معسكر القرن.. عملية سرية أمريكية على طريقة "جيمس بوند"
على طريقة أفلام "جيمس بوند" واسعة الانتشار، فكرت الاستخبارات الأمريكية في شبكة قاتلة لإطلاق الصواريخ النووية إبان الحرب الباردة.
في يوم صافٍ وبارد من شهر مايو/أيار 1959 كان ضابطان من الجيش الأمريكي يرتديان ملابس قطبية، يحدقان من خلال نظارتيهما الشمسية في الأفق الأبيض اللامتناهي أمامهما.
قبل أن يقترب العقيد جون كيركرينج والنقيب توماس إيفانز أمام حاملات الجنود في القطب الشمالي، حيث قاما بأخذ قياسات لمنشأة عسكرية جديدة سيتم دفنها تحت الغطاء الجليدي في جزيرة غرينلاند المتجمدة، أطلقوا عليها اسم "معسكر القرن".
وفي هذه الفترة، كانت المنشأة المقترحة في شمال غرب غرينلاند توصف علنا بأنها "مركز أبحاث في القطب الشمالي يعمل بالطاقة النووية" يقع في برية من الجليد والثلوج.
لكن السبب الحقيقي وراء إنشاء القاعدة كان بناء وصيانة شبكة سرية من الأنفاق وصوامع الصواريخ المتصلة بعربات السكك الحديدية المعروفة باسم "عملية الدودة الجليدية".
كانت تلك أيام متوترة بشكل خاص بسبب التنافس بين القوى النووية، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ما دفع القادة العسكريين إلى التخطيط باستمرار لطرق جديدة للتغلب على الجانب الآخر.
واعتقد المخططون في البنتاغون أنه من خلال نقل 600 صاروخ من طراز "آيس مان" المزودة برؤوس نووية ذهاباً وإياباً بين 2100 صومعة في شبكة "الدودة الجليدية"، فإنهم قد يتمكنون من إبقاء نظرائهم في الاتحاد السوفياتي في حالة ارتباك دائم.
يقول إيفانز في تعليق صوتي لفيلم للجيش الأمريكي، صدر عام 1960، ويوثق المهمة الكشفية للموقع: "كنا بحاجة إلى سطح مستو به أقل من درجة انحدار واحدة"، مضيفا: "وهذا من شأنه أن يقلل من مشاكل البناء من خلال تمكيننا من الحفاظ على جميع أنفاقنا على نفس المستوى".
وبمجرد تحديد الموقع قطع المئات من المهندسين والفنيين العسكريين مسافة 150 ميلًا من قاعدة ثول الجوية الحالية على طول الساحل الشمالي الغربي لغرينلاند إلى موقع معسكر القرن.
وبين 1959 و1961 حفر هؤلاء مئات الأقدام في الثلج المضغوط، وشكلوا مدينة تحت الأرض بها أماكن للنوم ومختبرات ومكاتب ومحل حلاقة ومغسلة ومكتبة ومراحيض لـ200 جندي.
لم يكن الجمهور الأمريكي على علم بالمشروع، حتى نشر تحقيق أجراه البرلمان الدنماركي وثائق حول المشروع السري في عام 1997، لكنهم كانوا يعرفون عن معسكر الأبحاث (غطاء المشروع السري).
وعلى الرغم من دعاية الحرب الباردة والإنجازات الهندسية المذهلة في الموقع، إلا أن المنشأة المغطاة بالجليد تحت الأرض لم تنجح في نهاية المطاف.
إذ جرى إيقاف العملية بالكامل لأن جدران الثلج والجليد استمرت في التحرك، مما أدى إلى الضغط على المسارات التي تحمل عربات الصواريخ.
وبحلول عام 1966 تخلى الجيش الأمريكي عن معسكر القرن تماما.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg جزيرة ام اند امز