رئاسي لا برلماني.. دعوات لنظام سياسي بتونس يخترق جدار الإخوان
حزب مشروع تونس يدعو إلى تغيير النظام السياسي الذي اعتبره "معرقلا للتطور والبناء"، ولا تستفيد منه سوى حركة النهضة.
مع تواصل الأزمة السياسية في تونس وغياب الاستقرار منذ انتخابات 2019، طرح أكثر من حزب ومنظمة دعوات لتغيير الدستور، واللجوء للنظام الرئاسي بديلا عن "البرلماني" الذي تم إقراره في 2014.
وعرفت تونس في فترة أقل من سنة مشاورات لـ3 حكومات، واحدة للحبيب الجملي الإخوانية التي سقطت في 10 يناير/كانون الثاني، والثانية لإلياس الفخفاخ الذي أعلن استقالته في يوليو/تموز الماضي، وهشام المشيشي التي ما زالت تواصل مشاوراتها.
ودعا حزب مشروع تونس "ليبرالي"، في بيان له، إلى ضرورة التفكير في "الجمهورية الثالثة" من خلال تغيير النظام السياسي الذي اعتبره "معرقلا للتطور والبناء"، ولا تستفيد منه سوى حركة النهضة.
- النهضة الإخوانية تستبق تشكيل حكومة تونس بعراقيل وضغوط
- ضربة جديدة للنهضة الإخوانية.. استقالة مدير ديوان الغنوشي
بدوره، أكد نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل في تصريحات إعلامية أنه "من الضروري التفكير في تغيير قوانين اللعبة السياسية وبالتالي تغيير النظام السياسي".
ويرى مراقبون أن إخوان تونس هي المستفيدة الوحيدة من النظام السياسي البرلماني، حيث تكون فيه السلطات مشتتة، مما يسمح لهم باستغلال موارد الدولة، وانتهاك مقدراتها لصالح أجندات الجماعة.
وبرزت في الآونة الأخيرة مواقف ناقدة للنظام السياسي والمنظومة الحزبية، في إشارة إلى الدور السلبي لحركة النهضة الإخوانية ومساعيها للإضرار بمصالح تونس الداخلية والخارجية.
في هذا السياق، يرى الكاتب الصحفي بسام حمدي أن "النظام السياسي الحالي الذي تدار وفقه دواليب الدولة يزحف بالبلاد نحو الإفلاس نظرا لعدة اعتبارات".
أهم تلك الاعتبارات- بحسب حمدي متحدثا لـ"العين الإخبارية"- هي أن "مسؤولية الحكم تشتت بين مؤسسات الرئاسة والبرلمان والحكومة ولم يعد هناك أي طرف يتحمل المسؤولية كاملة للفشل أو النجاح في الحكم".
وأضاف أنه "من الواضح أن المجلس التأسيسي الذي صاغ أحكام الدستور سنة 2014، والذي كانت فيه حركة النهضة ذات أغلبية تعمد تأسيس نظام سياسي مرتبك يضمن للنهضة المشاركة في الحكم مهما كان وزنها البرلماني والانتخابي بحيث يصعب على أي حزب أن يحكم البلاد دون التحالف مع أحزاب أخرى".
وأكد أن مؤشرات فشل النظام السياسي الحالي واضحة وجلية من الناحية السياسية بحيث لم يحصل استقرارا سياسيا كافيا منذ سنة 2011.
ولفت حمدي إلى أن "مظاهر فشل النظام الحالي تجلت في الشأن الاقتصادي وهو ما يتضح من خلال المؤشرات المالية والاقتصادية، حيث باتت تونس تعاني ويلات العجز الاقتصادي نظرا لضبابية المشهد السياسي وانعدام مبدأ استمرارية الدولة في ظل تغيير الحكومات سنويا وفق أهواء زعماء حركة النهضة".
من جهتها، اعتبرت الناشطة الحقوقية والمحامية وفاء الشادلي أن "ما تعيشه تونس منذ 10 سنوات هو نتيجة نظام سياسي هجين أنتج وضعا شبيها بما عاشته الجمهورية الفرنسية الرابعة التي شهدت 21 حكومة من 1948 إلى 1958".
وأشارت إلى أن "تونس للأسف ظلت في وضعية غير مستقرة مع توالي حكومات المحاصصات الحزبية العاجزة، إضافة إلى عجز البرلمان عن انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، التي تعتبر العمود الفقري في النظام السياسي ومن دونها لا يمكن تعديل هذا النظام".
وفسرت إخلالات النظام السياسي الذي بناه الإخوان بالقول إن "نظامنا السياسي للأسف معقد إلى أبعد الحدود وكرس مبدأ لا يحكم فيه أي طرف".
وتابعت: "تركيبة السلط معقدة جدا، وذلك بسبب هندسة الإخوان للدستور وبعض القوانين الأخرى على غرار القانون الانتخابي والنظام الداخلي للبرلمان على قياس مصالحها الحزبية الضيقة دون أن تراعي الاستقرار السياسي للبلاد".
وأضافت أن "هذا النظام الإخواني وفر الأرضية الخصبة للصراع السياسي وهذا الصراع على حساب التحديات الاقتصادية والاجتماعية وعلى حساب مؤسسات الدولة الديمقراطية".
وبينت أنه "حتى كلمة ديمقراطية أصبحت كلمة جوفاء بدون أي معنى، وباتت كلمة حق أريد بها باطل أي لحماية مصالح الإخوان وضمان تواصل وجودهم بالحكم وسيطرتهم على دواليب الدولة".
وأوضحت أن "هذا يعني أن النظام السياسي أو المسار السياسي الذي اتخذته تونس بعيد كل البعد عن إيجاد الطريق الأمثل لبناء الدولة الديمقراطية بمؤسساتها ونظامها المتماسك".
واعتبر مراقبون أن "الدفاع المستميت لحركة النهضة عن النظام البرلماني لأنه يسمح لها فرص المناورة وابتزاز الحكومات، وتوظيف الأغلبية البرلمانية لإسقاط القوانين التي لا تتماشى ومحاسبتها".