طريق الدم والنار.. كيف عبرت اليابان إلى قلب الحرب العالمية الثانية؟

رغم أن الذاكرة الشعبية تختزل صورة اليابان في الحرب العالمية الثانية كحليف لألمانيا النازية وعدو لدود للولايات المتحدة، فإن هذه الصورة لا تكشف كل شيء.
فقد جاء انخراطها في الصراع نتيجة عقود من التوسع الإمبراطوري وصراعات إقليمية مهدت لتحالفها مع قوى المحور، ولشنها الهجوم على بيرل هاربور عام 1941.
ووفقا لموقع «ذا كولكتور» بدأت ملامح القوة اليابانية الحديثة بالظهور أواخر القرن التاسع عشر، مع انضمامها إلى القوى الغربية في فرض النفوذ على الصين.
هذا التوسع قادها إلى مواجهة مباشرة مع روسيا القيصرية، انتهت بحرب شرسة بين عامي 1904 و1905 حققت فيها اليابان نصرا مذهلا وضعها في مصاف القوى الكبرى.
ومع ترسيخ هيمنتها في منشوريا، ضمّت شبه الجزيرة الكورية عام 1910، لتصبح إمبراطورية كاملة النفوذ في شرق آسيا.
من منشوريا إلى الصين: الحرب الكبرى
في 1931، اتخذت طوكيو من حادثة موكدين ذريعة لغزو منشوريا وإقامة دولة تابعة أطلقت عليها اسم "مانشوكو".
ورغم إدانة عصبة الأمم، لم تواجه اليابان أي ردع عملي بسبب انشغال العالم بالكساد الكبير.
هذا التشجيع الضمني دفعها إلى التوسع مجدداً عام 1937، بإشعال الحرب الصينية–اليابانية الثانية التي شهدت واحدة من أبشع جرائم القرن العشرين: مذبحة نانجينغ، حيث ارتكبت قواتها عمليات قتل واغتصاب جماعي أثارت موجة استنكار عالمي.
المواجهة مع السوفيات والتحول جنوباً
بين عامي 1938 و1939، اصطدمت القوات اليابانية بالسوفيات في منغوليا، لتتلقى هزيمة قاسية على يد الجنرال جورجي جوكوف في معركة خالخين غول. هذا الفشل أقنع طوكيو بالتخلي عن طموحاتها في الشمال، وبدلاً من ذلك توجهت جنوباً نحو الصين والمحيط الهادئ بحثاً عن موارد استراتيجية، خاصة النفط.
نحو محور برلين – روما – طوكيو
دفع العداء المشترك للشيوعية، إلى جانب دعم الولايات المتحدة المتزايد للصين وللحلفاء الأوروبيين، اليابان إلى التقارب مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. وفي سبتمبر/ أيلول 1940، وقّعت الدول الثلاث "الميثاق الثلاثي"، الذي أسس لتحالف المحور، وأكد على التعاون ضد أي قوة كبرى جديدة قد تدخل الحرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
وفي أبريل/نيسان 1941، وقّعت اليابان معاهدة عدم اعتداء مع الاتحاد السوفياتي، لكنها فوجئت في يونيو/حزيران بالغزو الألماني لروسيا. ورغم ضغوط برلين لفتح جبهة شرقية، اختارت طوكيو عدم المجازفة.
هذا القرار، الذي كشفه الجاسوس السوفياتي ريتشارد سورغه، سمح لستالين بسحب قواته من الشرق للدفاع عن موسكو، في لحظة مفصلية غيّرت مسار الحرب.
بيرل هاربور: الضربة التي أيقظت العملاق
مع تصاعد التوتر مع واشنطن، ولا سيما بعد تجميد الأصول اليابانية في الولايات المتحدة ووقف إمدادات النفط، قررت القيادة العسكرية تنفيذ هجوم وقائي لتدمير الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ.
فجر 7 ديسمبر/كانون الأول 1941، أغارت مئات الطائرات اليابانية على بيرل هاربور، مدمرةً سفناً وطائرات، وموقعة أكثر من 2400 قتيل أمريكي. لكن الهجوم لم يحقق هدفه الاستراتيجي، إذ نجت حاملات الطائرات الأمريكية، لتتحول الصدمة إلى دافع للتعبئة العامة. الرئيس فرانكلين روزفلت وصفه بـ"اليوم الذي سيظل عاراً في الذاكرة"، وأعلن الحرب في اليوم التالي.
حرب عالمية بحق
في 11 ديسمبر/ كانون الأول، أعلنت ألمانيا وإيطاليا الحرب على الولايات المتحدة، ليتحول الصراع إلى حرب عالمية شاملة. ومع ذلك، اتفق الحلفاء على استراتيجية "ألمانيا أولاً"، ما وضع اليابان في موقع المواجهة الطويلة مع واشنطن في المحيط الهادئ.
وسرعان ما توسعت المعارك إلى هونغ كونغ وسنغافورة والفلبين، حيث ارتكبت القوات اليابانية "مسيرة باتان القسرية"، التي أودت بحياة آلاف الأسرى الأمريكيين والفلبينيين، وزادت من إصرار الولايات المتحدة على القتال حتى تحقيق استسلام غير مشروط.
النهاية الحتمية
في طهران عام 1943، اتفقت واشنطن ولندن وموسكو على رفض أي سلام منفصل، وتعهّد ستالين بدخول الحرب ضد اليابان بعد هزيمة ألمانيا.
وبالفعل، ومع اقتراب نهاية الحرب، أعلن الاتحاد السوفياتي الحرب في أغسطس/آب 1945، بعد أيام من إلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي.
وهكذا، وجدت طوكيو نفسها محاصرة بضربات لا تُحتمل، لتعلن استسلامها في 15 أغسطس/آب، مطويةً صفحة إمبراطورية امتدت لنصف قرن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA==
جزيرة ام اند امز