هؤلاء الإخونجية بزغوا من تحت الأنقاض ليتهافتوا على تونس في ٢٠١١ لينتقموا من الشعب الذي لم يتعاطف معهم في زمن حكمي بورقيبة وبن علي
حب الوطن وتخوين المحبين
لكي نحبّ الوطن نحتاج إلى الكثير من العمل والحرص على صورتنا لشخصيّتنا وسلوكنا، ودعواتنا في كل المناسبات وأعمالنا كـ"نخبة"، لنعزز صورة أوطاننا ونقدّمها في أحسن صورة للآخرين، ونجعلهم يفكرون فينا باحترام ورغبة في معرفتنا أكثر، وليس أسهل من التّخوين على الفشلة الجاثمين في جحور الظلام، الحاقدين على الوطن ومن فيه وما فيه؛ لأن لهم ثأرا شخصيا مع شعب لم يؤمن بأيديولوجياتهم و"تخلى" عنهم وقضيتهم "الرّجعية" لسنوات.
عاد هؤلاء لينتقموا من كل الأفكار التنويرية وطموحات وأحلام الشعوب.
اليوم وبعد رحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في المملكة العربية السعودية وتفاعل الشعب التونسي شبابا خاصة وتعاطفهم مع رئيسهم المفقود، نرى أن ما يريده الشعب التونسي فعلا هو رئيس منفتح على العالم، وحكومة ودولة علمانية يتم الفصل فيها قانونيا ودستوريا بين الدين والسياسة
واليوم أتناول الحالة والتونسية مع كل التّطورات بعد وفاة الرئيس السابق الراحل الباجي قائد السبسي، وسجن المرشح نبيل القروي بتهمة غسل الأموال والتهرب الضريبي، وفوز رجل القانون قيس سعيد. ثم وفاة الرئيس الأسبق الذي حافظ على هوية تونس بلدا وشعبا زين العابدين بن علي والذي احتضنته المملكة العربية السعودية مشكورة بعد أن رفضه العالم.
حدث معي أن تحمست جدا لوطني، وحاولت وأحاول جاهدة من على كل المنابر المتاحة لي في كل الدول بين الشرق والغرب، أن أحاول التركيز على أن تونس في حالة حرجة وفي حاجة عاجلة للعمل على تطوير قطاع التربية والتعليم، ثم التوعية عبر وسائل الإعلام خاصة، وما أحاول العمل عليه هو مساعدة الشعب والرأي العام على استيعاب فرصة التجربة الديمقراطية.
فبعد الاطلاع والبحث والملاحظة نرى أن ما حدث في تونس منذ ٢٠١١ وإلى اليوم يدعو للتوقف والتساؤل، عن الفرق بين ما كان يحتاج إليه التونسيون، وما ينقصهم؟ والنظر في أولويات الشعوب وبعد نظر القادة والزعماء.
الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة كان على دراية كاملة بما يحتاج إليه الشعب التونسي ليتمكن من مواكبة مسيرة الحضارة والإنسانية، ونجح في ترسيخ قيم الأخلاق والعلم والتعليم، وحقوق المرأة وقيم القضاء، ما جعل تونس فخرا لكل تونسي، لم يخطئ الرئيس الراحل رحمة الله عليه زين العابدين بن علي فيما سمي وقتها ١٩٨٧ بـ"الانقلاب" على بورقيبة، فما أراده بن علي هو إنقاذ تونس بلدا وشعبا بعد أن وصل الزعيم بورقيبة إلى حالة صحية لا تسمح له بإدارة البلاد.
واليوم وبعد رحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في المملكة العربية السعودية وتفاعل الشعب التونسي شبابا خاصة وتعاطفهم مع رئيسهم المفقود، نرى أن ما يريده الشعب التونسي فعلا هو رئيس منفتح على العالم، وحكومة ودولة علمانية يتم الفصل فيها قانونيا ودستوريا بين الدين والسياسة.
لكن الوافدين الجدد حيث المعركة على "القصبة" وهنا أقصد مبنى رئاسة الحكومة، والطامحين الطامعين في قصر قرطاج حيث رئاسة تونس لا علاقة لهم بالواقع الشعبي للأسف.
تونس الخضراء الجميلة القابعة على شواطئ المتوسط ناعمة بجغرافيتها وتاريخها ومناخها، وشعبها الذي يجمع بين الأصالة والانفتاح في وادٍ، وهؤلاء المتطرفون الإخونجية الذين بزغوا من تحت الأنقاض ليتهافتوا على تونس "اليتيمة" ٢٠١١ بدعم مالي ضخم جاؤوا مثل مصاصي الدماء في الأفلام الهوليودية لينتقموا من الشعب الذي لم "يتعاطف" معهم في زمن حكمي بورقيبة وبن علي"، ولينهبوا من خيرات البلاد، وهم على أتم استعداد للرحيل في أي وقت لأوكار الظلام التي عاشوا فيها عشرات السنين.
منذ ٢٠١١ إلى اليوم لم يرَ التونسيون خيرا من بلادهم؛ لأن "الإسلاميين" بأيديولوجياتهم "المشبوهة" احتلوا المناصب وعمدوا إلى الإقصاء، وحتى من ظنوا أن بإمكانهم حرية التعبير، واستنهاض حكماء البلاد والنخب اتهموا بالعمالة والتخوين.
وللحديث بقية..
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة