الإرهاب الحوثي.. هجمات تهجّر مئات الأسر من الحديدة
أعداد الأسر النازحة من بلدات الحديدة اليمنية المعرضة للهجمات الحوثية بلغت 16 ألف أسرة، منذ أواخر 2018 وحتى أغسطس/آب الماضي.
"رحلت زوجتي إثر قصف مدفعي شنته مليشيا الحوثي على منزلنا، ونزحت حفاظا على حياة بقية أطفالي".
هكذا يروي يمني، يدعى طالب يابلي، جانبا من جحيم هجمات المليشيا الحوثية المتواصلة على الأحياء السكنية بمحافظة الحديدة، غربي البلاد، والمشمولة باتفاق ستوكهولم لوقف إطلاق النار.
لم يكن يتصور طالب، وهو واحد من مئات المهجرين قسريا، أن الهدنة الهشة المنبثقة عن اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2018، ستكون رواية أخرى للجحيم.
وقال طالب لـ"العين الإخبارية" إن المنزل الذي شيده ليكون مأوى أطفاله الـ7 ، دمر كليا خلال القصف الحوثي الذي وقع مطلع العام الجاري.
وكان الاتفاق يقضي بتحييد "الحديدة" التي تضم ميناءً حيوياً يعد الشريان الرئيسي لملايين اليمنيين، لكن هجمات الحوثيين تواصلت في 6 مديريات، تضم عشرات البلدات السكنية، من بينها بلدة "الجبلية" التي كان يسكنها، يابلي قبل نزوحه.
والجبلية، هي بلدة ريفية تتبع مديرية التحيتا جنوبي الحديدة، تقع على نقاط التماس، وتضم أكثر من 20 ألف نسمة، وتحولت بفعل الهجمات الدامية الذي تشنها المليشيات الحوثية إلى ساحة مواجهات، فتكت بعشرات الضحايا، وأجبرت السكان على مغادرة منازلهم قسريا.
وحسب إحصائية رسمية، حصلت عليها "العين الإخبارية"، فإن أعداد الأسر النازحة من بلدات الحديدة المعرضة للهجمات الحوثية بلغت 16 ألف أسرة، منذ أواخر 2018 وحتى أغسطس/آب الماضي.
ووفقا للمصادر، فإن الأسر التي هجرت بفعل العدوان الحوثي استوطنت المناطق المحررة الآمنة بـ 4 مديريات في الريف الجنوبي للمحافظة المطلة على البحر الأحمر، لافتة إلى استمرار موجة النزوح بمعدلات كبيرة لا سيما تلك القادمة من مديريات ساخنة كـ "حيس" و"الدريهمي" و"بيت الفقيه" و"التحيتا" و"الحوك" و"الحالي".
هجمات على المنازل
وتعتبر الهجمات على المنازل أحد أسباب النزوح، وطبقا لتقرير أممي صدر مؤخرا واطلعت عليه "العين الإخبارية"، تضرر 1,341 منزل في محافظة الحديدة خلال النصف الأول من العام 2020.
وذكر التقرير أن القتال في الحديدة يستمر في بعض المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، وتضررت النساء والأطفال بشدة جراء الهجمات خصوصا تلك التي استهدفت المنازل من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران وخلفت آثارا نفسية - اجتماعية خطيرة.
ووثق أيضا التقرير سقوط 2,847 مدني ضحايا منذ مطلع 2018، وحتى 30 يونيو/حزيران 2020، وبلغ عدد النساء والأطفال 1,540 ضحية، بنسبة 54 %، وهي نسبة ترتفع بثبات، وفق ما أورده تقرير منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.
وقال الناشط اليمني، حسام بكري، إن الهجمات على المنازل من جانب مليشيا الحوثي متعمدة وهو رد انتقامي ترتكبه في كل مرة تفشل في اختراق انساق القوات اليمنية المشتركة المرابطة في ريف ومدينة الحديدة.
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مسلسل جرائم مليشيا الحوثي و خروقات للهدنة الأممية تستمر آخر تلك المجازر وقعت اليومين الماضيين في أعقاب ملاحقة قذائف المتمردين أسرة نازحة في حين أدت لمقتل امرأة وطفلة وجرح 3 آخرين.
وتستخدم المليشيات الحوثية القذائف المدفعية والصاروخية والأسلحة المضادة للطيران ذات الكثافة النارية العالية والتي تضاعف الخسائر البشرية عند أي هجمات تطال الأحياء السكنية، طبقا لبكري الذي يعمل مديرا لمكتب الإعلام في مديرية حيس.
جرائم لا تتوقف
إلى ذلك، قال مدير عام مديرية الحالي، أيمن جرمش، إن الأحياء السكنية في أجزاء مدينة الحديدة المحررة لاتزال تتعرض لأعنف الهجمات بشكل يومي، بالإضافة إلى الهجمات التي تطال الأحياء الواقعة تحت سيطرة المليشيات القريبة من خطوط النار، منها الربصة والحالي وزايد.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الانتهاكات الحوثية لم تقتصر على الهجمات، بل هناك موجة اعتقالات لم تتوقف ومداهمات وعسكرة للمنازل، فما يحصل في الحديدة يختلف كليا عن ما يحدث في باقي المحافظات، الناس تتعرض لجرائم إبادة، يرتكب الحوثيون الجرائم ويسارعون في رفع تقارير حقوق الإنسان المزيفة، التي تحمل قوات التحالف والمقاومة المشتركة مسؤولية الاستهداف.
وانتقد المسؤول اليمني الهدنة الأممية، لافتا إلى أنها تحولت إلى غطاء لحجب جرائم الحوثي، خدمة لأجندة التحالف الإخواني الذي يضغط بقوة لإبقاء الحديدة خارج سيطرة تحالف دعم الشرعية كمساحة خطرة تهدد الأمن الإقليمي والدول المطلة على البحر الأحمر.
وأكد جرمش أن تحرير الحديدة أصبح ضرورة حتمية من أجل حماية المدنيين، وإعادة آلاف الأسر النازحة إلى منازلهم، ومن أجل حماية طرق التجارة في البحر الأحمر من الهجمات العدائية الحوثية التي تنطلق من المدينة الساحلية.