في حديث صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، فنصرة الأخ كما قال رسول البشرية، تعني أن "تحجره وتمنعه عن الظلم"، أي إذا أراد الأخ الظالم أن يظلم أحدا فينبغي على الأخوة أن يقولوا له: لا، كفى، قف، أي ينبغي على إخوته وأشقائه أن يمنعوه ع
في حديث صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، فنصرة الأخ كما قال رسول البشرية، تعني أن "تحجره وتمنعه عن الظلم"، أي إذا أراد الأخ الظالم أن يظلم أحدا فينبغي على الأخوة أن يقولوا له: لا، كفى، قف، أي ينبغي على إخوته وأشقائه أن يمنعوه عن ظلمه وعن جبروته وتعنته، بل ينبغي أن يعينوه على نفسه وعلى شيطانه وعلى هواه الباطل.
وهذا ما قام به الأشقاء تجاه الشقيق الأصغر، فلم تقصد الإمارات والسعودية والبحرين ومصر بالشعب القطري الشقيق سوءاً أبداً حين اتخذت هذه الدول قرار المقاطعة، رداً على التصرفات الخرقاء والرعناء التي تقوم بها الحكومة القطرية والتي فاقت الحد، ولم يعد من الحكمة ولا الحصافة ولا المصلحة أن تُترك على حالها هذا، بل إن هذا القرار يصب أولاً وأخيراً، وعلى المديين المتوسط والبعيد، في مصلحة الشعب القطري، لأنه يرد حكومته إلى صوابها، ويمنعها من أن تبدد المزيد والمزيد من أموال الشعب ومقدراته في الشر والضغينة والإرهاب.
وهذا ما ذهب إليه معالي عادل الجبير وزير الخارجية السعودي عندما قال: "نحن نؤمن بمبدأ انصر أخاك إذا كان على صواب أو على خطأ، فإذا كان على صواب فينبغي دعمه، أما إذا كان موقفه على خطأ، فينبغي دعمه، من خلال مناصحته لكي يتخذ المواقف الصائبة، ونحن لم نتخذ قرار المقاطعة إلا بألم كبير، ولمصلحة قطر ومصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة".
إن قطر التي تمتلك ثالث احتياطي من الغاز في العالم، ولديها وفورات مالية راكمتها عبر سنوات من حصيلة بيع النفط والغاز، لم تُدرك حكومتها أن ما تحت يدها من مال يجب أن يذهب إلى الشعب القطري أولاً، ثم تمتد هذه اليد بالخير إلى بقية الدول التي تحتاج إلى مساعدات وإعانات كي تبني وتعمر وتتقدم، لكن ما جرى وللأسف كان العكس تماماً، إذ ذهبت الأموال الطائلة إلى التخريب والتدمير والقتل، بمساعدة الإرهابيين وتوفير غطاء سياسي ومالي لهم، وخدمتهم إعلامياً من قبل شبكة إخبارية ضخمة تدعى "الجزيرة".
ولعل حالة وموقف قناة "الجزيرة" تلك تقدم برهاناً ناصعاً على ما نذهب إليه هنا، فتلك القناة لم تقدم منذ انطلاقها في عام 1996 وجهاً قطرياً إلى العالم العربي في أي مجال من المجالات!!! بدءاً من الرياضة وانتهاء بالتحليل السياسي مروراً بعالم الكتابة الصحفية والأدبية. فالقناة التي تموّلها أموال القطريين، دون إرادة منهم ولا رغبة، تصنع نجومية أناس آخرين، غير قطريين، لأنهم يندرجون ضمن المشروع الذي تعمل الدوحة على خدمته، والذي يتناقض مع مصالح الشعب القطري الوطنية منها والمادية، وسلامته وسكينته وأمنه.
ما أقدمت عليه الإمارات والسعودية والبحرين ومصر هو في صالح الشعب القطري، وقد يكون في صالح حكومته لو أن لها عقلاً فهيمًا وبصيرة نيّرة
ولعل قرار المقاطعة ينبه قطر إلى أشقائها الذين أساءت إليهم، وخطورة ما تفعله، فتعود إلى رشدها قبل فوات الأوان. فقطر إن تُركت دون عقاب، أو دون أن تجد من يضرب على يدها لينبهها، فليس هناك ما يمنعها من التمادي ثم التمادي في الطريق الذي سلكته بما قد يؤدي في المستقبل إلى إضرارها بمصالح أي من الدول الكبرى، ووقتها سيكون العقاب قاسياً، وسيدفع الشعب القطري الشقيق المغلوب على أمره ومنذ سنوات طويلة ثمناً باهظاً، لا قِبل له به.
فمجرد التعامل مع الشبكات الإرهابية هو خطر داهم في حد ذاته سيعود بضرر بالغ على من يمد لها يد العون أو يتعامل معها، فما بالنا بمن يزودها بالمال والسلاح والمعلومات. فماذا لو أن إحدى هذه الجماعات أو التنظيمات، المشمولة برعاية قطرية، وهم كثر، قد نفذت خلية منها عملاً إرهابياً في المستقبل في عقر دار الولايات المتحدة أو فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين؟ ثم تم القبض على هذه الخلية واعترفت بأن لها صلة بالحكومة القطرية. أليس هذا سيقود قطر إلى التهلكة؟ فتفرض عليها عقوبات دولية شديدة، أو يقدم قادتها إلى المحاكم الدولية، أو ترد هذه الدول بالمثل فيطول الإرهاب قطر، أو يتطور العقاب إلى ما هو أشد من هذا وأنكى؟
لكل هذا فإن ما أقدمت عليه الإمارات والسعودية والبحرين ومصر هو في صالح الشعب القطري، وقد يكون في صالح حكومته لو أن لها عقلاً فهيمًا وبصيرة نيّرة. فتلك الإجراءات العقابية تعطي فرصة لحكومة الدوحة أن تراجع حساباتها جيداً، وأن تقف قبل أن تنزلق إلى منحدر لا تحمد عقباه.
وأخيراً نقول لقيادة قطر، إذا ما كابرت وأصرّت على موقفها المتعنت والظالم للشعب القطري، برفض قائمة المطالب التي تقدمت بها الدول العربية، وهذا ما نتوقعه ونراه واضحاً، نقول نحن أبناء الشعوب الخليجية والعربية، ما قاله سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في قصيدته الشهيرة "الدرب واضح":
والـدرب واضــح منهجــه بالعيانـــي والبـاب مفتـــوح ومحــــــدد مكانـــــــــــــــــه
ودرب إلى الرحمـن خيــــــر وجنانـــــــي أحسن من الشيطان وأهل الشطانه
وإن مابغيتوا دربنـا بامتناني فكـل واحد له طريجه وشانه
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة