أما الرمزية الأخرى الدالة على استدامة هذه الأخوة فتكمن في اصطحاب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد "أبو ظبي" نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، لأطفالٍ من أحفاده ليشاركوه حفل الافتتاح, تعليماً للأجيال وتربية لها على الأخوة العربية وحب مصر, وتأكيداً لأهميتها ودعم قوتها وقوة العرب، لتكون هذه السياسات نبراساً يلهم الأجيال في المستقبل كيفية بناء القوة وصحة استخدامها.
ليس هذا إلا غيضا من فيض الدلالات الرمزية والتاريخية والرسائل التي تفيد عمق الأخوة العربية وتصدرها المشهد السياسي للبلدين الشقيقين من جهة، ودلالتها على الانسجام العربي الموحد سياسياً ومبدئياً في سبيل رفعة العرب انطلاقاً إلى السلام العالمي المنشود.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة