منظمات ومثقفون: تركيا تحاصر الأدباء باتهامات مُغرِضة
النيابة العامة بتركيا تجري تحقيقات مع عدد من الكُتّاب البارزين، في مقدمتهم أليف شافاق، بناءً على طروحاتهم الروائية.
تُجرِي النيابة العامة بتركيا، سلسلةَ تحقيقات مع عدد من الكُتّاب والروائيين البارزين، في مقدمتهم الكاتبة التركية أليف شافاق، وهي خطوة وصفها مدافعون عن حقوق الإنسان بأنها "تهديد واضح لحرية التعبير".
وتأتي هذه التحقيقات بعد مناقشات جرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول المواضيع التي يعالجها الروائيون في أعمالهم، ومن بينها "استغلال الأطفال"، و"العنف الجنسي".
وكان الأسبوع الماضي قد شهد نشْر مقطع من رواية جديدة للكاتب التركي عبدالله شفيقي، رفعت على إثره وزارة الثقافة والسياحة التركية دعوى قضائية ضدّ المؤلف.
وحسب ما نقلته أحد المواقع التركية، فإن المقطع المُتدَاول يسرد تجربة شخص يعتدى جنسياً على طفل صغير.
وتوجَّهت نقابة المحامين التركية بشكوى إلى الحكومة، مُطالبةً بسحب الكتاب ومصادرته مع معاقبة المؤلف والناشر، بزعم "إساءة معاملة الأطفال والتحريض على أعمال إجرامية"، ومن هذا المنطلق تم احتجاز الكاتب وناشره.
من جانبها قالت شافاق إنها تلقت آلاف الرسائل المسيئة على مدار اليومين الماضيين، كما أن أحد العاملين بالنيابة العامة طلب منها فحص روايتها "بنات حواء الثلاثة" التي نُشِرت عام 2016.
وأضافت: "السلطات تريد أن تتحرّى عن أي مقاطع مذكورة في الروايات، تتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال.. تريد القيام بهذا الأمر في الوقت الذي تشهد خلاله البلاد أعلى معدلات للتحرّش والعنف الجنسي ضدّ النساء والأطفال، ولم تتخذ المحاكم التركية أي إجراء من قبيل تغيير القوانين لمحاربة التحرّش، بل كان البديل مطاردة الكُتّاب والروائيين".
واعتبرت مديرة منظمة القلم الإنجليزية، أنتونيا بيات، إن المنظمة المعنية بحرية الرأي والتعبير تشعر بقلق شديد إزاء التهديدات التي تلاحق الكاتبة التركية أليف شافاق.
وتابعت: "إنها أديبة موهوبة للغاية، كما أن الخيال أو التعليق على العالم الذي نعيش فيه لا ينبغي أبداً أن يكون جريمة"، مضيفةً: "إن حرية التعبير في تركيا تشهد تراجعاً خطيراً وتهديداً متزايداً، حيث يوجد كثير من الكتاب داخل السجون، بينما أُجبِر آخرون على ترك البلاد".
وفي عام 2006، وجَّهت المحكمة تهمة "إهانة تركيا" للكاتبة بعد أن ذكرت في روايتها "لقيطة إسطنبول" أن مذبحة الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى كانت إبادةً جماعيةً.
وترى شافاق أن السلطات لا تفرّق بين الواقع والخيال، فإذا تناول الكاتب موضوعاً ما مثل إساءة معاملة الأطفال أو العنف الجنسي، أو التحرّش يعتقد الحاكمون أنه يدافع عن هذه الممارسات.
وأفادت: "الأمر على خلاف ذلك تماماً، فقد ناضلتُ طوال حياتي من أجل حقوق المرأة والأطفال والأقليات، ولذلك توجيه هذه الاتهامات لي يفتقد أي أساس من الصحة، كما أن توجيه الاتهامات يعني أن الكُتّاب لا يمكنهم الحديث أو طرح هذه الأمور بعد ذلك".
وقال الناشر دوجان كيتاب، إن شافاق كانت دائماً كاتبة للنساء والأقليات ومدافعةً عنهم، مؤكداً أن: "التحرّش وإساءة استغلال الأطفال جنسياً بمثابة جروح يعاني منها المجتمع، ومن الطبيعي أن يتطرّق الأدب إلى مثل هذه المشكلات"، مشيراً إلى أن أليف شافاق تعدّ واحدةً من أفضل من ناقشوا المواضيع المذكورة.
ووفق منظمات مكافحة زواج القاصرات، يوجد في تركيا أعلى نسبة لمعدلات زواج الأطفال بأوروبا، فـ15% من الفتيات متزوجات قبل سن 18 عاماً، و1% قبل سن الـ15.
وأليف شافاق من مواليد 1971، وهي روائية تكتب باللغتين التركية والإنجليزية، وتُرجِمت أعمالها إلى ما يفوق 30 لغةً أبرزها "قواعد العشق الأربعون" سنة 2010.
ونُشِر لها 12 كتاباً، 8 منها روايات باللغتين التركية والإنجليزية، وباعت من "قواعد العشق الأربعون" حوالي نصف مليون نسخة، فأصبح بذلك الكتاب الأكثر مبيعًا في تركيا.
ونالت روايتها "النظرة العميقة" جائزة اتحاد الكتاب التركيين عام 2000، كما حقّقت روايتها "قصر القمل" مبيعات عالية في تركيا، وتبعها كتاب "المد والجزر" الذي يناقش مكانة المرأة والرجل ومواضيع الذهن والأدب.
وسنة 2006 أصدرت رواية "لقيطة إسطنبول" باللغة الإنجليزية، وتتمحور حول قضية الأرمن، ما أدى إلى ملاحقتها قضائياً، لكنّ التُهم أسقِطت عنها لاحقاً.