أسهل دكان تفتحه في هذه الأيام هو دكان حقوق الإنسان، والتمويل مضمون من جهات عدة، على رأسها قطر.
على الراغبين في فتح دكاكين أن يتقدموا إلى الجهات المعنية في مختلف بلاد الدنيا، وذلك نحو التنظيم والتنسيق، فماذا عن «دكاكين» حقوق الإنسان؟ كل يوم تضاف مؤسسة أو منظمة، قد يطلقها فرد لا شغل له في هذه العاصمة أو تلك، والمصيبة أن المنظمة من هذا النوع، تصبح بين ليلة وضحاها مرجعية معتمدة في موضوع حقوق الإنسان، تتناقل أخبارها وكالات الأنباء وتنقل عنها.
هكذا طغت هذه المؤسسات عدداً وتأثيراً على منظمات حقوق الإنسان الجادة (هل توجد منظمات حقوق إنسان جادة؟). يطرح السؤال هنا بكل جدية، فالذي يطفح أو يطفو على السطح يشير إلى كثرة كاثرة من الزبد الذي يذهب جفاء ولا ينفع الناس، وبالرغم من ذلك، فإن لكل ساقط لاقطاً كما يقال.
تستطيع أن تفتح دكان حقوق إنسان فوراً وبصفة قطعية، لكن لا بد من توافر شروط، فلكل مهنة سماتها ومواصفات أهلها. أول شرط أن تكون بلا ضمير، ولا تعرف شيئاً اسمه وطنية، وأن تكون متفوقاً في هواية الكذب، وهنا نأتي إلى الشرط الأهم: أن تكون ثقيل الدم.
أسهل دكان تفتحه في هذه الأيام هو دكان حقوق الإنسان، والتمويل مضمون من جهات عدة، على رأسها قطر، حيث يصبح دكانك مصدراً لأخبار قناة «الجزيرة» وغيرها من أدوات الكراهية والبغضاء. فقط افتح منظمة حقوق إنسان، وردد اسم الإمارات والسعودية عشرات المرات أسبوعياً، وقطر جاهزة.
ماذا يعني وجود «شبكة» حقوق إنسان في لندن أو إسطنبول؟ هل يعني الأمر أبعد من وجود «إيميل» مهمته نشر وتوزيع الاتهامات والافتراءات من دون حساب؟
تستطيع أن تفتح دكان حقوق إنسان فوراً وبصفة قطعية، لكن لا بد من توافر شروط، فلكل مهنة سماتها ومواصفات أهلها. أول شرط أن تكون بلا ضمير، ولا تعرف شيئاً اسمه وطنية، وأن تكون متفوقاً في هواية الكذب، وهنا نأتي إلى الشرط الأهم: أن تكون ثقيل الدم.
إذا كنت قادراً على هذه الشروط فإن بينك وبين دكان حقوق الإنسان خطوات قليلة، وثق بأن «النجاح» سيكون حليفك.
نعم، هكذا ولا مبالغة، فكيف يمكن تطويق هذه الظاهرة نحو الإسهام في القضاء عليها؟ مطلوب من وسائل الإعلام الرصينة توخي أقصى درجات الحذر، حيث دكاكين حقوق الإنسان هذه تقوم على الجهل وتروج له، وفيما هي تردد كلمة «الحرية» ليل نهار، تراها أكثر من يقاوم الحرية ويخاف منها. القائمون على دكاكين حقوق الإنسان هم ضد الحرية، وهم يعملون، بالطريقة التي بها يتصرفون، على هدم صروح الحرية، مشتملة على حرية الرأي والتعبير. هؤلاء انتهازيون بامتياز، وهدفهم الارتزاق من دكاكينهم، متعاونين على الإثم والعدوان، وذاهبين في الزيف والزيغ كل مذهب.
وإذا كان الإعلام ناقلاً، فإن هناك المؤسسات التي تمول وتشتري السياسات والضمائر، فلا بد للمؤسسات الوطنية، وأولها هيئات وجمعيات حقوق الإنسان الوطنية، وكذلك المؤسسات السياسية والإعلامية، من القيام بأدوارها الحقيقية ومواجهة دكاكين حقوق الإنسان، فلا يسمح مثلاً لمنظمة مثل «هيومان رايتس ووتش» وأمثالها، بعد أن أثبتت التجربة أنها تأتي بأفكار وأحكام مسبقة، وتعتمد على مصادر أحادية، هذا إذا التقت أحداً بالفعل، والغرض، أولاً وأخيراً، استعراضي، نحو تنظيم مؤتمر صحفي في نهاية المطاف لا تسمح فيه إلا بالأسئلة التي توافق هواها، باعتبارها دكان حقوق إنسان «دولياً».
فهل أنت راغب في فتح دكان حقوق إنسان؟ إذا كان الجواب نعم، فعليك اتباع النصائح بعاليه.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة