"بولارشتيرن" تعود بأسرار ثمينة عن الجليد القطبي.. ذوبان بسرعة هائلة
خلال 389 يوما، عكفت هذه المهمة التي أطلق عليها اسم "موزاييك" على دراسة كلّ من الغلاف الجوي والمحيط والكتلة الجليدية والنظام البيئي.
بعد سنة من الأبحاث في القطب الشمالي، تعود أكبر مهمة علمية تنفّذ في هذه المنطقة إلى ألمانيا، الإثنين، منبّهة من ذوبان الكتلة الجليدية في المنطقة القطبية الشمالية "بسرعة هائلة".
وبحكم انتشار وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، لن تلقى عودة كاسحة الجليد "بولارشتيرن" التابعة لمعهد ألفريد-فيجنر إلى مرفأ بريمرهافن في شمال غرب ألمانيا تغطية واسعة.
لكن البيانات الوافية التي جمعتها الفرق الدولية خلال الأشهر التي أمضتها السفينة في المياه المتجمّدة في القطب الشمالي تعد بإفشاء معلومات قيّمة عن التغيّر المناخي.
وقد تسنّى لعلماء خلال الصيف أن يعاينوا بأنفسهم مدى انحسار الكتلة الجليدية في هذه المنطقة التي يعتبرها الخبراء "بؤرة الاحترار العالمي"، بحسب ما قال عالم الفيزياء والمناخ، رئيس المهمة ماركوس ريكس.
نماذج مناخية
وقال ريكس "رأينا مساحات كبيرة من المياه السائلة تصل إلى القطب تقريبا محاطة بجليد تنتشر فيه الثقوب نتيجة ذوبان كثيف"، مؤكدا أن "الكتلة الجليدية في المنطقة القطبية الشمالية تذوب بسرعة هائلة".
وهذا الاستنتاج مدعّم ببيانات أقمار اصطناعية في الولايات المتحدة كشفت أن الكتلة الجليدية انحسرت بعد ذوبانها في ثاني أصغر مساحة تسجّل على الإطلاق بعد تلك التي سجّلت في العام 2012.
وفي خلال 389 يوما، عكفت هذه المهمة التي أطلق عليها اسم "موزاييك" على دراسة كلّ من الغلاف الجوي والمحيط والكتلة الجليدية والنظام البيئي لجمع معطيات من شأنها تقييم تداعيات التغيّر المناخي على المنطقة والعالم أجمع.
ومن المرتقب أن يستغرق التحليل الكامل لهذه المعطيات الثمينة سنة أو سنتين ويقضي الهدف باستنباط نماذج لاستشراف المناخ بغية تحديد كيف ستكون موجات الحرّ والأمطار الغزيرة والعواصف مثلا في خلال 20 أو 50 أو 100 سنة.
وقالت راديانس كالمر، الباحثة في علوم الغلاف الجوي في جامعة كولورادو التي شاركت في هذه المهمة بين يونيو وسبتمبر 2020 "نحن بحاجة إلى بيانات من داخل الموقع لاستحداث نماذج مناخية".
وأوضحت "قمنا بقياس الحرارة والرطوبة والضغط وسرعة الرياح" بواسطة طائرة مسيّرة، ما من شأنه أن "يعطينا فكرة عن الغطاء الجوي تساعدنا كثيرا على وضع نموذج مناخي".
ومنذ انطلاق البعثة من ترومسو النرويجية في العشرين من سبتمبر 2019، واجه العلماء أشهرا طويلة من الظلام المطبق ودرجات حرارة تتدنّى إلى 39,5 درجة تحت الصفر وتلقوا زيارات من نحو 20 دبّا قطبيا.
وفي الربيع أتى وباء (كوفيد-19) ليزعزع سير المهمة واضطرت الفرق للبقاء شهرين إضافيين في القطب الشمالي.
تحدّ لوجستي
وفي المجموع، شارك في هذه المهمة مئات الخبراء والعلماء من 20 بلدا أقاموا على متن السفينة التي سارت مع التيّار المحيطي الممتدّ من الشرق إلى الغرب في المحيط المتجمّد الشمالي.
وبغية إتمام الأبحاث على أفضل وجه، أرسي مخيّم في الكتلة الجليدية مؤلّف من 4 محطات علمية في شعاع يمتدّ حتّى 40 كيلومترا حول السفينة.
وعكف باحثون أيضا على سبر أغوار الحياة تحت الجليد، جامعين عينات من الماء بغية تحليل العوالق النباتية والبكتيريا ودراسة تفاعل النظام البيئي البحري مع الظروف القصوى بشكل أفضل.
وتعود هذه المهمة التي بلغت كلفتها 140 مليون يورو وهي تحمل في جعبتها أكثر من 1100 عيّنة جليدية.
ولم يكن هذا المشروع مجرّد تحدّ علمي، فهو شكّل أيضا تحدّيا على الصعيد اللوجستي. فقد خزّنت في السفينة 14 ألف بيضة وألفا ليتر من الحليب و200 كيلوجرام من اللفت السويدي (روتاباغا) خلال الأشهر الثلاثة الأولى بمبادرة من طاه يدرك مسؤولياته خير إدراك.
وقال سفين شنايدر في تصريحات لصحيفة "دي تسايت" إن "مهمتي تقضي بالحفاظ على معنويات نحو مئة شخص يعيشون في ظلام مطبق".
aXA6IDE4LjE4OC4yMDUuOTUg
جزيرة ام اند امز