النهضة الإخوانية تستبق تشكيل حكومة تونس بعراقيل وضغوط
الاستباق الإخواني لمشاورات المشيشي تمثل، حسب مراقبين، عراقيل وضغوط سياسية لفرض شكل محدد للحكومة
طالب حزب حركة النهضة الإخواني في تونس، اليوم الإثنين، بتكوين حكومة وحدة وطنية، في موقف يعرقل مساعي رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي الذي يجري مشاورات سياسية.
وكشف الحزب عن موقفه، اليوم في مؤتمر صحفي، بينما لم تتضح بعد نوايا المشيشي حول طبيعة الحكومة التي سيشكلها، وما إذا كانت حكومة سياسية أم حكومة تكنوقراط.
وشرع المشيشي، منذ أكثر من أسبوع بإجراء مشاورات لتشكيل حكومته الجديدة بعيدا عن الحزبية تمثل "كل التونسيين"، حسب مصادر محلية تونسية.
وقال المشيشي، في تصريحات صحفية سابقة، إن "الحكومة المقبلة ستكون لكل التونسيين، ونسعى إلى تحقيق تطلعات المواطنين."
الاستباق الإخواني لمشاورات المشيشي يمثل، حسب مراقبين، عراقيل وضغوطا سياسية لفرض شكل محدد للحكومة، وهو ما بدا في تصريحات راشد الغنوشي، رئيس إخوان تونس، الخميس الماضي التي قال فيها إن البلاد في خطر وبالإمكان أن تدخل في أزمة عميقة، أزمة تعجز فيها الدولة عن خلاص رواتب الموظفين، وينقطع فيها الكهرباء، وتنقطع معها خدمات أساسية، إذا ما تم إبعاد النهضة من الحكم.
ووفق سياسيين، فإن هذه الجمل المسترسلة من رئيس الفرع الإخواني في تونس ليست إلا مقايضة المشيشي بالوجود في الحكومة أو حرق البلاد، في استحضار لما فعلته حركة النهضة سنة 1991، عندما هم أنصارها برشق المواطنين بالزجاجات الحارقة، وحرق المقرات الحكومية، وتنفيذ تفجيرات في فنادق محافظتي سوسة والمنستير (شرق).
بدوره قال القيادي في الحزب ورئيس مجلس شورى الحركة الإخوانية عبد الكريم الهاروني، خلال المؤتمر الصحفي: "ندعو رئيس الحكومة المكلف إلى تكوين حكومة وحدة وطنية سياسية ذات حزام سياسي واسع تحترم التوازنات في البرلمان".
وأضاف الهاروني :"نرفض حكومة كفاءات من منطلق دروس حكومة الجملي وحكومة الفخفاخ (رئيسا الوزراء السابقين). لا نريد نفس الأخطاء لنصل إلى نفس النتائج".
وهذه هي الحكومة الثالثة التي يجري التشاور بشأنها في تونس منذ انتخابات 2019، حيث فشلت الحكومة المقترحة الأولى برئاسة الحبيب الجملي مرشح حركة النهضة في نيل ثقة البرلمان في كانون ثان/يناير الماضي، لتذهب المبادرة السياسية فيما بعد إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي رشح إلياس الفخفاخ لتكوين حكومة جديدة.
وكان الفخفاخ أعلن استقالته لشبهة تضارب مصالح بجانب صراع سياسي مع حزب حركة النهضة الذي يطالب بحكومة ذات مشاركة أوسع للأحزاب، وعادت المبادرة مرة أخرى لرئيس الجمهورية الذي كلف وزير الداخلية في حكومة الفخفاخ، هشام المشيشي لإجراء مشاورات جديدة.
وأعادت حركة النهضة طلبها بمشاركة أكبر للأحزاب من أجل ضمان غطاء سياسي مريح في البرلمان وتمرير القرارات والإصلاحات التي ستعرضها الحكومة الجديدة.
وقال الهاروني :"يمكن الاستفادة من الكفاءات في الحكومة، ولكن الكفاءات لا يمكن ان تكون بديلة عن الأحزاب".
ويمنح النظام السياسي في تونس (برلماني معدل) الحزب الفائز تقديم مرشح لتكوين حكومة.
وكانت حركة النهضة قدمت مرشحها الحبيب الجملي بعد استنفاد الآجال الدستورية القصوى قبل أن تسقط حكومته في البرلمان. وأصبح الرئيس هو المخول، بحسب الدستور، بتقديم مرشح بديل، وكان اختياره لإلياس الفخفاخ.
وقدمت حركة النهضة وأحزاب أخرى حليفة لها لائحة لوم لسحب الثقة من حكومة الفخفاخ بعد نحو خمسة أشهر من نيله المنصب، ولكن استقالة الفخفاخ أبقت المبادرة دستوريا عند رئيس الجمهورية لاختيار مرشح آخر، ولا يلزم الدستور هشام المشيشي بتكوين حكومة أحزاب.