الدستور يكفل الحريات المدنية للجميع، وقبله القيم تحترم كل حق إنساني أصيل، والتشريعات تعزز العدالة والمساواة والتسامح.
هكذا تسير منظومة حقوق الإنسان في وطن الإنسانية، الإمارات، لتتبلور بشكل أكثر نضوجاً وثقة عبر إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، فيصبح العمل منظماً وممنهجاً لضمان الحريات كافة.
ما حقوقُ الإنسان في المفهوم الدولي العام؟ وهل تختلف هذه الحقوق حسب جغرافيا المكان والأعراف والأديان والخصوصية الحضارية والتاريخية؟!
إنْ كانت كذلك، فدينُنا منذ زمن بعيد يُقر بألا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
ويبقى الأصل في حقوق الإنسان أنها لا تقبل القسمة على اثنين ولا تتجزأ، فالكل سواسية فيها كما في الواجبات، لذلك حينما يُسلب حق من هذه الحقوق تختل معادلة السلام والتوازن بين الشعوب والدول، وتكون شرارة للأزمات والصراعات وغيرها، ولكن ماذا عن التنوع الطبيعي، الذي جُبلت عليه الفطرة الإنسانية؟!
دولتنا الوطنية اليوم تُنشئ أول وزارة للتسامح والتعايش السلمي وتطلق لجنة الأخوة الإنسانية وتحتضن مئتي جنسية، وأبواب المساجد فيها تقابل أجراس الكنائس في لُحمة إنسانية تذوب فيها كل الفوارق، والغطاء التشريعي هنا يضم منظومة من السياسات والقوانين لحماية حقوق العمال والطفل، والمرأة، وكبار السن، وأصحاب الهِمم والسجناء.
ولا أدل على ذلك من الإجراءات والمبادرات، التي تخص كل فئة على حدة، ويدوّنها أرشيف المؤسسات والذاكرة كذلك.
تأتي خطوة إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان مهمة في هذا الوقت تحديداً، فموقف الدولة خلال جائحة كورونا كان خير دليل على ما يمكن أن تقدمه الإمارات من خدمة للإنسانية جمعاء ويكون بمثابة بصمة نور في هذا الملف الحساس عموماً، والذي اعتاد أن ينظر إلى المنطقة بشكل أحادي.
وتستعد دولة الإمارات للترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة من 2022 إلى 2024، وهي في السابق قد شغلت عضوية مجلس حقوق الإنسان لفترتين متتاليتين من 2013 إلى 2018، عملت خلالهما على دعم أجندة المجلس، لا سيما في مجالات تمكين المرأة وحقوق الطفل وأصحاب الهِمم، إلى جانب الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
تزدهر الرؤى والقوانين المحدثة أخيراً في التعاملات المدنية وغيرها ليكون المسار واضحاً للجميع في هذا الملف، بحيث يصبح الوطن مفتوحاً للكل، عبر تعددية ثقافية تحافظ على الخصوصية والهوية.
وهنا لا بد من تحقيق مسارات متوازية تضمن السير العادل لقيم المجتمع وما قد يطرأ من تحديثات عليها، وهذا أمر طبيعي في سبيل الوصول إلى نموذج الدولة العصرية، التي يتعايش تحت ظلها الجميع بخير وسلام، وتتحد الأيادي لتحقيق تنمية يشترك فيها المواطنون والمقيمون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة