الإدمان الإلكتروني.. مرض عصري علاجه التوعية والثقة
نخبة من المتحدثين المتخصصين في مجال التواصل الاجتماعي، يبحثون في "نادي الشارقة للصحافة" عن حلول وأعراض إدمان الإنترنت لدى الأبناء
أصبح إدمان الإنترنت حالة مرضية حديثة تطفو على سطح حياتنا بالتزامن مع تعمق استخدامنا للشبكة العالمية، ويُعتبر الشخص مُدمناً للإنترنت، وفق وصف كيمبرلي يونج عالمة النفس الأمريكية، إذا تعدّى استخدامه له 38 ساعة في الأسبوع الواحد.
تتعدد الأسباب ويكثر الحديث عن الحلول وينشغل الكثيرون، محاولين الإجابة عن تساؤلات عديدة حول آليات الاستخدام الإلكتروني الصحيح الآمن من قبل مستخدميه من كل الأعمار.
"العين الإخبارية" حضرت الجلسة الرمضانية التي نظمها نادي الشارقة للصحافة، والتي حملت عنوان "الإدمان الإلكتروني والتأثير المجتمعي" في مسرح المجاز، وحضرها الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام، وأدارتها الإعلامية مريم علاي.
وعلى هامش الجلسة تحاورت "العين الإخبارية" مع نخبة من المتحدثين المتخصصين في مجال التواصل الاجتماعي عبر الشبكات العنكبوتية.
سعيد الرميثي: علينا التعامل مع واقع لا نستطيع منعه
سعيد الرميثي، عضو المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات، عرّف في البداية الكمبيوتر على أنه وسيلة إشباع مثيرة ومناسبة جدا لخيال المراهق الجامح، سواء كان هذا التعلق منفعة مثل البحوث التي تطلبها المدارس أم لأجل الألعاب الإلكترونية أم حتى لتصفح المواقع المشبوهة أم غرف المحادثة، فالأمر يجب التعامل معه كواقع وليس أن ننكره أو في الطرف الآخر أن نعاقبه عليه.
وقال الرميثي "الكمبيوتر موجود في كل مكان، ويسهل على المراهق أن يصل إليه ولا يجدي المنع، وعلينا أن نتذكر دوماً أن كل ممنوع مرغوب، والحقيقة أن الآثار النفسية لإدمان المراهقين على الإنترنت تشبه الآثار التي تتركها المخدرات فيهم إلى حد كبير، فهي تحدث الكثير من تقلبات المزاج الحادة، والعزلة، والغموض الزائد عن الحد وفي النهاية التورط في مشاكل لم يحسبوا لها حسابا".
وينصح الرميثي الوالدين بالتعامل مع المراهق الذي يعاني من إدمان الإنترنت بحذر شديد، خوفاً من الاصطدام بهم وفي نفس الوقت عدم تركهم، وحسب وصفه، يجب أن يبنى الموضوع على الثقة بين المراهق وذويه، وأيضا إشباع حاجاته الملحة بعد معرفة الأسباب التي أدت للإدمان ومحاولة حلها.
هنادي اليافعي: كيف تكتشف إدمان طفلك؟
سلطت هنادي صالح اليافعي، مدير إدارة سلامة الطفل، الضوء على أعراض الإدمان قائلة "من الضروري أن نتعلم كيف نكتشف أن الطفل أو الشاب أصبح مدمناً، والحقيقة أن هناك العديد من المظاهر التي يجب علينا أن نلتفت وننتبه إليها، ويأتي في مقدمتها زيادة عدد الساعات أمام الإنترنت بشكل مطرد، وتجاوز الفترات التي حددها الفرد لنفسه، وسيطرة حالة من التوتر والقلق الشديدين في حال وجود أي عائق للاتصال بالشبكة، تصل إلى حد الاكتئاب إذا طالت فترة الابتعاد عن الدخول والإحساس بسعادة بالغة وراحة نفسية حين يرجع الشخص إلى استخدامه، إهمال الواجبات الاجتماعية والأسرية والوظيفية، استمرار استعمال الإنترنت على الرغم من وجود بعض المشكلات مثل فقدان العلاقات الاجتماعية والتأخر عن العمل، الجلوس من النوم بشكل مفاجئ والرغبة بفتح البريد الإلكتروني أو رؤية قائمة المتصلين، أو ممارسة الألعاب الإلكترونية.
عبدالرحمن التميمي: 30 ألف جريمة ابتزاز إلكتروني سنوياً
ينتقل الرائد عبدالرحمن التميمي، مدير مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل، بالحديث عن محطة أخرى من محطات إدمان الإنترنت عندما يتحدث عن ظاهرة الابتزاز الإلكتروني قائلاً: إن قصص الاستغلال عبر الإنترنت أصبحت خطيرة وكثيرة في عالم تداخلت فيه الحدود وذابت فيه الفواصل، وفي أحدث دراسة ذكرت أن هناك 30 ألف جريمة ابتزاز إلكتروني على مستوى دول الخليج وحدها سنوياً، و80% من ضحايا الابتزاز الإلكتروني هن من الإناث، ووفقاً لمسؤولين خليجيين، فإن 50% من المشتركين في شبكات التواصل الاجتماعي يستخدمون غرف المحادثة، ما يجعل عدداً كبيراً منهم عرضة للابتزاز وبالأخص الجنسي الإلكتروني.
وأكد التميمي أن هذا الواقع يستلزم مزيداً من التوعية ونشر طرق الحماية وتحصين المجتمع من ناحية، وتشديد العقوبات من ناحية أخرى، -والكلام على لسانه- الواقع يؤكد أن الجهل باستخدام التقنية الحديثة أحالها لدى البعض من نعمة إلى نقمة، وثمة مخاطر عديدة جراء الانسياق خلف الروابط غير الموثوقة كمواقع الزواج والخطابات أو ألعاب الفيديو والفوز في جوائز، والتقديم على الوظائف مجهولة المصدر.
عبدالعزيز الزرعوني: خطط إماراتية للحد من جرائم الابتزاز
أكد المهندس عبدالعزيز الزرعوني، مهندس أمن معلومات بالهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، أن هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات تتحرك بشكل وقائي لحماية أفراد المجتمع الإماراتي من النتائج المدمرة التي تنجم عن الوقوع في فخ فئة من المتربصين والانتهازيين، الذين تدفعهم نزعات منحرفة لاستدراج الآخرين في فخ الابتزاز، مشيراً إلى دراسة مسحية أجريت، ترتكز عبر مشروع موسع ينقسم إلى مرحلتين، الأولى وقائية وتركز على كيفية حماية الحسابات الشخصية لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتأمين البريد الإلكتروني ضد الاختراق، في حين تركز المرحلة الثانية على ما بعد المشكلة، وتتناول كيفية التعامل في حال حدوث أي تسريب للبيانات والمعلومات، أو تعرض أي فرد لتهديد وابتزاز.
مريم العلاي: العالم الإلكتروني سلاح ذو حدين
أشارت الإعلامية مريم علاي إلى أن العالم الإلكتروني ومنصاته العديدة سلاح ذو حدين، لا سيما مع التطور والانفتاح الرقمي الهائل، لافتة إلى ضرورة أن تكون الممارسات الإلكترونية مسؤولة وإيجابية.
وأكدت علاي أن الطفل محور اهتمام أساسي في إمارة الشارقة، من خلال الدعم المستمر والبرامج والمبادرات والأنشطة التي تضمن بناء جيل واعٍ.
ولفتت إلى ضرورة المتابعة المستمرة من الأسرة لضمان عدم التأثر السلبي، خصوصا لفئة الأطفال، مع تحديد آليات وساعات الاستخدام بما يضمن عدم تأثر الحياة الاجتماعية للطفل والتأثيرات النفسية السلبية لذلك.
ووفقاً لمجموعة التوصيات التي خرج بها المتحدثون في الجلسة الرمضانية التي عقدها نادي الشارقة للصحافة فقد اتفق الجميع على تعزيز الجهود الإعلامية التي تساهم في التوعية، وعدم إغفال الأهل لدورهم في حماية الطفل من مخاطر الاستخدام الإلكتروني الخاطئ للأبناء، وضرورة نشر الوعي بسرعة إبلاغ الجهات المختصة عن جرائم الابتزاز الإلكتروني والتي تتعامل معها تلك الجهات المعنية بمنتهى السرية، مع أهمية نشر الوعي بالتوازن بين الاستخدام الإلكتروني والحياة الاجتماعية الطبيعية.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg
جزيرة ام اند امز