مخططات حوثية لاختراق المجتمع اليمني عبر الدورات التعبوية والطائفية
تحت غطاء طائفي وحملات إعلامية مضللة، واصلت مليشيات الحوثي تنفيذ آليات تعبئة ممنهجة تهدف إلى اختراق نسيج المجتمع اليمني.
تلك النتيجة توصل إليها تقرير فريق الخبراء المعني باليمن، المقدم مؤخرًا إلى مجلس الأمن، والذي عرض تصعيد مليشيات الحوثي لنشاطها التعبوي من خلال تنفيذ دورات تدريبية ومحاضرات أيديولوجية تستهدف المدنيين والقبائل وطلبة المدارس والجامعات.
وأضاف التقرير الأممي، الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن المشاركة في الدورات التي تنفذها المليشيات الحوثية عبر ما تُسمى بـ"اللجنة العليا" شملت أفرادًا من القبائل وطلابًا وصحفيين وموظفين حكوميين من مختلف الوزارات التابعة للمليشيات، وأنها تُنظِّم أسبوعيًا فعاليات من أجل التعبئة.
حملات تعبئة وتجنيد
أشار التقرير إلى أن مليشيات الحوثي واصلت حملات التعبئة والتجنيد وتدريب المقاتلين تحت غطاء ما يُعرف بحملة "طوفان الأقصى"، التي تهدف إلى تعزيز الحشد والإعداد العسكري للمليشيات.
وكشف التقرير أن القيادي الحوثي قاسم الحمران، الذي ينتحل رتبة لواء، يؤدي دورًا محوريًا في عمليات التعبئة والتجنيد التي تنفذها المليشيات.
وحذر فريق الخبراء من أن أنشطة التعبئة والدورات العسكرية والطائفية التي تنفذها المليشيات تمثل مؤشرًا على تصاعد جهودها المنهجية لتلقين الأفراد وتجنيدهم دعمًا لقدراتها العسكرية.
ويتم نشر الأيديولوجية الحوثية من خلال الدعاية الممنهجة عبر تحكم الحوثيين في وسائل الإعلام وفرص الوصول إلى الإنترنت، وهو ما يحول دون وصول السكان إلى المعلومات المحايدة.

اختراق أيديولوجي للمجتمع
وعن الاختراق الأيديولوجي الذي تمارسه المليشيات في مناطق سيطرتها، أكد التقرير أنه يقوم على تخطيط استراتيجي طويل الأمد يتضمن رسم أهداف ومؤشرات ووضع تقارير. كما تشمل أنشطة المليشيات الدعائية حضور دورات إلزامية في الأيديولوجيا والثقافة الطائفية.
أما ممارسات التجنيد التي تتبعها المليشيات، فتشمل المدارس والمراكز الصيفية وحفلات التخرج وحلقات العمل والدورات وحلقات القراءة والمساجد، فضلًا عن الدعاية.
وبحسب التقرير الأممي، نقلًا عن مصادر سرية، فإن المليشيات تقوم أيضًا بتجنيد فتيات وتدريبهن على تفتيش المنازل وتفريق الحشود واستخدام الأسلحة. كما يُلزم طلاب الجامعات بالمشاركة الإجبارية في أنشطة وحملات "طوفان الأقصى" وحلقات عملها.
وتترتب على عدم المشاركة في الدورات أو المسيرات التعبوية، أو عدم إرسال الأطفال إلى مخيمات المراكز الصيفية، عواقب قاسية، منها حرمان الأسر من الحصول على غاز الطبخ المنزلي وغيره من الخدمات، أو شطبها من قوائم المساعدات الإنسانية.
تدابير قمعية
علاوة على ذلك، استخدمت المليشيات الحوثية طيفًا واسعًا من التدابير القمعية وكثَّفت الرقابة على السكان للحيلولة دون حدوث أي معارضة، وذلك عبر وحدة "استخبارات الشرطة"، التي يرأسها علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة وابن شقيق زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.
كما أوضح تقرير فريق الخبراء أن المليشيات الحوثية تمتلك وحدة نسائية تُعرف باسم "الزينبيات"، تتبع جهازي الأمن والمخابرات، وتعمل ضمن قطاع أمن ومخابرات الشرطة بوزارة داخلية المليشيات. وتضطلع هذه الوحدة بدور بارز في مساندة عمليات الشرطة والاستخبارات وإدارة السجون، إضافة إلى المساهمة في جهود تجنيد الأطفال.
وأشار التقرير إلى أن عناصر "الزينبيات" استخدمن أجهزة الصعق الكهربائي ضد النساء أثناء المظاهرات وأماكن الاحتجاز، مبينًا أن فاطمة الحوثي، شقيقة علي حسين الحوثي، وفاطمة الحمران، تتوليان قيادة هذه الوحدة.
وكشف تقرير فريق الخبراء، استنادًا إلى مصادر سرية، أن مليشيات الحوثي تمتلك قدرات وآليات متطورة في مجال المراقبة الإلكترونية، حيث يتيح تحكمها الكامل في شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية داخل مناطق سيطرتها اعتراض المكالمات الهاتفية واختراق الهواتف وقراءة الرسائل ونسخها.

شعارات تعبوية طائفية
وفي السياق، يقول المحلل السياسي اليمني عبدالله المعمري لـ"العين الإخبارية" إن مليشيات الحوثي ومنذ نشأتها تعد كيانًا طائفيًا تعبويًا، سعت منذ أيام ما كانت تُعرف فيه بـ"الشباب المؤمن" إلى حشد الأتباع.
وأكد أن التعبئة الفكرية والثقافية والعقائدية ليست مجرد ممارسة عابرة للمليشيات، بل تمثل الركيزة الأساسية لمشروعها، إذ يخضع لها شهريًا كبار قياداتها باعتبارها الوسيلة الأنجع لحشد الأتباع وضمان ولائهم.
وأضاف المعمري أن المليشيات اتخذت من الشعارات الدينية وسيلة لتثبيت نفوذها، حتى أصبح شعار المواجهة مع أمريكا وإسرائيل العنوان الأبرز في أدبياتها، وهو الشعار الذي تبناه مؤسسها حسين الحوثي، وسارت الجماعة على نهجه حتى اليوم.
وبحسب عبدالله، فإن المليشيات خاضت تحت هذا الشعار حروبًا متواصلة لأكثر من عقدين، لاسيما في العقد الأخير، وجرّت المجتمع اليمني قسرًا ليكون وقودًا لحربها المدمرة.
واعتبر أن التعبئة الراهنة التي تكثفها المليشيات عقب تعرضها لضربات أمريكية وإسرائيلية تمثل مؤشرًا خطيرًا على حروب مستقبلية محتملة، مرجحًا أن تكون أشد اتساعًا ودمارًا في ظل قناعتها بأنها بلغت مرحلة متقدمة من مشروعها الطائفي.