أي مصالحات في المنطقة إذا استمرت تعتمد على نفس العناصر والقواعد واللاعبين دون تغيير جوهري فإنها سوف تؤدي إلى حالة من استمرار النزيف
كل الحروب، ذات يوم، قرب أو بعد، تنتهي إلى نوع ما من التسوية السياسية.
ويظل دائماً السؤال هو: متى وكيف ولماذا وبأي ثمن تتم هذه التسوية؟
نحن في وضع لا توجد فيه «قوة مرجحة» في الحسم من حصار «حفتر» لطرابلس إلى الخلاف مع قطر إلى التصعيد الشرير من قبل تركيا إلى الامتدادات الإيرانية في المنطقة وصولاً إلى الإرهاب التكفيري الذي ابتلينا به في المنطقةوهناك فارق جوهري بين التوصل إلى تسوية وبين اللجوء إلى الاستسلام والإذعان الكامل للأمر الواقع عقب هزيمة عسكرية كاسحة، مثال: استسلام اليابان عقب القنبلة النووية الأمريكية، واندحار الفاشية عقب سقوط موسوليني، وتقسيم ألمانيا عقب انتحار أدولف هتلر.
الآن، نحن نعيش صراعات معقدة التفاصيل لا يوجد فيها حسم عسكري ولا يوجد منتصر كامل إزاء مهزوم كامل.
نحن في وضع لا توجد فيه «قوة مرجحة» في الحسم من حصار «حفتر» لطرابلس إلى الخلاف مع قطر إلى التصعيد الشرير من قبل تركيا إلى الامتدادات الإيرانية في المنطقة وصولاً إلى الإرهاب التكفيري الذي ابتلينا به في المنطقة.
«لا حسم عسكرياً سريعاً» يؤدي، في حالة غياب العقل والإرادة، إلى إطالة أمد الصراع العسكري.
المعادلة المخيفة التي نحياها منذ فترة هي:
1- لا حسم عسكرياً كامل.
2- لا تأثير نهائياً لعقوبات.
3- وجود مصالح شريرة تغذي بعض الأطراف على استمرار الصراع.
4- استمرار ذات العقلية وذات المواقف لأنها تعبر عن ذات اللاعبين الذين لا يتغيرون شخصياً أو لا تتغير مواقفهم المبدئية.
هنا نقول «ما دامت لدينا نفس قواعد اللعبة ونفس اللاعبين فإن اللعبة -للأسف- مستمرة دون أي حسم عسكري أو تسوية سياسية».
إنها حالة مطلوبة إقليمياً ودولياً بإلحاح حتى يستمر الجرح النازف في جسد هذه المنطقة، كي يدمر اقتصادات وجيوش وكيانات المنطقة بهدف إسقاط مشروع الدولة الوطنية تمهيداً لفوضى شاملة تؤدي إلى التقسيم إلى دويلات.
لذلك كله نقول إن ملفات أي مصالحات في المنطقة إذا استمرت تعتمد على نفس العناصر والقواعد واللاعبين دون تغيير جوهري فإنها سوف تؤدي إلى حالة من استمرار النزيف.
لن تتغير إيران ما دام حكم الحوزة الدينية مستمراً، ولن تتغير تركيا ما دام أردوغان، ولن تتغير قطر ما دام حُكم «الحمدين»، ولن تتغير إسرائيل ما دام اليمين الصهيوني يسيطر.
أعتذر لكل الذين يتفاءلون بصيغ يتم تسويقها ومبادرات يكثر الحديث عنها، إنها مقدمات لا بد أن تنتهي إلى ذات النهايات.
إذا مشيت في ذات الطريق كل يوم بنفس السرعة ونفس المدة سوف تصل في نفس التوقيت ونفس الوجهة.
إنها مدخلات تؤدي إلى مخرجات، بدايات تؤدي إلى نهايات، جنون مستمر تحركه نفس الشرور والأشرار.
تسوية الضرورة لا توجد ضرورة لاستمرارها.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة