أيسلندا تخلد اختفاء أول نهر جليدي
الباحثون يوعون السكان بشأن انحسار الأنهار الجليدية وتداعيات التغير المناخي من خلال اللوحة التي كتب عليها بأحرف مذهّبة "رسالة للمستقبل"
دشّنت أيسلندا، الأحد، لوحة تذكارية مخصصة لأوكيوكول، أول نهر جليدي اندثر في الجزيرة بسبب التغير المناخي، في خطوة الهدف منها تسليط الضوء على تداعيات الاضطرابات المناخية.
وقالت رئيسة الوزراء الأيسلندية كاترين ياكوبسدوتير، في خطاب مقتضب: "آمل في أن تشكّل هذه المراسم مصدر إلهام ليس في أيسلندا فحسب، بل أيضا في بقية العالم، لأن ما نشهده مجرّد ناحية واحدة من النواحي المتعددة للأزمة المناخية".
اختار الباحثون الأيسلنديون وزملاؤهم من جامعة رايس الأمريكية القائمة على هذه المبادرة وضع اللوحة التذكارية على إحدى الصخور المحيطة بالموقع السابق للنهر الجليدي، ودشّنوها أمام حشد ضم مئات العلماء والشغوفين بقضية المناخ.
ومن خلال هذه اللوحة التي كتب عليها بأحرف مذهّبة بالإنجليزية والأيسلندية "رسالة للمستقبل"، يأمل الباحثون بإذكاء الوعي في أوساط السكان إزاء انحسار الأنهر الجليدية وتداعيات التغير المناخي.
دوّن على اللوحة "كلّ أنهرنا الجليدية ستشهد المصير عينه خلال 200 عام مقبلة، وهذا المعلم يشهد على أننا ندرك ما يحصل وما يجب فعله، وأنتم وحدكم تعلمون إذا ما قمنا بالواجب"، في إشارة إلى الأجيال المقبلة.
وقال أندري سنير ماجناسون الكاتب الأيسلندي الذي صاغ هذا النصّ: "عندما يُطلب منكم كتابة أمر مماثل، تعتمد مقياسا زمنيا مختلفا، كما لو كنا نرسل النصّ إلى القمر أو نحو كوكب آخر".
تحمل اللوحة أيضا عبارة "415 جزءا من المليون من ثاني أكسيد الكربون"، في إشارة إلى المستوى القياسي المسجّل في مايو/أيار الماضي لتركّز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّي.
وقال يوليين فايس، الأستاذ المحاضر في الدينامية الهوائية الذي سافر مع زوجته وابنهما البالغ من العمر 7 سنوات لحضور هذه المراسم: "لا نشعر بالتغير المناخي بوتيرة يومية، فهي ظاهرة تحدث ببطء شديد على الصعيد البشري لكن بسرعة كبيرة على الصعيد الجيولوجي".
تغطي الأنهر الجليدية 11% من مساحة أيسلندا، وهي من السمات البارزة في هذه الجزيرة التي تم استيطانها قبل 1200 سنة.
تخسر أيسلندا كل سنة 11 مليار طن من الجليد تقريبا، ويخشى العلماء اندثار 400 نهر جليدي بهذه الجزيرة في غضون مئتي سنة.
امتد أوكيوكول، من أصغر الأنهر الجليدية في أيسلندا، على 16 كيلومترا مربعا في عام 1890 قبل انحسار مساحته إلى 0.7 كيلومتر مربع سنة 2012، بحسب ما أفاد تقرير صدر عن جامعة أيسلندا 2017.
في 2014، "تقرّر أن أوكيوكول لم يعد نهرا جليدا، بل إنه مجرّد جليد غير صالح لا يتحرّك من مكانه"، وفق عالم الجيولوجيا أودور سيجوردسون الذي درس النهر الجليدي هذا.
وفي تلك السنة، لم يعد أوكيوكول مصنفا في عداد الأنهر الجليدية بالبلد، في خطوة كانت الأولى من نوعها في أيسلندا.
لإدراج موقع ما في قائمة الأنهر الجليدية، ينبغي أن تكون كتلة الجليد والثلج "كثيفة بما فيه الكفاية ليتسنّى للمرء التنقل عليها"، أي بسماكة تتراوح بين 40 و50 مترا، وفق ما أوضح العالم.
وتفقد نصف المواقع المدرجة في قائمة التراث العالمي أنهرها الجليدية بحلول 2100، إذا ما استمرت انبعاثات غازات الدفيئة على هذا المنوال، بحسب ما جاء في دراسة نشرها الاتحاد الدولي للطبيعة في أبريل/نيسان.