لم تمضِ سوى أيام قليلة على إطلاق التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، عملية "تحرير اليمن السعيد"، حتى بدأت صروح "الحوثي" تتهاوى عسكرياً ونفسياً.
هزائم متسارعة تحت ضرباتٍ موجعةٍ تمتاز بالدقة والنوعية في استهداف المناطق الاستراتيجية والقيادات الفاعلة لمليشيا الحوثي الإرهابية، حتى بات مجرد ظهور قائدٍ من قادتها بتسجيل مصور في ميناء الحديدة -على سبيل المثال- إنجازاً يدعو أنصار الحوثي إلى الاحتفاء به.
ولعل أكثر ما يوضح الهزيمة العسكرية والنفسية لهذه المليشيا هو بحثها المتواصل عن إنجازات من ورق، بارتكاب جرائم إنسانية وأخلاقية تثبت النهج الأصيل لها في كونها مجرد مليشيا خارجة عن القانون لا تحتكم إلا لعقلية الإرهابي، الذي لا يهنأ إلا بتكريس الخراب، وذلك من خلال التركيز على الأهداف المدنية، سواء في الداخل اليمني بقصف المجمعات السكنية والمنشآت المدنية إثر كل هزيمة ميدانية تلحق بالحوثيين على جبهة من الجبهات، أو في الخارج باستهداف عبثي لأهداف مدنية على الحدود مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكان آخرها استهداف منشأة مدنية إماراتية باعتداء جبانٍ.
لا شك أنّ كل هذه الجرائم ما هي إلا محاولات يائسة لخلط الأوراق, وإنجازات وهمية للاستهلاك الداخلي ضمن صفوف المليشيا المنهارة، وأنين مُحتضَرٍ يحاول التشبث بالحياة عبثاً، أما دلالاتها العميقة فتتمثل في العجز الميداني وإثبات أن مليشيا الحوثي مجرد كيانٍ أجوف لا يمتُّ للمشروع الوطني وللشعب اليمني بصلة، والذي يمكن تفسيره كما يأتي:
أولاً، العجز الميداني: جعلت ضربات التحالف الموجعة صفوف المليشيا في حالة اضطرابٍ وتخلخلٍ لعجزها عن تحقيق أي إنجازٍ عسكريٍّ في ميدان المعركة، الذي بات طوقاً من النار أحاط بالمليشيا من كل صوبٍ، من جراء توسيع التحالف العربي نطاق ضرباته بإشعال كافة الجبهات والتحام جميع الفصائل الداعمة للشرعية ضمن تنسيق عالٍ ومرنٍ كغرفة عملياتٍ واحدة، فبات مجرد الصمود العسكري على جبهةٍ من الجبهات حلماً يُمَنِّي "الحوثي" به نفسه الواهمة الواهنة.
ثانياً، تكريس حقيقة الكيان الأجوف: لطالما دأبت مليشيا "الحوثي" على تصدير نفسها لأنصارها الرازحين تحت سيطرتها على أنها "قوة يمنية"، ولكن الحقيقة الدامغة تكمن في أنّ هذه المليشيا ليست إلا مجموعة من المارقين الذين يمثلون أداة إقليمية، آخر ما تفكر فيه هو صالح اليمن واليمنيين، وذلك من خلال سرقتها مقدرات الشعب اليمني لتمويل حرب عبثية، ومحاولتها تدمير العقد الاجتماعي اليمني وفصلها اليمن عن ثوابته الوطنية الداخلية وعن محيطه الإقليمي، ولا سيما العربي، وحتى عن المجتمع الدولي، وذلك بخرقها ونسفها كل عرفٍ أخلاقيٍّ وقانونٍ إنسانيٍّ ودولي بنهجها التخريبي، الذي لا يراهن إلا على الفوضى، ليثبت لأنصاره قبل أعدائه أنه ليس إلا كياناً خاليا من أي مشروعٍ سياسيٍّ أو وطني أو حتى عسكري.
ولا يخفى على أحدٍ أنّ كل ما تعيشه مليشيا "الحوثي" اليوم من كوابيس ميدانية وتخبُّط سياسي وعسكري وفراغٍ إنساني، إنما جلّاه للعيان الواقع المأزوم والمهزوم الذي تقاسيه المليشيا على وقع الضربات الموجعة والهزائم المتتالية والتداعي كأحجار الدومينو على جبهات القتال أمام قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وضرباتها النوعية القاصمة، وهذا ما يفسر الأنين المتصاعد من الحوثي ومليشياته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة