فنان بريطاني يحول فندق تاريخي مهجور في لبنان إلى معرض فني
كوتشرين يعتزم استخدام الفندق القديم مكانا لإقامة حفلات الزفاف ومركز ثقافي للفنانين المحليين، للتشجيع على تقدير المباني التاريخية.
تنتشر الثقوب الناجمة عن الرصاص منذ زمن الحرب الأهلية في لبنان على جدران فندق صوفر الكبير التاريخي الذي ظل مهجوراً لأكثر من 40 عاماً، لكن الروح بدأت تعود إلى من جديد، من خلال لوحات لفنان أخذ على عاتقه مهمة إحياء ذكريات الماضي المجيد للفندق الذي كان قبلة الساسة والمشاهير.
- لبنان فى الذكرى 41 للحرب الأهلية.. فساد وانقسامات وطائفية
- ناقد لبناني: "غداء العيد" كشف عجزنا منذ الحرب الأهلية
ويدرس الفنان البريطاني توم يونج، تاريخ المباني المهجورة في لبنان، والتي حولت الحرب الأهلية الكثير منها إلى أثر بعد عين، ويبدع لوحات تستند إلى صور قديمة وقصص وحكايات وأنماط العمارة والبيئة المحيطة.
ويقيم يونج معارضه، في المباني المهجورة، ويكون الدخول مجانياً حيث تُنظم أيضاً مناسبات مجتمعية للمساعدة في إثارة الاهتمام العام بتاريخ هذه المباني.
وقال يونج، الذي يعيش في لبنان منذ 9 أعوام: "هذه الأماكن العظيمة، هي فقط في مرحلة سبات، وبأساليب عديدة، من خلال فني، يحدوني الأمل في إيقاظها وتحويلها إلى أماكن ملائمة للوقت الحاضر والمستقبل".
ولا يوجد في لبنان قانون لحماية المباني التاريخية وهدمت مبانٍ كثيرة لإفساح المجال لمبانٍ سكنية ومكتبية حديثة.
وفي العاصمة بيروت، انخفض عدد المباني التاريخية إلى 250 مبنى فقط، نزولاً من 4200 في تسعينيات القرن الماضي، حسبما تقول جمعية "أنقذوا تراث بيروت".
وفندق جراند صوفر هو أحدث مشروعات يونج، ويضم 75 غرفة وبني عام 1892 خلال الحكم العثماني وكان يرتاده المشاهير مثل الممثل المصري العالمي عمر شريف بالإضافة إلى دبلوماسيين وجنرالات صاغوا تاريخ البلاد والمنطقة.
ولحق الدمار بالفندق الذي يبعد حوالي 30 كيلومتراً عن بيروت خلال الحرب التي دامت 15 عاماً في البلاد، وبدأت عام 1975، وهو العام الذي أغلق فيه الفندق أبوابه.
وأراد أحد الملاك وهو رودريك سورسوك كوتشرين الذي بنت عائلته الفندق، إعادة تاريخه إلى الحياة من خلال معرض يونج، وقال إن كل لوحة في المعرض تصور حدثاً وقع في الفندق.
وإحدى لوحات يونج مستوحاة من صورة التقطت لسميرة الصايغ البالغة من العمر 80 عاماً في يوم زفافها، وهي تقف مع زوجها على أحد السلمين الكبيرين عند مدخل الفندق.
وقالت الصايغ مبتسمة وهي تنظر إلى لوحة يونج لأول مرة: "كان الأمر عاطفياً للغاية لأنه أعادني 52 عاماً إلى الوراء، أعادني ليوم زفافي".
وأضافت: "جيل الشباب لا يعرفون ما هو الفندق الكبير، الذي اختفى منذ عام 1975 وها هو ذا يعود الآن".
ويعتزم كوتشرين استخدام الفندق القديم كمكان لإقامة حفلات الزفاف ومركز ثقافي للفنانين المحليين، ويأمل في تشجيع الشباب على تقدير المباني التاريخية.
وفي عام 2013، عثر يونج على قصر مهجور يعود إلى القرن الـ19 وسط بيروت، والذي تحول إلى أطلال خربة، وأعاده إلى الحياة بلوحاته ومن خلال أعمال ترميم في أجزاء منه.
لكن الشيء الأهم للفنان البالغ من العمر 45 عاماً أن معرضه أدى إلى إعادة استخدام المبنى كمركز ثقافي عام لمدة 3 سنوات قبل أن يصبح مقراً لرئيس وفد الاتحاد الأوروبي في لبنان.
وقال في فندق جراند صوفر: "ذكرياتنا وتاريخنا هو حقاً ما يعطينا هويتنا، وفي لبنان تتعرض هذه الهوية للخطر بسبب تدمير العمارة والذاكرة البشرية".
وفي بعض معارضه، بما في ذلك معرض جراند صوفر، يقدم يونج دروساً في الفنون للأطفال اللاجئين واليتامى، لإظهار كيف يمكن استخدام الفن لإحياء الذكريات والتاريخ.
ويقول يونج إن تعلم التاريخ من خلال الفن يساعد الشباب على الارتباط القوي بهويتهم، وهي تجربة مختلفة عن توصيل ذلك الشعور من خلال الكتب.
ويأمل في أن يكون معرضه القادم في فندق هوليداي إن في بيروت، وهو الفندق الذي كان شاهداً على سحر المدينة وأصبح رمزاً للحرب الأهلية.
وعلى مدار 15 عاماً من الصراع كان الفندق يتحول إلى مقر عسكري لأي فصيل يتفوق في الحرب. وحتى اليوم، وبعد ربع قرن من انتهاء الصراع، لا يزال الفندق مغلقاً أمام الجمهور.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjE4IA== جزيرة ام اند امز