أوروبا تحاصر الإخوان.. مقترح برلماني وآلية لمواجهة التطرف
ما يفاقم خطورة الإخوان تلقي منظمات تابعة لها ملايين اليوروهات من مؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي
يفرض ملف الإخوان الإرهابية نفسه على الساحة السياسية الأوروبية في الوقت الراهن، وسط تحذير من تنامي خطر شبكة الجماعة في القارة الأوروبية، ومطالبات بتحرك أوروبي موحد لمكافحتها.
ويمثل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، المنظمة المظلية لشبكة الإخوان الإرهابية في القارة، وأخطر أجنحتها، ويتخذ من بروكسل مقرا له، ما يعد تحديا كبيرا للاتحاد الأوروبي، وفق النسخة الألمانية لصحيفة "إيبوخ تايمز".
ويقود اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عدة شخصيات شديدة الخطورة والتطرف، وخاصة إبراهيم الزيات وسمير فلاح وخالد سويد.
ويندرج تحت قيادة الاتحاد العديد من الجمعيات المتطرفة المنتشرة في كل دول القارة، وخاصة ألمانيا، والنمسا وسويسرا وغيرها.
وما يفاقم خطورة الإخوان تلقي منظمات تابعة لها ملايين اليوروهات من مؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي.
وفي الفترة بين 2014 و2019، منح الاتحاد الأوروبي حوالي 36.5 مليون يورو إلى الجماعات التي تتبنى الإسلام السياسي وتملك صلات بالإخوان، وفق تقرير لكتلة "الهوية والديمقراطية" في البرلمان الأوروبي.
ووفق ما نقله موقع "تشي اينبليك" الألماني عن التقرير، تلقت منظمة الإغاثة الإسلامية، أحد أذرع الإخوان، على سبيل المثال، 5 ملايين و139 ألف يورو من مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الفترة ذاتها.
وفتح هذا التقرير باب الانتقادات على مصراعيه للاتحاد الأوروبي، وتساءل سياسيون ووسائل إعلام "كيف يمول الاتحاد الأوروبي منظمات متطرفة تسعى لتقويض الأنظمة الديمقراطية"، بل إن البعض تساءل عن استراتيجية بروكسل لمكافحة خطر هذه التنظيمات.
مقترح المركز الأوروبي للإسلام
وفي وقت تحرز فيه ألمانيا والنمسا تقدما مقبولا في ملف مكافحة الإخوان، تقدم لوكاس ماندل، عضو حزب الشعب النمساوي الحاكم (يمين وسط)، ولينا ديبوت، ومونيكا هولماير عضوا الاتحاد المسيحي الحاكم في ألمانيا، وجميعهم أعضاء بالبرلمان الأوروبي، بمقترح للتكتل في أبريل/نيسان الماضي يهدف لمكافحة التيارات المتطرفة ومنها الإخوان.
وينص الاقتراح على إنشاء المركز الأوروبي للإسلام والديمقراطية ليتولى تقديم الدعم للمسلمين الداعمين للقيم الأوروبية والبعيدين على التيارات الأصولية والمتطرفة، وكشف التنظيمات التي تتبع أيدلوجيات موجهة ضد القيم ونمط الحياة في أوروبا، حسب ما نقلته صحيفة "فولكس بلات" النمساوية (خاصة).
ووفق المقترح، فإن المركز الأوروبي للإسلام والديمقراطية يركز عمله على دراسة وتحليل وكشف التنظيمات التي تروج لنفسها على أنها غير عنيفة، لكنها تعمل على تحقيق أهدافها سرا عبر وسائل عدة منها العنف، مثل الإخوان، وتنظيم الرؤية الوطنية "ميللي جورش" التركي وغيرهما.
ونص مقترح إنشاء المركز على "منح العقول التقدمية في المجتمعات المسلمة في أوروبا دفعة قوية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، عبر تنظيم مؤتمر أوروبي سنوي حول "التنوير الإسلامي في أوروبا".
كما يتولى المركز منح شهادات للمنظمات الإسلامية التي تكافح التطرف وتلتزم بالقوانين الأوروبية لتمييزها عن تلك المتطرفة، ويعد الحصول على هذه الشهادة شرطا مسبقا للحصول على أي دعم مالي أوروبي فيما بعد، وبالتالي تجفيف تمويل التنظيمات المتطرفة.
ويحظى المقترح بدعم قوي من وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، التي قالت في تصريحات صحفية لفولكس بلات "لابد من سد الفجوة في معركتنا ضد تنظيمات الإسلام السياسي في جميع أنحاء أوروبا".
وأضافت "من الخطورة بشكل خاص أن يمتد تأثير الإسلام السياسي إلى النمسا والدول الأوروبية الأخرى".
ورغم قوة المقترح ووقوف أحزاب حاكمة ووزارات في النمسا وألمانيا خلفه، وحصوله على دعم البرلمان الأوروبي، لم توافق عليه المفوضية الأوروبية.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أوروبي كبير، في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية" مفضلا عدم ذكر اسمه، "أرسل البرلمان الأوروبي، مقترح إنشاء مركز الإسلام والديمقراطية، إلى المفوضية الأوروبية، وفق الآلية القانونية المعتادة".
وتابع "تولت المفوضية الأوروبية عملية دراسة وتقييم المقترح لكنها لم توافق عليه في النهاية"، موضحا "كان مبرر المفوضية في ذلك أن مهام وأهداف المركز المقترح مشمولة بالفعل في تشريعات وأنشطة حالية في التكتل، مثل برنامج الحقوق والمساواة والمواطنة، وبرنامج الحقوق المستقبلية".
لكن لوكاس ماندل، ولينا ديبوت، ومونيكا هولماير، لم يستسلموا، حيث قال ماندل في تصريحات لفولكس بلات "سنواصل النضال أنا وزملائي من أجل إنشاء هذا المركز، وقدمنا المقترح مجددا".
بروكسل تجيب: كيف تواجه الإخوان؟
وفي تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، اليوم الإثنين، قالت لورا براراد، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية والمعنية بقضايا الأمن الداخلي والهجرة، إن المفوضية "قلقة للغاية بشأن تنامي وجود المنظمات الإسلامية المتطرفة في العديد من الدول الأوروبية".
وأضافت: "تتصدى المفوضية مع السلطات المحلية في الدول الأعضاء، للتنظيمات الإسلامية المتطرفة بشكل استباقي، نهجنا لا يركز حصرا على التدابير القمعية، كما أنه يعطي دورًا مركزيًا للوقاية".
وأوضحت أن "عمل شبكة التوعية ضد التطرف في الاتحاد الأوروبي مهم للغاية في هذا الصدد؛ لأنها تعمل على نشر الوعي بخطر جماعات متطرفة" مثل الإخوان وغيرها.
وتابعت: "تضم الشبكة العديد من الأكاديميين وصانعي السياسات لتبادل المعرفة والخبرات المباشرة بهدف منع ومكافحة التطرف العنيف بجميع أشكاله".
وتعمل شبكة التوعية ضد التطرف تحت قيادة المفوضية الأوروبية وتعد ركنا أساسيا في استراتيجية الاتحاد الأوروبي في مكافحة التطرف في الفترة بين ٢٠٢٠ و٢٠٢٥.
لورا براراد قالت أيضا إن "البحث عن شركاء في المجتمعات الإسلامية في أوروبا، مهم جدا لنجاح استراتيجية التكتل في مواجهة التنظيمات المتطرفة".
وتابعت: "الجماعات المتطرفة تستغل الوضع الناجم عن تفشي جائحة كورونا المستجد، لنشر التطرف والتخطيط لهجمات عنيفة".
وأضافت: "لمواجهة ذلك، يكثف الاتحاد الأوروبي تعاونه مع السلطات المحلية في الدول الأوروبية، ويعمل أيضًا بشكل وثيق مع دول خارج الاتحاد في هذا الملف".
ولفتت إلى وجود آلية قوية لتبادل المعلومات مع الدول الأعضاء والعديد من دول العالم لمكافحة التطرف ومنع الهجمات الإرهابية، ورصد قيادات التنظيمات المتطرفة.
ووفق موقع "تشي اينبليك" الألماني، فإن الاتحاد الأوروبي يراجع أيضا ملف تمويل المنظمات والجمعيات العاملة في القارة الأوروبية، في محاولة لمنع وصول أموال للتنظيمات المتطرفة.
وتمتلك الإخوان شبكة متشعبة تضم مئات المؤسسات والمساجد وآلاف القيادات في القارة الأوروبية، وتصنف في معظم دول القارة وخاصة ألمانيا والنمسا، على أنها "معادية للديمقراطية والدستور"، وسط مطالبات شعبية وحزبية بحظرها.