أفكار مبتكرة.. نزاع أوكرانيا غيّر شكل الحروب التقليدية
مكنت التقنيات الحديثة التي تم توظيفها بالحرب كييف من قلب موازين الحرب بالمخالفة لتوقعات محللين الإطاحة بنظامها خلال أيام.
ويرى تقرير لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن سبب صمود أوكرانيا في وجه القوات الروسية يرجع إلى نشرها "طائرات متسكعة"، قادرة على البقاء في الجو حتى إصابة أهدافها، وعدلت الطائرات المسيرة التجارية بثمن بخس ، لتنجح باستهداف القوات والمعدات الروسية.
كما استغلت كييف بيانات الأقمار الصناعية التجارية لتتبع تحركات القوات الروسية، ووظفت الذكاء الاصطناعي، إلى جانب صور الأقمار الصناعية هذه، لإنتاج برنامج يساعد مدفعيتها على تحديد الأهداف وتوجيهها وتدميرها بأكثر الطرق فعالية وفتكا.
وأشار التقرير إلى أن السبب وراء التفوق الأوكراني لم يكن نتيجة لتطور معداتها أو برمجياتها مقارنة بالجيش الروسي، بل بساطة التكنولوجيا المستخدمة، وقلة كلفتها، ما ساهم في تسهيل استخدامها بطرق مبتكرة.
ووفقا للتقرير، فإن بساطة المعدات هي ما يجعلها قوية. هذه المعدات البسيطة أسهمت في تسهيل مهمة تدريب الجنود، وحتى المدنيين، عليها بشكل أسرع يكفل تحقيق الانتصارات على أرض المعركة.
وأوضح التقرير أن هذه التقنيات سلطت الدولة الضوء على اتجاه أكبر في الحرب، اتجاه له تداعيات تتجاوز هذا الصراع: إضفاء الطابع الديمقراطي على القوة العسكرية.
وتابع :"وسعت أدوات أوكرانيا نطاق القتال إلى ما وراء ساحة المعركة الفعلية - وما وراء الجهات العسكرية والدولة التقليدية - بالسماح للمواطنين العاديين والشركات الخاصة والمؤسسات المدنية بالمساعدة في القتال. وهو اتجاه سيغير الطريقة التي تدير بها الدول الأخرى حروبها في المستقبل".
وتقع أسس هذه التقنيات في القطاعات التجارية والأكاديمية، وهو ما سمح بتطويرها ونشرها سريعا. وقد سهّل ذلك على أوكرانيا نشر مجموعة واسعة من القدرات العسكرية والعثور على المزيد من المشغلين.
وعلى سبيل المثال، مقابل أقل من 600 دولار، استخدم الأوكرانيون العاديون طابعات ثلاثية الأبعاد لتحويل ألعاب الطائرات بدون طيار، وهي الأنواع المستخدمة عادةً لالتقاط الصور الجوية لمنصات التواصل الاجتماعي، إلى منصة لتنفيذ هجمات دقيقة متخفية قصيرة المدى.
وفي أوائل يونيو/حزيران، استخدم صبي يبلغ من العمر 15 عاما أيضا لعبة طائرة من دون طيار، لمساعدة الجيش الأوكراني على توجيه ضربة مباشرة ضد قافلة روسية في مدينته.
كما أغلق جيوش القراصنة المتطوعين مواقع إلكترونية روسية. وتمكنت الحكومة الأوكرانية من تأمين الوصول إلى شبكات الأقمار الصناعية الخاصة المملوكة للمدنيين، وقد بث المواطنون الأوكرانيون لقطات للقتال، بما في ذلك عبر "تيك توك"، لمساعدة مخططي الحرب في بلادهم.
العديد من هذه التقنيات التي تستخدمها أوكرانيا حاليا ليست بالجديدة، مثل طائرات بيرقدار التركية المسيرة التي أثبتت فعالية كبيرة في الصراع على إقليم ناجورنو قرة باغ والمسيرات المتسكعة كانت متواجدة منذ سنوات لكنها لم تكن بالشكل المعقد الذي تفعله اليوم.
وخلص التقرير إلى أن الحرب الأوكرانية أعادت تسليط الضوء على ظاهرة منح القوة للمواطن، وأظهرت أن الدول يمكن أن تقاتل في ساحات جديدة، بمساعدة المؤسسات المدنية والأفراد العاديين.