الدفع بالدولار.. إيجارات المساكن تفاقم الأوضاع المعيشية في اليمن
اضطر اليمني عبدالخالق الجلال أن يسكن وعائلته بمنزل متهالك في عدن بعد أن ضاقت عليه السُبل في ظل ارتفاع الإيجارات ودفعها بالدولار.
الجلال نزح بصحبة أسرته من مدينة تعز (جنوب)، ونقل مقر عمله الحكومي إلى عدن بحكم انتقال العديد من مؤسسات الدولة إلى العاصمة المؤقتة، غير أنه اصطدم بواقع لم يستطع مواجهته.
يقول الجلال لـ”العين الإخبارية”: ظننت أن الإيجارات في عدن أفضل من تعز، لكن صُدمت بأن الوضع متشابه نظراً لارتفاع أسعار الإيجارات ودفعها بالعملة الصعبة وليس بالريال اليمني، وهو ما ضاعف معاناتنا خاصة مع ارتفاع أسعار الصرف إلى مستويات غير مسبوقة.
ويشير الجلال إلى أن راتبه الشهري لا يزيد على 150 ألف ريال يمني (100 دولار أمريكي تقريبا)، في حين يتجاوز أقل إيجار للمساكن الملائمة في عدن 200 دولار أو 700 ريال سعودي، وهما العملتان المتداولتان لدفع الإيجارات في أغلب المدن اليمنية.
- «مجلس التوازن» يستكشف فرص الاستثمار والتعاون في معرض دبي للطيران 2023
- رئيس المركزي الأمريكي: أكبر خطأ سيكون الفشل في السيطرة على التضخم
وهذا الوضع دفع الموظف البسيط عبدالخالق الجلال إلى السكن برفقة عائلة شقيقه، الذي يسكن عدن منذ عقود متخذا من منزل متواضع مأوى له، بعد أن عجز عن توفير تكاليف الإيجار، وهو ما يشكل عبئاً على الأسرتين، في ظل عدم وجود أي تحرك رسمي من مؤسسات الدولة لمعالجة دفع الإيجارات بالعملات الأجنبية.
توجيهات حكومية
في منتصف ديسمبر/كانون الأول من عام 2021، أصدر وزير الدولة محافظ عدن، أحمد حامد لملس، قرارا بإلزام ملاك العقارات السكنية بالتعامل بالعملة المحلية في دفع الإيجارات، ومنع التعامل بالعملات الأجنبية.
وجاء القرار لسد ثغرات القانون اليمني الذي لم يتطرق في نصوصه إلى قضية التعامل بالعملة الأجنبية عند دفع إيجارات المنازل، لكن من خلال البحث في القانون، وجدت ”العين الإحبارية” أن المُشرع اليمني يعاقب من يرفض التعامل بالعملة المحلية.
غير أن شيئا من تلك القوانين أو حتى قرار محافظ عدن لم تجد طريقها للتنفيذ، وما زال ملاك العقارات يؤجرون مساكنهم بالعملة الصعبة، وبمبالغ تتراوح ما بين (200-300) دولار، أو ما يتجاوز 700 ريال سعودي، ويرفضون استلامها بالعملة المحلية؛ ما يتسبب في أعباء اقتصادية ومعيشية كارثية.
غياب الدولة
يعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز الدكتور محمد قحطان، أن العملة الوطنية فقدت قيمتها، كما أنها فقدت الثقة بها كعملة وطنية ذات قيمة معتبرة وثابتة؛ بسبب عدم استقرار الصرف؛ ولذلك فإن أصحاب العقارات صاروا يتعاملون بالريال السعودي أو الدولار الأمريكي في تأجير العقارات.
ويُرجع الدكتور قحطان هذه الارتفاعات في أسعار إيجارات المساكن إلى ما يحصل من ارتفاع سعر صرف الدولار والريال السعودي؛ وهو ما يزيد الوضع المعيشي والإنساني سوءا مع كل ارتفاع في سعر صرف العملات.
ويضيف: ونظرا لغياب الدولة فإن الارتفاعات في الأسعار مستمرة، ولا تتراجع مع تراجع سعر الصرف، حيث يعرف الجميع بأن مؤسسات الدولة غائبة تماما عن الواقع ولا نلمس لها أي دور ينبغي أن تقوم به، وهو ما يعكس الورطة الكبيرة التي وقعت بها البلاد.
فهناك سطوة حوثية من مليشيات الحوثي لا تنظر للدولة كسلطة مسؤولة بل تعتبرها سطوة فقط، وبالتالي فلا يعنيها أوضاع الناس المعيشية، والأخرى سلطة شرعية معترف بها دوليا ولكنها غير حاضرة ولا تقوم بدورها كدولة في ظروف الحرب التي تمر بها البلاد، بحسب أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز.